فرحان صالح *
Preliminary remarks on the Middle Eastern regional integration project
- Dr. Farhan Saleh *
قرأت خلاصة مشروع المشاركين في "منتدى التكامل الإقليمي الشرق أوسطي"[1] الذي يحتوي على مقدمة طويلة، ومن ثم تقديم دراسة عن الذكاء الاصطناعي. وقد أرسله لي الباحث اللبناني سعد محيو. ما يعنيني، هو ما ورد في المقدمة التي تبدأ بإعطاء جرعة من التفاؤل حين يشار إلى أن "النظام الدولي (والمقصود بالنظام الرأسمالي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية) يمرّ بمرحلة تاريخية كبرى قوامها نزوله عن عرش الزعامة"، وهناك ملامح "لنشوء نظام عالمي جديد بتعدد الحضارات"، و"فرصة التقدم عند شعوب المنطقة مرهونة برفدها بجهود ذاتية من جانب أركان "الحضارة الإسلامية"(!)، وأن المشرق المتوسطي بزعامة تركيا وإيران والعرب والاكراد، ومن ثم أندونيسيا وماليزيا والهند الإسلامية (!) وباكستان، هم من على شعوبهم النهوض بهذه الحضارة. ودون ذلك ستبقى مكوّنات الحضارة الإسلامية(!) كالرجل المريض الذي يجب فرض الحجر الصحي عليه، وتقاسم مناطقه وأدواره وموارده بين القوى الكبرى الجديدة".
يلحظ "المشروع" أيضًا أن "حضارة الإقليم تمثّل وحدة جغرافية متكاملة" (!) مع الإشارة إلى خطورة التطرف الديني الفاشي والقبلي والعشائري، حيث تسعى "قوى دولية إلى إعادة رسم الخرائط السياسية للإقليم بدموية فظيعة تضمن انخراط الجميع ضد الجميع"، من ضمن هذا الواقع "علينا أن نستولد الحلم"، وأن "الحضارات الأسيوية لم تتغربن تمامًا، ولم تتبدد، فالحضارات الشرقية تلج كليًّا الحداثة دون أن تتغربن إلا جزئيًّا"، وهذا ما عبر عنه رئيس وزراء ماليزيا السابق "مهاتير بن محمد، حين قال: إننا حديثون لكننا لا نريد أن نصبح غربيين". وهنا يشيد مصيغو البيان "بالسقوط المجلجل والنهائي للفكر الكمالي الأتاتوركي الداعي إلى حلّ الحضارة الإسلامية، والاندماج الكلّي في الغرب". وفي هذه الإشارة علامة استفهام كبيرة: فهل مصيغو المشروع يرفضون خيار فصل الدين عن السياسة الذي أخذ به أول رئيس للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك (1881 – 1938)؟
ينتهي البيان بالدعوة إلى "الحوار باعتباره المنقذ الوحيد من ظلال الانتحار الجماعي"، وإلى حثّ "النخب العقلانية في الإقليم على وضع نموذج فكري حضاري جديد، يدير ظهره للتعصب القومي والديني"، وينشد إلى "الروحانية الحضارية الإسلامية، والتكامل الجيوسياسي بين دول الإقليم"، وباكستان ونيجيريا، ناهيك بين مسلمي الهند ومسلمي السعودية، والهدف "لإنقاذ البيئة المتوسطية من المهالك الموجودة".
- حضارة إسلامية أم حضارة عربية؟
حين قراءة المشروع الشرق أوسطي المقدم من مجموعة من المثقفين اللبنانيين والعرب، يمكن النظر إليه في الظاهر، بحسبانه دعوة لتجاوز ونقد هذه السكينة التي تعرفها شعوبنا، إلى حدّ وصول مجتمعاتنا إلى التكيف مع كل المستجدات السلبية الدولية. وفي المشروع هناك العديد من المحطات الإيجابية التي أُشير إليها، وهناك ما يمكن مناقشته والتحاور حوله، لتوضيح الحاجة إليه، ولتبيان المقصود من طرحه.
في الظاهر يلحظ أن الوجه الأساسي الذي يحاول أصحاب المشروع، ترويجه، وجعله حافزًا للاهتمام، هو أنهم وضعوا غطاءً جعلوا من "الحضارة الإسلامية" حاضنة لتاريخه ولمستقبله. لكن حين العودة إلى معطيات المشكلة لهذه الحضارة، يرى المتابع، أن الغطاء التاريخي (لهذا المشروع) لم يوضع في المكان المناسب. لهذا ترانا نعود إلى هذا التاريخ لنقرأه مجددًا؛ فحين نعيد رسم صورة أولية للمنطقة التي ولد فيها المشروع المحمدي، يُسجّل أنه ولد في حضن الصراعات الطاحنة بين المسيحيين الذين بعد "مجمع نيقية"[2] انقسموا قسمين، ومنذ ما بعد هذا المجمع، اشتدت الصراعات بين من يعدّون أن المسيح إلهٌ (أخذ بهذا الاتجاه بابا الإسكندرية الكسندروس الأول والقديس أثناسيوس الرسولي)، ومن يعدّونه نبيًّا (حمل هذا الاتجاه الراهب الإسكندراني آريوس).
