آمنة بلعلي *
- التمثيل الاستعاري للرواية
تدخلنا الروائية اللبنانية هدى عيد من خلال عنوان روايتها: "سلطان وبغايا"، إلى انعطافة تركيبية ساخرة تقوض الصيغة المعتادة السلطان والجواري، ويتشكل عنوان الرواية كميتاسرد تاريخي يعيد إلى الذاكرة تاريخا من الحكايات عن الأمراء والسلاطين، وتفتح أفق القارئ على احتمال أن تكون الرواية تمثيلا بالماضي، أو إسقاطا على وضعية سياسية تتخذ من البغايا أسلوبا تمثيليا للأنثى.
غير أن العتبة التي وضعتها الروائية في بداية الرواية والتي تعرض فيها قولا لابن خلدون نصه: "إذا فسد الإنسان في قدرته ثم في أخلاقه ودينه فسدت إنسانيته، وصار مسخا من الحقيقة"[1]، كما أن التّوضيح الذي ورد في العتبة الأولى والذي نصه: "أن الأسماء والأفراد والعائلات الواردة في الرواية، هي وليدة الخيال والحبكة الروائية، ولا تمت بصلة إلى أرض الواقع"[2]، سوف يقطعان التردّد، ويتمّ تكييف فهمنا العنوان بحسب هاتين العتبتين لتصبح النسبة بين السلطان والبغايا نسبة استعارية يمكن إعادة صياغتها بقولنا (السلطة بغاء). كما يمكن أن نؤول البغاء بالفساد وغياب القيم، فنكون منذ البداية أمام بنية استعارية كبرى تؤطّر كل الرواية، وتشتغل في إطارها ويتوازى المسار الحكائي بالمسار الاستعاري من خلال شخصية البطل سلطان زعتر، وتقاطعها مع مختلف الشخصيات الواردة في الحكاية التي تحكي عنه في الوقت الذي تحكي حكاياتها معه، لنشهد تقاطعًا استعاريًا يجسّد مقولة "السلطة بغاء" الكبرى التي يوحي بها العنوان، وتصبح الرواية، بذلك، استعارة تمثيلية كبرى ننتقل من خلالها من مستوى ضيق هو سيناريو البغاء، إلى مجال أوسع، هو فساد الأخلاق بكل مظاهره وهو المجال التصوري المصدر الذي تنطلق منه الرواية والاستعارة، مثلما ورد في قول ابن خلدون.
يقترن البغاء دلاليًّا بالنساء وبالإغواء باعتباره محاولة في تقويض القيم والأنساق، ويعمل على تفجير النظام الاجتماعي من الداخل، ومثلما ترفض البغي الخضوع للنسق، وتذل حراسه بالتحرر منهم، تبدو السلطة كذلك حين تهيمن وتفرض سيطرتها، وتوظف كل الوسائل لذلك. ومن هنا يكون التواطؤ بين السلطة والبغاء في الشيء الذي يخلصان إليه، وهو الجور والبغي الذي هو قرين البغاء لغويًّا، والتسلط الذي هو نوع من البغي والجور أيضًا.
استنادًا إلى هذه العلاقة بين عناصر المجال المصدر والمجال الهدف، يمكن سحب هذه البنية الاستعارية على الرواية كاملة، لتبرز لنا الاستعارة الأنطولوجية القائمة على تشخيص السلطة باعتبارها فعلا جنسيًّا خارج الإطار القانوني والأخلاقي، ما يجعلنا نتحسّس طبيعة هذه الممارسة كاستعارة تصورية تعدّ مجالاتها صورة ذهنية عرفية يناظر فيها فساد السّياسة فساد البغي، وهذا ما يدفع بنا إلى تصوّر سيناريو السلطة الذي يناظر سيناريو الفساد الذي تبرز عناصره تباعًا على مسار الرواية، وتتجلى في تخطيط ومهمة ووسائل وتنفيذ وهدف وضحية، تؤدي كلها إلى نجاح المهمة؛ لذلك ستكشف لنا الرواية مجموعة من السيناريوهات التي يتقاطع فيها البغاء مع النفوذ السياسي لسلطان زعتر، وبما أن القيم الأكثر جوهرية لثقافة ما تنسجم مع البنية الاستعارية لتصوراتها الأكثر أساسية[3]، فلا غرو أن تكون تصوراتنا نحن كعرب حول الفساد تنسجم مع المحظور الجنسي المتمثل في البغاء، أما النسق الإيجابي لثقافتنا الذي ينسجم مع نمط معين من الاستعارات الذي يجعل القوي عادة ما يكون فوق، ويجعل تصورنا للقوة والسلطة يتخذ اتجاهًا فضائيًّا فوقيًّا، فإنه، وبمجرد اقتران السلطة بالبغاء في هذا العنوان، يدفعنا إلى كسر هذا التصور القبلي، فنمنح السلطة اتجاهًا تحتيًّا لارتباطها بالبغاء، وتصبح استعارة السلطة بغاء، تعني السلطة تحت، وهكذا نجد سلطان يتربع على عرش المنطقة التحتية من خلال سيناريوهات الاعتداء على القيم، تلبية لرغباته، وهو ما عبّرت عنه افتتاحية الرواية بفساد الأخلاق والدين.
ينسحب الإغواء وهو صفة من صفات البغايا على السلطان في قول الزوجة في الفصل الأول: "تزوجني بعد ذلك حبيبتي، لكي يأتي على ما تبقّى منّي، ويسلبني قصر والدي. الشّيطان لا يحب عزيزتي، يغويك ويتركك أشلاء تنهشها ذئاب المكان"[4].
تبدو الرواية، إذن، محاولة تفكيك للقوة المسيطرة في تهديمها للقيم، ومن ثمة، فهي رواية تقوم، من جهة، على تفكيك مؤسسة النفوذ، ومن جهة أخرى، فهي محاولة لتجاوز الصيغة النمطية لما يسمّى الأدب النسوي الذي ظل يتأرجح بين صورة تمثيل القهر والألم الذي تعيشه الأنثى، وصورة الاستفحال التي نراها تتكرّر في معظم الكتابات، وتطبع رواية المرأة بطابعه؛ لذلك لا تشكّل هذه الصورة إلا جزءًا هامشيًّا في الرواية، على الرغم من أن البنية السّطحية تحكي حكاية نساء ضحايا لسلطان، إلا أن ذلك لم يكن إلا ذريعة سردية لرسم البطاقة الدلالية لسلطان زعتر، وكيف تتخفّى الهيمنة والقوة من خلال ضحاياه من النساء وحتى من الرجال والأطفال، لتمثّل علاقات القوة والهيمنة المخفية في كل المستويات وفي جميع المجالات طبيعة المجتمع كله الخاضع لعلاقات القوة هذهطفالأطفال،، لتكون النتيجة في النهاية كيف للل،، وتكون النتيجة في النهاية فرض الطاعة على الآخرين. وهي قوة النظام، وهي من أعظم إنجازات المجتمع البرجوازي كما يرى ميشال فوكو[5].
إن هدى عيد تفضح في هذه الرواية، استراتيجية القوة، من خلال سلطان الوحش والشيطان، وقد قامت بتفكيك كيفية تخندق الشرّ في دواليب السلطة، وهي تمثل طبقة معينة تسيطر على الرأسمال الرمزي في لبنان، ولم يشمل تمثيلها طبقات أخرى تعاني من العوز الاقتصادي في المجتمع.
تبدو هيمنة سلطة "سلطان" من خلال الاسم الذي يمثل الجور والبغي، كما قلنا سابقا، وتتجلى هذه الهيمنة، أيضا، من خلال اهتمام وسائل الإعلام بخبر اختفائه، ووسائل الإعلام هي الوسائط التي تسمح بتمرير خطاب القوة، والاعتراف بسلطتها من خلال الحصول على السبق للحديث عن النخب القوية المؤثرة في المجتمع، ومن ثمة يصبح الإعلام جزءًا من النخبة الرمزية في المجتمع الذي يعيد إنتاج إيديولوجية السلطة المهيمنة.
تمثل الرواية باعتبارها خطابًا، كيف يخدم الخطاب أصحاب النفوذ، لذلك نعتبر رضوخ "زهية" وهي ابنة أخ الملياردير سلطان التي جاءت تبحث عنه من خلف البحار، تمثيلاً للرضوخ لأصحاب النفوذ، لذلك يبدو الحكي كأنه يقوم بدور تمثيلي أساسي لممارسة السلطة من خلال الخطاب التوجيهي والإقناعي الذي تقدمه شخصيات الرواية من معارف سلطان الذين التقت بهم زهية في بحثها عن عمّها، فنراهم يقدّمون الحجج والتبريرات التي تهدف إلى بناء تمثيلات تقنع بأن هناك فردًا واحدًا، وأنهم ضحايا، وتوازي الرواية من خلال سيطرة أصحاب النفوذ على الخطاب، طريقة إنتاج الخطاب، وتنظيمه، "وتمثل هذه التمثيلات حلقة إدراكية أساسية من السلطة الاجتماعية نفسها، وانتاج الخطاب وفهمه ووظائفه الاجتماعية في تنفيذ السلطة"[6]، لذلك نجد شهاداتهم كلها تهدف إلى تحويل مسؤولية ممارسة السلطة، و"السيطرة على عقول الأفراد، إلى سلطة فردية تتمثل في سلطان الذي أساء توظيف السلطة بممارسات غير شرعية لا قانونًا ولا أخلاقًا من أجل تحقيق النفوذ وقد اكتسب هذا النفوذ تدريجيًّا.
- بنية الرواية:
تقوم الرواية كلّها على ما يشبه التحقيق الذي تبحث من خلاله "زهية زعتر" عن عمّها "سلطان" الذي اختفى، والرواية تذكّرنا برائعة جبرا ابراهيم جبرا "البحث عن وليد مسعود"[7]، وتتناص معها في بنيتها حيث تقوم، هي أيضًا، على اثني عشر فصلا، موزّعا بين الرواة، وتفتتح كل منهما على حادثة اختفاء "سلطان زعتر"، واختفاء "وليد مسعود" عند جبرا ابراهيم، وتتمحور رواية جبرا حول شخصية وليد مسعود، وهو المثقف الذي حقق نجاحات باهرة من خلال نضاله، وشبكة علاقاته المعقدة، ويبدأ الحكي بالبحث عنه بعد اختفائه، من خلال ما تقوله عنه الشخصيات الأخرى التي عرفته، لتصبح الرواية استعراضًا لحياته وعلاقاته من خلال الرواة، ويتحوّل الحكي من البحث عن أين وليد مسعود؟ إلى البحث عن من هو مسعود؟ وهو المنحى نفسه الذي اتخذته هدى عيد في روايتها، حيث تمّت إعادة تمثيل البنية السردية لـ"البحث عن وليد مسعود"، لكن لتتحدث عن نموذج آخر هو نموذج صاحب النفوذ والقوة والهيمنة، وليس نموذج المثقف، وتصبح الرواية بمثابة الملحمة السياسية التي قدمتها الروائية ليس عن ملياردير لبناني فحسب، بل عن نموذج للسياسي العربي أيضًا، فتفكك من خلال شخصيته كل أساليب الفساد، لذلك فالشهادات التي قدمها الرواة الذين التقت بهم زهية زعتر، لم تكن إجابة عن حدث اختفائه، بقدر ما قدمت تشريحًا لنفسية الرجل وعقده ومغامراته وصفقاته وتحكّمه في زمام الأمور، ومن خلال هذا التشريح أعاد أولئك الرواة اكتشاف أنفسهم، وأخطائهم وتعثراتهم وتواطئهم مع سلطان.
