♦ محمد حسن علوان *
نبذة عن البحث
يشهد العالَمُ - جرَّاءَ التطورِ السريعِ في عالم الاتصالات- ظهورَ الوسائل الإلكترونية واستخدامها في المجالات كافة، حتى أصبحت وسائلَ لا يمكن الاستغناءُ عنها لكل فرد في المجتمع الحديث، وصارت معظم الإجراءات التعاقدية تتم من خلال الأنظمة الإلكترونية، بوصفها البديلَ العصريَّ للتعاقد عن طريق المراسلة والبرقيات العادية، وذلك لاتسامها بالسرعة والدقة في إجراء العقود، وسهولة إثباتها بالطرق الإلكترونية. ومن هذه العقود الجديدة عقدُ "التسويق الشبكي" (**(MLM، ولا بدّ لكل حادثة من الحوادث المستجدة، تصور، ثم تكييف شرعي، ثم حكم شرعي.
مع التطور المتزايد والمتسارع إذًا، في سوق المعاملات التجارية، ونظرًا إلى حاجز المسافة والزمن بين طرفي المعاملة، كان لا بدّ أن يزود الأفراد بوسائل تعاقد حديثة؛ تعمل على الاقتصاد في النفقات، وتسريع التعامل، وإبرام العقود في ثوان أو دقائق معدودات، وهذا ما يسعى البحث إلى معالجته من خلال معالجة إشكالية التسويق الشبكي ومفهومها ونشأتها من جهة، والتكييف الفقهي من جهة أخرى.
يقسّم البحث مبحثين وخاتمة:
المبحث الأول يتضمن مطلبين: الأول: مفهوم التسويق الشبكي، والثاني: نشأة التسويق الشبكي.
ويتضمن المبحث الثاني مطلبين أيضًا: الأول: التعريف بأهم الشركات التي تعمل بنظام التسويق الشبكي، والثاني: التكييف الفقهي لمعاملة التسويق الشبكي.
أما الخاتمة فأبرزت جديد البحث وأهم النتائج والخلاصات.
***
- المبحث الأول
- المطلب الأول: مفهومُ التسويقِ الشبكي
التسويق الشبكي هو برنامجُ تسويقٍ يحصل فيه المسوِّق على عمولات أو حوافزَ ماليةٍ نتيجةً لبيعه المنتجَ أو الخدمة، إضافةً لحصوله على عمولات من كل شخص يتم اعتماده كمساعد أو تابع للمسوق، وفق أنظمة وبرامج عمولات خاص([i]).
التسويقُ إذًا، هو دعاية وإعلان، ويتم التسويق عبر شبكة الإنترنت بحصول المسوّق على موقع خاص (مساحة)، يسوّق من خلالها لبضاعة الشركة.
قديمًا كانت تتم الدعايةُ والإعلانُ عن طريق وسائل بدائية بسيطة تقوم على التسويق المباشر عن طريق السمسار الذي يعرض البضاعة على الزبائن ويرغّبهم بها، لكن في هذا العصر حاول الباحثون في مجال التسويق تحويلَ هذه الطريقة إلى نظام تسويق متكامل، يدفع العميل إلى التحرك والترويج ونشر المنتجات مقابل امتيازات خاصة. وبالفعل نَشَأَ علمٌ جديدٌ سمي "التسويقَ الشبكي" أو "شبكات التسويق"، أو "التسويق متعدد الطبقات". من هنا جاء الاسم بالتسويق الشبكي (أي: عبر الإنترنت).
وزيادةً للتوضيح: إذا اشتريت منتجًا (سلعة أو خدمة) من هذه المنشأة، فإنك تصبح في الوقت نفسه عضوًا في شبكة تسويقية، بحيث إذا تمكنت من جلب عدد من الزبائن لهذه المنشأة، يساوي تسعة على الأقل، فإنك تستحق عمولة معينة، ثم إن كلّ زبون من هؤلاء سيسعى أيضا إلى جلب زبائن آخرين، على هذه الشاكلة، وتزداد العمولة وتتضاعف كلما زاد عدد الزبائن، وعلى هذا الأساس، قد تحصل على العمولة وقد لا تحصل، وقد تحصل على عمولة كبيرة أو صغيرة([ii]).
والتسويقُ الشبكي له اتجاهات ومفاهيمُ تختلف من شركة إلى شركة، فيمكن أن يتضح جليًّا عند الكلام عن الشركات التي تعمل بهذا النظام.
- الملخص لمفهوم التسويق الشبكي
يتَّضح أنَّ التسويقَ الشبكي عبارةٌ عن شراء أو اشتراك (على حسب الشركة) يتم من خلاله أخذ العضوية من الشركة وهو (عقد) يصبح المشارك أو المشتري مسوقًا للبضاعة، ويمكن أن نسميه "سمسارًا".
لهذا العقد شرط وهو: لا يحقّ للمشترك الحصول على ربح إلا بأن يقنع تسعة أشخاص للشراء أو الاشتراك من منتج الشركة، فإذا وصل العدد إلى تسعة استحق عمولة معينة معلومة. وهكذا فكلما زاد عدد الأعضاء الذين اشتركوا عن طريقه ازدادت عمولته.
والتسويق الشبكي يسمّى بالتسويق الهرمي، وسيتضح سبب تسميته بالتسويق الهرمي عند الحديث عن الشركات التي تعمل بهذا النظام، وسنرى مفهوم التسويق الشبكي أكثرَ إيضاحًا وجلاءً بعد الحديث عن الشركات التي تعمل به.
- المطلب الثاني: نشأةُ التسويقِ الشبكي
(...)
***
* باحث من ليبيا. حائز شهادة دكتوراه في الفقه المقارن في كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية في لبنان
** التسويق الشبكي: Multi-level marketing، ويختصر بـ""MLM، ويسمّى أيضًا بـ"Network Marketing"
([i]) أسامة عمر الأشقر، التكييف الفقهي لمعاملة التسويق الشبكي، مؤتمر كلية الشريعة السادس، جامعة الزرقاء الأهلية - الأردن.
([ii]) فقه المعاملات المالية، رفيق بن يونس المصري، ص 306، التجارة الإلكترونية وأحكامها في الفقه الإسلامي، علي محمد أبو العز، ص 264، التسويق الشبكي، محمد حزواني، ص17 و18.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق