مجلة الحداثة Al Hadatha: أنثى صومعة التشكيلي بين الجمالية والمشتهى (تشكيليون لبنانيون نموذجًا)

أنثى صومعة التشكيلي بين الجمالية والمشتهى (تشكيليون لبنانيون نموذجًا)

هنى شوكت طوط *

The female model in the artist’s silo between the aesthetic and the desired (Lebanese artists as an example)

- Dr. Hana Shawkat Tot *

مستخلص - Abstract

لعلّنا في بداية هذا البحث، نجد بعض الحاجة لتبرير استخدام تعبير "الصومعة" لمحترف الفنان التشكيلي. والصومعة كما هو معروف، هي مكان الزهد الذي ينفرد فيه النسّاك لذواتهم الروحية. ولا غرو، ففي هذا "المكان/المحترف" يتنسّك الفنان وينفرد لتوتراته الداخلية وإيقاعاته الصادقة، التي تتحوّل إلى أعمال فنّية صادقة التعبير عن تلك الإيقاعات، وبمجرّد عبور عتبة المحترف، فإن الفنان يصبح في عالمه الخاص، العالم الروحي الذاتي، حيث تسقط بالنسبة له كافة الماديات، وتصبح الحالة الإبداعية هي المسيطرة على كيانه، ولعل هذا ما حدا ببيكاسو (Pablo Picasso) عند دخوله إلى محترفه للعمل أن يقول: «... عندما أعمل، أترك جسدي وراء الباب، مثلما يخلع المسلمون أحذيتهم قبل الدخول إلى المسجد»[1].

في "الصومعة"، يصبح التشكيلي على تماس مباشر وانفعالي مع عناصر عمله. في هذا الجوّ الروحاني والأمين، تتولّد الأعمال الفنّية منزّهة عن ماديات العالم الأرضي بما يماثل تجليات الناسك. لعل هذا ما حدا بالكاتب والفنان الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا (1920 – 1994) إلى اعتماد مفردة "الرائعة" للعمل الفنّي الناتج عن هذه "الحالة"، أكان لوحة أم غيرها من صنوف الفنون. كما أن جبرا، بمعرض تفسيره للفوارق بين الفنون يقول مثلًا: «اللصيقة (اللوحة الإعلانية) تؤدي رسالتها فورًا. فقد صمّمت لكي تُرى بنظرة واحدة. أمّا "الرائعة" فالمقصود بها أن يختبرها المرء، أن تنفذ إلى قلبه. فـ"الرائعة" يجب أن تؤخذ كاملة إلى أعماق الوعي ويعاد خلقها هناك من جديد، فهي تسطع في حجرات القلب المظلمة»[ii].

في هذا الجوّ الروحاني، الزاهد، الذاتي، المنفعل، تحضر الأنثى: موديلًا حيًّا، يتموضع أمام الرسّام المتأهب للإبداع، وفي داخليته صراع بين: التعبير الصادق عن الانفعال الخاص، وردود فعل المتلقّي. لا يتردد الفنان طويلًا، لأن "الرائعة" لا يمكن أن تأتي من دون صدق التعبير، وللمتلقيّ أن يعبّر كما يشاء. على هذه القاعدة، يسعى البحث إلى معالجة العلاقة بين الفنان ومثاله مركّزًا على التجارب اللبنانية ذات الصلة.

- الكلمات المفتاحية: الفن التشكيلي؛ محترف الفنان؛ الصومعة؛ الموديل

Keywords: fine art; silo; Model; Artist's atelier

***

* باحثة لبنانية. دكتوراه في الفنون. أستاذة محاضرة في كلية الفنون الجميلة والعمارة (الفرع الثالث) – الجامعة اللبنانية

* Lebanese researcher. PhD in Arts. Lecturer at the Faculty of Fine Arts and Architecture (Third Branch) - Lebanese University

[1]- جيلو، فرانسواز: حياتي مع بيكاسو، ترجمة مي مظفر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 2000، ص 114.

[ii]- اليوت، ألكسندر: آفاق الفن، ترجمة جبرا إبراهيم جبرا، دار الكتاب العربي، 1964، ص32.

المصادر والمراجع

* العربية:

1- جيلو، فرانسواز: حياتي مع بيكاسو، ترجمة مي مظفر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط1، 2000

2- شيبوب، أدفيك: ذكرياتي مع جبران (1909 – 1910)، يوسف الحويك، مؤسسة نوفل-بيروت، ط1، 1979.

3- عدلي محمّد، رشا: الحياة ليست دائمًا وردية، دار النهضة للنشر-مصر، (ب.ت)

4- العلي، علي: الأنثى.. نواة الفن الأولى، دار سائر المشرق-بيروت، ط1، 2015.

5- كلاب، الهام: الإبداع الفني – صورة المرأة في الفنون التشكيلية، (PDF)

6- النمار، ناديا: حكاية جسد، دار النهار للنشر-بيروت، الطبعة الأولى، 2001.

7- اليوت، ألكسندر: آفاق الفن، ترجمة جبرا إبراهيم جبرا، دار الكتاب العربي، 1964.

* الأجنبية:

1- ARIKA, Avidgor: Peinture at regard, Hermann, Paris, 1991, P.121.

* مجلات وجرائد:

· أبي ضاهر، جوزف: المرأة-الموديل، ملهمة الفنانين، مجلة "النقطة" (العدد الأول) ك2 1993

· جميل، بسنت: الموديل العارى".. ابتدعه الفراعنة ومنعه المتطرفون.. محمد طلعت: فنان إخوانى حصل على موافقة السادات عام 1976 بعدم تدريسه للطلاب وادعى مخالفته للشرع.. إيهاب اللبان: الجسد الإنسانى ليس تهمة، موقع اليوم السابع، سيناء، 20 أيار 2016.

· زيد، رنا: يوميّات بول غوغان عن وحشية تاهيتي، جريدة الحياة، الأحد 21 نيسان 2013.