يغدو حدث الاختفاء، إذًا، ذريعة سردية للدخول في عالم "سلطان بك زعتر" من خلال معارفه من زوجاته إلى عشيقاته وأصدقائه، وعلى الرغم من اختلافهم، إلا أنهم كانوا يتشابهون في مساهمتهم صناعة نفوذ سلطان، وهم يشتركون أيضًا في كونهم وجهات نظر نتعرف من خلالها على سلطان، فيتحوّل البحث عنه، إلى البحث في شبكة صنع النفوذ والقوة والهيمنة.
ينتقل التبئير السردي المشترك على سلطان إلى التبئير على الذات المتكلّمة، فيصبح سلطان الغائب الحاضر والبؤرة التي تدور وتتجمع حولها جميع تبئيراتهم بالتركيز على حيواتهم ومواقفهم وعلاقاتهم به، وتتشابك التبئيرات، ما يجعل القارئ يتساءل مثلما تساءل "جواد حسني" في رواية "البحث عن وليد مسعود" عن أولئك الرواة الذين كانوا يتحدثون عنه:
"عمن هم في الحقيقة يتحدثون؟ عن رجل شغل في وقت عواطفهم وأذهانهم، أم عن أنفسهم، عن أوهامهم وإحباطاتهم وإشكالات حياتهم؟ هل هم المرآة وهو الوجه الذي يطل من أعماقهم، أم أنه هو المرآة ووجوههم تتصاعد من أعماقها ربما هم أنفسهم لا يعرفونها"[8].
يبدو طبيعيا، إذًا، أن يتحوّل البحث عن سلطان إلى البحث عن الشخصيات التي عرفت سلطان وعايشته من النساء الزوجات والعشيقات، والأصدقاء، والتجّار والفنانين، وغيرهم ممن كان شاهدًا على قوة سلطان التي لا تقهر، وهو المتحكّم في دواليب السلطة والمتاجرة في المخدرات والأسلحة، وكل أنواع الهيمنة، وهذا قبل أن ينعكس سيناريو البغي إلى ممثل الطرف الثاني من المعادلة الاستعارية، المتمثل في المرأة، وتصبح المرأة هي من ينفّذ التخطيط، حيث تخونه زوجته السادسة، وتعمل على إذلاله، وتتحقّق فعليًّا اتجاهية الاستعارة: السلطة - تحت، ويكون ذلك سببًا في نهايته واختفائه.
- غياب التفاعل القولي وتخطيب الأفعال:
قامت الرواية على واسطة سردية هي "زهية زعتر" التي يتم تغييبها طيلة عملية البحث، فكل الشخصيات الذين التقت بهم تكفّلوا بالإجابة عن أسئلة وضعوها هم، وكان تغييبها يكافئ اختفاء سلطان، وكأن اختفاءها هو امتداد لاختفائه، وخلافًا للخطاب القائم على التفاعل الحواري، تعتبر طريقة توجيه الأسئلة إلى زهية زعتر، استراتيجية خطابية للهيمنة والتسلّط بالنفاذ إلى الخطاب الذي يقابل النفوذ بالفعل في الواقع. فكل الذين قصدتهم تحوّلوا إلى مستجوبين يهيمنون على الخطاب، وهذا لسبب بسيط، وهو أن حديثهم عن سلطان وحضوره في الخطاب يعتبر تمثيلاً رمزيًّا لممارسة الهيمنة التي كان يتمتع بها ويشاركه فيها هؤلاء، وهذه الهيمنة تعكس سلطة قانونية أيضًا، يتمتع بها هؤلاء الذين شاركوا سلطان في الهيمنة، لذلك، كانت كل الأسئلة التي برمجها هؤلاء خدمة لاعترافات وتبرريات وإعطاء معلومات وتوجيه اتهامات لسلطان، وذلك من خلال تقنية الاسترجاع التي اعتمدوها التي تقوم على مفارقات زمنية، تسهم فيها تدخلات الرواة في كل مرة، حين تؤول ردود أفعال زهية، وهكذا شكّل الاختفاء في رواية "سلطان وبغايا" البؤرة النواة التي انبثقت عنها كل الاعترافات في حركة متشظية تتراوح بين الاعتراف والتذكّر والتبرير، وسمحت للرواية بأن تسير في ثنائية تقوم، من جهة، على الخفاء، وهو ما يجسّد اختفاء سلطان واختفاء صوت المستجوبة زهية، ومن جهة أخرى هناك التجلي والظهور الذي يبرز من خلال بوح الشخصيات وكشفهم عن شخصية سلطان، وبطاقته الدلالية التي ظلت تملأ بالتدريج، فكنّا مع كل شخصية نتعرّف على صفات تضاف إلى الكنية التي أوراها الخبر عن اختفائه، وهي الملياردير اللبناني الكبير سلطان بك. وليس غريبًا، إذًا، أن ينتقل الحكي عن أين هو؟ إلى البحث في من هو سلطان؟ وكلما تقدّمنا في الحكي تبرز إشارات تشرح سبب الاختفاء في الفصول الأخيرة، إلى أن ظهر في الفصل الأخير في قرية نائية أين لقي حتفه. ومن هنا، أيضا، نفهم سرّ تغييب زهية من التفاعل القولي، فقد دخلت الحكي باحثة عن عمّها، لتجد نفسها تستمع إلى الحديث عمن يكون عمّها.
مكّنت الساردة أصحاب النفوذ من تخطيب أفعال سلطان، والانتقال من النفوذ في الواقع إلى النفاذ إلى الخطاب، بجعلهم يتكلمون على سلطان، ويقدّمون شهاداتهم من خلال ذكرياتهم معه، ومن مظاهر هذا النفاذ والهيمنته على الخطاب ما يلي:
· التخطيط بمدخل الخطاب، وذلك من أجل أخذ زمام الحدث الخطابي، ومن ثمّ مثّلت زهية واسطة العبور إلى الخطاب من خلالها، لذلك كان تحميل زهية مسؤولية ما تقوله الشخصيات ظاهرة بارزة، حيث تتكرّر عبارات من قبيل: أنت من أراد أن أحكي، تريدين الحكاية، تذكري أنك أنت من طلب الكلام ولست أنا.
· السيطرة على الحدث التخاطبي، وذلك من خلال إقصاء زهية نهائيًّا من الكلام، كمعادل للإقصاء في الواقع، والسيطرة على تنظيم مجرى الحديث، وذلك حتى في اللحظات التي يحسّ فيها القارئ بانتهاء المقابلة لرد فعل ما من زهية، من قبيل: انزعجت من حديثي هذا، حديثي يزعجك، وسترحلين؟ ابقي معي قليلا.
· تحميل زهية مسؤولية الكشف عن الأسرار، واتخاذ ذلك مبررًا للحكي من قبيل: تسألين عن حادثة طائرة الأموال التي تمّ تهريبها، تريدين مني الآن العودة إلى مدريد، لا أنت مهتمة بلندن أكثر.
· يعكس توقع ردود أفعال زهية تخطيبًا لفعل يمارسه أصحاب النفوذ في السلطة، وهو التأثير في طرائق التفكير، ويمثل هذا التأثير أقصى درجات الهيمنة في الخطاب كما هو في الواقع، ويتجلى من خلال تحديد موضوع الحديث، والسيطرة على الوضع، والتنقل في الخطاب مثلما يريدون، وإنهاء الخطاب في الوقت الذي يريدون...
· تقديم خطاب تبريري، وهذا النوع من الأسلوب يشبه بما يحدث في المحاكمات، فالمحاكمة لم تكن لسلطان فقط، بل كانوا شهودًا ومتهمين أيضًا، لذلك يبرز السعي إلى رسم صورة إيجابية، كما نجد الدوران حول إمكانية تفعيل السلطة القانونية من خلال إدانة سلطان، غير أن لا شيء من هذا حدث في الرواية.
· لم نستمع إلى أقوال زهية، بل تعرّفنا عليها من خلال ما تقوله عنها الساردة، ومن خلال ما يترجم على لسان الشخصيات التي التقت بهم، ولقد بدت هذه الشخصيات مهيمنة على الحكي، مستطلعة لأفكار زهية وما تريد قوله، بل إنها تفترض أسئلتها وتؤول ردود أفعالها وانزعاجاتها، فتبدو حاضرة وغائبة كما يبدو عمّها غائبًا وحاضرًا، على الرغم من ايهام القارئ بأنها هي التي تسأل وتعقّب وتحتج، غير أننا لا نجدها إلا محايدة؛ فقد سمعت من بعضهم شتائم وأوصافًا لعمّها لم تحدث لديها أي رد فعل، لقد كانت تحت وطأة راو عليم مهيمن، لم يكن همّه سوى رسم الملمح النفسي لسلطان بك، من خلال ممارساته.
- البطاقة الدلالية لسلطان بك زعتر بين الحضور والغياب:
تفتتح الرواية بخبر اختفاء سلطان بك الملياردير اللبناني، ويأتي السرد منذ البداية محمّلاً بصيغة الزمن التي لا تقول بالضرورة البداية بحدث ما ينطلق منه الحكي، لكن لتؤكد أن ظاهرة اختفائه متضمّنة الزمن في صلبها، حيث يكتسي الحد وهو هنا سلطان بك، محتوى زمنيًّا في الملفوظ الذي أورد الخبر، ويصير زمن الاختفاء مكوّنا من مكوّنات هويته الزمنية، وبالتالي يصير التحوّل من هيئة الحضور إلى الغياب خاصية مميّزة للذات يشار بها اليه، ويعدّ هذا الأثر خصيصة ملازمة لنشوء أية نواة سردية ولازمة لها[9]، غير أن هذه السيرورة الزمنية لا تشتغل إلا من خلال نقيضها وهو الظهور السابق لحدث الاختفاء الذي نشهد سريانه من خلال تدخلات الرواة، فيصير هذا الحدث سببًا في تحوله مرة أخرى من خلال تسريد الحضور في الخطاب إلى حضور يكون بدوره حدثًا تتراجع لحساب النواة السردية الأساس وهي الاختفاء الذي يتأكد من خلال حادثة موته على الحقيقة، وهو يضفي على حدث الاختفاء صفة الأثر النواة الذي ساهم في بناء الرواية باعتبارها بنية سردية تخييلية تؤطرها استراتيجية الإخفاء والظهور التي تضمن انسجامها وتحقيق القصد منها.
من البداية يرد اسم سلطان موسومًا بالشيطان، مثلما يرد في أول لقاء مع زوجته الأولى في قولها: "تبحثين عن الشيطان؟"، وهي استعارة تصورية، يكون الربط فيها بين الإنسان والشيطان تصورًا معرفيًّا لكائن تحدّى إرادة الله، كما أنها تمثيل لمن يأبى الخضوع ويسعى لإخضاع من حوله بالإغواء والإغراء مثلما يرد في القرآن: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (ص: 82)، فالساردة، هنا، تمنح سلطان بعدًا رمزيًّا يتجاوز التاريخ لتعود من خلاله إلى حبّ التسلّط من خلال قول إبليس عن آدم: أنا أفضل منه، ومن خلال هذه الإحالة التي تغوص في ثقافة القارئ، نتأمل من خلالها كيف تصوغ الثقافة الإنسانية شرّها من خلال المعصية الأولى، واستعارة الشيطان، هنا، قائمة على مزج يقع بين فضاءين أحدهما بشري والآخر لاهوتي، أي إنه مزج كائن بشري (يفكر يتكلم، لديه رغبات، ومقاصد نستحضر هنا إشارة الروائية حفاظه على شيء من بشريته المتمثل في حبّه لابنة أخيه وحبّه زوجته الأخيرة) مع وجود إلهي، وفي الفضاء الإلهي نجد معالم خالدة لإبليس مثل الشر. ولا مبالاته بالموت ولا بالخطيئة، فينصب نفسه فوقها، وكأن الاعتراف بالخطيئة بشكل كلّي ينقص من قيمتها، لذلك يجعل الموت بداية وليس نهاية، لأن اعترافه به كنهاية يعني اعترافًا بتفوق الموت. والمجال الممزوج للشيطان هنا، يبدو لدى الروائية مفصّلا، "إن له رفقاء من نفس التفكير في صورة عصبة من الشياطين، وهم يشكلون معا تنظيمًا هرميًّا مركّبًا من مجموعات اجتماعية، هذا المجال الممزوج هو مترسخ تصوريًّا ولغويًّا"[10].
إن إنشاء هذا الفضاء المزجي في علاقة سلطان بالشيطان سوف تقيم له الروائية شبكة من الإسقاطات التي تنتقي له كل الأفعال الدالة على الشر، فهو "كثور مصارعة اسباني... صاحب الفضيحة الكبرى... كنت فريسته (استعارة سلطان وحش) شرارة العرب، الثعلب سيد الدولار، مسيو دولار، رب الدولار، رجل استثنائي، خرق كل القواعد وهشّم كل المقاييس، رجل مسكون، في جوفه جنّي..."، وغيرها من الصفات التي أثّثت بها الروائية بطاقته الدلالية، إضافة إلى أفعاله وأقواله هو، فهي بذلك تحفّز القارئ إلى عملية مزج تصوري معقدة، كان يجب أن تجد تجلياتها في تعقّد شخصية سلطان، لذلك كانت استعارة سلطان "شيطان وأنه يغويك ويتركك" التي تلفظت بها زوجته في بداية الرواية، عبارة عن مزج يتم تفصيله بعد ذلك في كل الرواية، بين سلطان الإنسان وسلطان الشيطان أو الكائن البشري الذي تحوّل إلى شيطان، لذلك، نجدها توسّع هذا المزيج من خلال من عرفوه وهم الشياطين المتواطئون، وكيف تتواطأ المرأة في صناعة الشر ثم كيف تتحوّل إلى حيّة تقتل ذكرها.
على الرغم من أن القارئ لا يفهم العلاقة بين المجالين المكونين لهذه الاستعارة، إلا إذا مرّ، عبر الاقتضاءات الاستعارية التي يمتلكها القارئ بخصوص عناصر مجال الشيطان، وهي عناصر مترسّخة في الثقافة الإنسانية ولدى كل واحد منّا معرفة سابقة حول معنى الشيطان رسمته لنا اعتقاداتنا وعزّزته سلوكات البشر وتصرّفاتهم اللاأخلاقية حولنا، ما يدل على أن هذا التّصوّر هو من صميم أنساقنا التصوّرية؛ لذلك، عادةً ما يتمّ تصوّر الإنسان الشرّير من خلال الاستعارة الوضعية "الإنسان شيطان"، وهي تعبّر عن الطريقة التي نفهم بها مجال الشّيطان المجرّد في جميع الثقافات اعتمادًا على تصرّفات الإنسان ضد الإنسان، ومن ثمة يصبح النظر إلى الشيطان، هنا، ليس متعلّقًا بما هو غيبي، وإنما بما هو دلالي، وكيف تتشكّل حركة الدلالة التي تجعلنا نقرّ بأهمية هذا المزج التصوّري في الرواية من خلال وحدات الملفوظ السردي وتناميه، تأكيدًا على أن المكون الرمزي يفرض على الذات المبدعة بأن "لا تتصل بموضوعها على نحو مباشر، بل من خلال توسّط الآخر الرمزي؛ وذلك؛ لأن أي موضوع مهما كانت طبيعته لا يهب نفسه إلا داخل فضاء رمزي يصير بموجبه مخترقًا من قبل سنن وأوفاق لا تؤول إلى ذات معلومة (...) ومن ثمة لن يكون النصّ السردي إلا تعبيرًا عن تنامي التوسّط الرمزي"[11].
فليس غريبًا أن نرى، أنّ كل ما سرده الرواة، ينبع من هذا التوسّط الرمزي المرتبط باستعارة الشيطان التي تخترق فاعليتها كل الرواية؛ فنقرأ على مدى تنامي السرد، صيغًا تظل تشتغل من خلال أحد طرفي هذا الناظم الاستعاري وهو الشيطان بكل تحولاته التي توحي بها الأوصاف المذكورة آنفًا. وتتعرّض هذه البنية الاستعارية على طول مسار الرواية إلى عملية تفكيك مستمرة تهيمن عليها مفردات الهيمنة والسطو والجور والبغي، وكل ما له علاقة بالقوة التي يتم استثمار العالم من خلالها وفق أساس لا أخلاقي وغير قانوني.
كانت المرأة مسوّغًا بنيويًّا لإضفاء الناظم غير الشرعي الذي استمد منه سلطان سلطته؛ لذلك يبرز المضمر الثقافي الخاص بالنسق الذكوري بكل تجلّياته، وتتعدّد أوجهه بتعدّد النساء اللواتي صادفهن سلطان أو تزوّجهن. وعلى الرغم من أننا لا نجد مواجهة لهذا النسق الذكوري، ما يدل أن هذا الأمر لم يكن من مقاصد الروائية، فقد كان ذكر النماذج النسوية جميعهن بمثابة الذريعة السردية التي تنمو بها البطاقة الدلالية لسلطان، فنتعرف عنه من خلالهن، ويتم تحيين المسار السّلبي كي يظلّ ساري المفعول في جميع مستويات النص.
تتكوثر الألقاب، ومع كل شخصية، تعطى له أوصاف تتكامل كلها لتبني صورة الشيطان التي أعطيت له في البداية، وتعبّر شبكة الألقاب عن شبكة القوة والهيمنة في المجتمع المعاصر؛ حيث يتم إخضاع الأفراد، وصياغتهم بجعلهم أدوات طيعة مطبوعة على الخضوع، وتتعدّد الأمكنة التي يتحرّك فيها سلطان وتتنوّع بتنوع المغامرات والصّفقات التي يعقدها، ويتنوّع بين الداخل والخارج، ليصبح هذا التنوع والتعدّد شكلاً من أشكال تنوع مفاسد الرجل.
- السند الحجاجي للرواية:
لا شك أن هيمنة سلطان طالت الزمان والمكان والعباد، غير أن الساردة توقفنا، على الرغم من التواطؤ الواضح من المكان، على نمط من العلاقة بالمكان حيث يحدث فيه نوع من الخلخلة، ويصبح شاهدًا على تحوله، ونذكر في هذا الصدد تواجده في اسطنبول، وتواجده في مدريد، وتواجده في القرية؛ ففي تركيا خذلته فطرة الإيمان وذهب للصلاة، وفي مدريد خذلته سلطة التاريخ، وفي النهاية يخذله سحر المكان الذي ذهب ليلقى السلام فيه، وهي تلك القرية اللّبنانية النائية التي تكاد تنقطع عمّا يدعى حضارة، حيث تبرز البيوت الصغيرة، وأشجار الكرز والتفاح والأجاص[12]، فيتحول السكون والهدوء إلى فضاء يذلّ فيه سلطان من قبل النحل، ويتحوّل الهواء النقي المنعش إلى رائحة قاتلة، كما يتحول المأوى الذي لجأ إليه لينعم بالسلام والأمن إلى موت، فقد طلب الانقطاع فيه عن الماضي لينقطع فيه عن الحياة. غير أن الحلم الذي راوده في أن يصبح شجرة تفاح تصنع منها رفيقته المربّى يتحوّل فيه إلى مرعى حقيقي لقفر النحل وهيكل عظمي مغطى بالسواد. ولم يشفع له اعترافه بما فعله من إيذاء النساء الذي بدا باهتًا لا يرقى إلى مستوى الندم، بل ارتبط بحبّ مبطن للحياة وعد الاعتراف بالخطيئة مؤشّرًا لاستمرارها في الحياة، وتجلّى ذلك من خلال كائنات رمزية تنتمي إليه إيديولوجيًّا، وهما: زوجته، وابنة أخيه اللتان عبّرت مشاريعهما في إنشاء جمعية وبناء فيلات للاستثمار، استمرارًا رمزيًّا لهذا النوع من النفوذ كسرّ يختفي وراء ظاهر الوجود، وقد يتعذر في بعض الأحيان التمييز بين ما هو حقيقي وما هو من صنع الخيال، مثلما نشهد تحوّلا للقيم.
يرتبط وجود النحل في الرواية بعملية مزج تصوري بين النحل الذي أخذ صفة الشر المتمثلة في القتل، ما يفرض على القارئ صياغة فضاء ذهني للنحل الذي أصبح يشارك سلطان في الفعل، وهذا ما يجعلنا نتصوّر تحول النحل إلى امتلاكها منطقًا هو الانتقام، ونقف عند النحلة القاتلة التي تشذّ عن النحل العادي بأن أصبحت هجينًا، أي تحوّلت، وبتحولها، تحولت وظيفتها أيضًا، لذلك يتم مزجها بالإنسان الذي يتحول إلى شيطان، أي إن النحل عندما يتخلّى عن طبيعته يتحول إلى كائن بشري في حالة غير بشرية، وهي مفارقة أبدية. وتتجسّد ذلك أكثر من خلال المفارقة التي يثيرها العنوان في نهاية الرواية بتحوّل مسار العدالة، ويتم الإعلان عن براءة الزوجة؛ لأنها فقدت بعض الكيلغرامات من وزنها، وتم إقرار مشروع على وجه السّرعة، بترسيم يوم عالمي يحتفل فيه بالكلاب، وذلك بمناسبة مرور عام على اختفاء الكلبة ميمي العائدة إلى أحد الوزراء.
إن هذه الصورة الساخرة تجسّد ما شهدناه من خلال ملفوظات الرواية من إدانات دون محاكمة، ولما كانت العدالة فضيلة تعبّر عن قدرة النظام السياسي على أن يتم الاعتراف به[13]، وان "سلطان بك" يجسّد السلطة التي تعيث في الأرض فسادًا، فليس سوى انتظار عدالة أخرى رمزت لها بقفير النحل، وعقّبت عليها بجحيم دانتي في العتبة الأخيرة للرواية بالقول: "أحلك الأماكن في الجحيم هي لأولئك الذين يحافظون على حيادهم في الأزمات الأخلاقية" دون أن يعني ذلك أن القيم معلقة في الجحيم أو في أجنحة النحل، بل هي دعوة لمساهمة الإبداع في تكوين رأي عام واع حرّ ومستنير. كما لا يبدو، كذلك، أن الروائية كانت معنية بالتنظير لأخلاقية الرواية، ويدلّ على ذلك خلوّها من محاكمة إيديولوجية، فكانت فضاء للكشف عن دور الهيمنة والنفوذ في تغييب القيم بكافة تمظهراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لذلك بدأت الرواية بالواقع ولم تنته إليه.
إن تصدير الرواية بقول ابن خلدون عن فساد الأخلاق، وإنهائها بقول دانتي سالف الذكر، الذي يشير إلى مصير المتواطئين على خلق النفوذ، وبسط الهيمنة، وإحداث الأزمات الأخلاقية، هو في الحقيقة، ما يعكس الأساس النظري لهذه الرؤية في التمثيل الأدبي للسياسي، وتمثيل السؤال الأخلاقي من خلال ذلك، وهو ما جعل الروائية تبرز النهاية العادلة التي قضى بها "سلطان بك زعتر". إنه ينمّ عن حقيقة فلسفية، في غاية الأهمية سؤالها هو: أيّ نوع من الوجود نحن عليه، إذا كانت تصرّفاتنا غير أخلاقية؟ والأخلاق التي يقصد إليها فعل القول الإخباري الذي أوردته الروائية، هو بمثابة السند الحجاجي في الرواية الذي يعكس "تطلع الإنسان المعاصر إلى أخلاق إنسانية اجتماعية تحقّق فردية الإنسان وحقوقه وتؤسس لحياة السياسية الديمقراطية، فهي تتقاطع مع اتجاهات الفلاسفة المعاصرين التي ترتبط فيها الأخلاق بالسياسة وبالحياة اليومية"[14]، مثلما نجد ذلك عند هابرماس ولهذا السبب، نجد الرواية اليوم، تدخل في سجال مع مختلف المعارف والنظريات السياسية والتاريخية التي يعتبر العقل المركب اليوم عاملاً في تقريب العلوم الإنسانية والإبداع من الهمّ الاستراتيجي للمنظرين بمختلف منابعهم.
في الخاتمة تتحول حادثة موت سلطان زعتر بقرصات النحل إلى فلم حقّق أكبر عدد من المشاهدات، وهي إشارة واضحة إلى أن الفلم الذي مكّن من التعريف بمصير سلطان زعتر، هو الذي بإمكانه أن يحدّد واقعية ما جرى، وهي حالة الانفصام التي يعيشها الإنسان المعاصر كنتيجة لغياب القيم، فلا شيء يمكن أن يصدّق في الواقع، و ما فعله سلطان لا يكاد يرى، على الرغم من أن كل الذين مروا بشهاداتهم كانوا قد رأوا، إلا أن فلم رجل النحل يعكس الانفصام المتنامي عن الواقع، وهو يعني أننا ميّالون إلى قبول النسخة بدل الأصل، لقد صرنا نضع ثقتنا بالوسائط التي تمثّل العالم، أي تعيد تمثيله لنا، وبصورة عامة، لقد فصلتنا الوسائط عن عالمنا الواقعيّ[15]. لذلك يبدو حضور الإعلام في الرواية عند بدايتها ونهايتها سندًا حجاجيًّا في الرواية لحمل المتلقي على أن ما يراه حقيقة وليس خيالا، كما أن الإشارة إلى تواجد سياح وغرباء في المكان، دلالة على أن فهم الذات ينتقل إلينا من الآخر، وإذا كان موت سلطان عبر إلى المشاهدين من خلال عيون الآخر، "فعلينا أن نعرف أن ما نبحث عنه من خلال هذا الآخر هو أنفسنا"[16]، وإن الصورة التي أرسلها السياّح عبر "اليوتيوب" عن رجل النحل تدل على أن ثمة شيئًا حقيقيًّا، وإن بدا غريبًا عماّ يقوله الآخر عنّا، ومن ثمة، يمكن تأويل تحوّل النحل تلك الكائنات البسيطة التي تنتج الخير إلى كائنات تنتج الموت، على أنها تمثيل للشعوب العربية التي كانت بطلة الثورات على الاستبداد، وما حضور الأجانب الذين صوّروا الحادثة إلا تمثيلاً لذلك الآخر الذي يقف على مسافة قريبة منّا ليتفرّج على انهزاماتنا في حكّامنا.
***
* آمنة بلعلى: دكتورة في جامعة مولود معمري - قسم اللغة العربية - تيزي وزو- الجزائر - أستاذة تحليل الخطاب ونظرية الأدب والسيميائيات والتداولية - رئيسة اللجنة العلمية لقسم الأدب العربي - مديرة مخبر تحليل الخطاب - المديرة المسؤولة عن مجلة "الخطاب" جامعة تيزي وزو - رئيسة تحرير مجلة "الخطاب الصوفي" التي تصدر عن مخبر الخطاب الصوفي بجامعة الجزائر - عضوة هيئة التحرير بمجلة دراسات سيميائية بالمركز التقني لتطوير اللغة العربية الجزائر - عضوة هيئة تحرير بمجلة سيمات الدولية بجامعة البحرين - عضوة تحرير مجلة السرديات جامعة قسنطينة - رئيسة الملتقيات الدولية التي ينظمها مخبر تحليل الخطاب - عضو المجلس العلمي لكلية الآداب واللغات جامعة مولود معمري - عضو المجلس العلمي للمركز التقني لتطوير اللغة العربية بالجزائر العاصمة -
من مؤلفاتها:
1– أبجدية القراءة النقدية، دراسة تطبيقية في الشعر العربي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر1995.
2– مشروع البعث والانكسار في الشعر العربي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1995.
3– أثر الرمز في بنية القصيدة المعاصرة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1996.
5- أسئلة المنهجية العلمية في اللغة والأدب، منشورات دار الأمل، الجزائر 2005 .
6- المتخيل في الرواية الجزائرية، من المتماثل إلى المختلف منشورات دار الأمل، في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007.
7- ترجمة رواية القديس أوغسطين في الجزائر لعمي كبير من الفرنسية إلى العربية منشورات ألفا الجزائر 2008.
8- كتاب: تحليل الخطاب الصوفي في ضوء المناهج النقدية المعاصرة، منشورات الدار العربية للعلوم (ناشرون)، ومنشورات الاختلاف بيروت/ الجزائر 2010.
9- كتاب: سيمياء الأنساق- تشكلات المعنى في الخطابات التراثية، طبع في دار النهضة العربية، لبنان 2013
10- كتاب: خطاب الأنساق الشعر العربي في مطلع الألفية الثالثة، دار الإنتشار، بيروت، جائزة نادي الباحة الأدبي 2014
11- كتاب: الطريق إلى القصيدة، كتاب مشترك، منشورات دار الانتشار بيروت 2014.
12- الاستثمار في اللغة العربية، كتاب مشترك، منشورات مركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية، السعودية 2015.
13- الرواية الجزائرية والسينما، كتاب مشترك، منشورات دار الأمل 2015- الجزائر.
14- كتاب: آفاق الشعرية، تحولات النظرية والإجراء، كتاب مشترك، منشورات دار نيبور للنشر والتوزيع، العراق 2016
- لها مجموعة من المقالات في مجلات محكمة وتشرف على بحوث الماستر الماجستير والدكتوراه
***
[1]- هدى عيد: سلطان وبغايا، دار الفارابي، ط1 بيروت 2015، ص11.
[2]- الرواية، ص 9
[3]- يراجع: لايكوف وجونسون: الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال، ط1 الدار البيضاء، المغرب 1996 ص 43.
[4]- الرواية ص.21
[5]- لندا هتشيون: سياسة ما بعد الحداثة، ترجمة حيدر حاج اسماعيل، المنظمة العربية للترجمة، ط1 بيروت 2009، ص27.
[6]- توين فان دايك: الخطاب والسلطة، ترجمة غيداء العلي، المركز القومي لللترجمة، ط1 القاهرة 2014، ص145
[7]- جبرا ابراهيم حبرا: البحث عن وليد مسعود، دار الآداب، بيروت، ط 1، 1978
[8]- البحث عن وليد مسعود، ص363
[9]- يراجع عبد الرحيم جيران: علبة السرد، النطرية السردية من التقليد إلى التأسيس، دار الكتاب الجديد المتحدة، ط1 ليبيا 2013، في توضيحه هذه الفكرة من خلال مفهوم سمّاه التزمن، وصاغ له أمثلة مغايرة. ص46/47
[10]- يراجع: عمر بن دحمان: الاستعارات والخطاب الأدبي، مقاربة معرفية معاصرة، أطروحة دكتوراه، جامعة تيزي وزو، الجزائر 2012، ص 198.
[11]- عبد الرحيم جيران: علبة السرد النطرية السردية من التقليد الى التأسيس، ص 30.
[12]- الرواية، ص11.
[13]- أبو النور حمدي أبو النور: يورجين هابرماس، الأخلاق والتواصل، دار التنوير للطباعة والنشر 2009 بيروت، ص 217 .
[14]- أبو النور حمدي، ص275.
[15]- يراجع: لندا هتشيون: سياسة ما بعد الحداثة، ص36.