وحين المتابعة للمجريات التاريخية التي حصلت ما بين القرنين: الخامس والسابع، يلحظ ازدهار الحضارة الفارسية، ومن أسباب ازدهارها استمرارية الحروب ببن أصحاب العقيدتين المسيحيتين. أما الرسول محمد، كما يروي الراهب يوحنا الدمشقي (675 - 749م) كان عربيًّا، ويزعم أنه من "أتباع العقيدة الآريوسية". لكنه أمام شدة الانقسامات والصراعات وخطورتها، تكوّنت لديه ولدى نخبة من جيله، ثقافة منحازة لأبناء قومه؛ فبدأ يؤسس لمواجهة تهدف إلى التخلص من مسببي هذه الحروب، فأعلن ثورته، ولم تكن العقيدة التي يؤمن بها، سوى الدافع، فكان أن طوّع عقيدته لخدمة مشروعه، فعقد الأحلاف بين المهاجرين والأنصار (أي بين التيارين المسيحيين المتخاصمين)، ونادى بإله أكبر من جميع آلهة القبائل المنتشرة في المعابد.
كانت توجهات رسول الإسلام ليست ضد الوثنيين، بل ضد الحكّام البيزنطيين والفرس والروم الذين يسيطرون، ويضيقون على السكان (رعيتهم) بأبشع أنواع الظلم. فانطلقت الثورة المحمدية لإنهاء الظلم، ونشر العدل الإلهي، معبّرةً عن الحاجات الأمنية والمعيشية والتحررية للعرب المحكومين من قوى غريبة عنهم ولا تمثلهم أو تمثل مصالحهم. توالت هزائم الحكّام البيزنطيين والرومان، فضلًا عن الفرس الذين كانوا يحتضنون أصحاب العقيدة الموسوية، وهم ضالتهم لتوسيع نفوذهم ضد أخصامهم من الرومان والبيزنطيين.
في هذه المناخات إذًا، ولد المشروع المحمدي؛ فقام الرسول بتوحيد القبائل العربية، والعمل على توحيد التيارين المسيحيين، ولم يكن أصحاب العقيدة اليهودية بعيدين من ذلك، بل كانوا في صلب الحدث، بل ويقال إنهم كانوا من قوّاد هذا المشروع، فخاضوا حروبًا قاسية لتحرير القدس وغيرها من بلدان.
أدت هذه الانتصارات إلى تأسيس منحى حضاري جديد ركيزته "الإسلام" (يعتقد بعض المؤرخين أن مصطلح الإسلام، لم يكن مذكورًا قبل العصر العباسي)، لكن في العمق والواقع، كانت ركيزته وقاعدته عربية، ولغة من قاموا بهذه الثورة "اللغة العربية السريانية". أما الأمويون الذين يبدو أنهم آمنوا بـ"ألوهية المسيح" وكانت دمشق قاعدتهم، فقد عقد الرسول (بزعم الدمشقي أنه كان من أتباع العقيدة الآريوسية) حلفًا ومؤاخاة معهم. هذا الحلف الذي شمل معظم القبائل العربية "في مصر والمشرق العربي والبلدان المغاربية"، جاء تحت شعار "الله أكبر"؛ والمقصود الله الذي هو أكبر من كل الأوثان القبلية التي قيل إن عددها 365 قبيلة، وإله السموات والأرض.
قد تكون هذه هي الأيديولوجية التي حملتها النواة العربية الأولى التي قامت بالثورة المحمدية وغيرت وجه العالم، واستمر حكمها حتى بدايات القرن الحادي عشر، حيث بدأت الخلافة العباسية تتراجع وتتفتت وتتجوّف من داخلها.
هذه الثورة التي يقال إنها انطلقت بنواة من القيادات "المسيحية اليهودية"، توسع حضور المشاركين فيها من غير العرب، وهم من أطلقوا عليها تسمية "حضارة إسلامية"، والسبب لأنهم بهذه التسمية، يوجدون مكانًا لهم داخلها. لقد رسم الفقهاء العباسيون في ما بعد القرن العاشر، تاريخًا ليس له علاقة بتاريخ المرحلة الممتدة من القرن السابع إلى القرن العاشر، تاريخًا صاغه الفقهاء الآريوسيون في العراق.
بعد هذا التوضيح، يمكننا العودة للدخول في الحوار والنقاش في المشروع المقدم تحت عنوان: مشروع التكامل الاقتصادي الإقليمي".
- هل المشروع مناسب للعالم العربي؟
لنبدأ الحوار مع ما ورد في المشروع من "المهالك والعقبات التي تحول دون تقدم الشعوب..."، ونتساءل: هل العنوان الحاضن لهذا المشروع (الحضارة الإسلامية) هو العنوان المناسب؟ أليس الإيرانيون ما زالوا يتغنون بالحضارة الفارسية، والهنود بالحضارة الهندية، والصينيون بالحضارة الصينية؟ أليس هذه الدعوة تلغي هويات الشعوب، حيث لكل شعب تجاربه التاريخية، وهويته التي تعبر عن خصوصيات هذه المجتمعات؟ أليست هذه التسمية لها انعكاسات سلبية على نجاح هذا المشروع، بل إنها تعود بنا لتبني الثقافة اللاهوتية الدينية بدلا من العقلانية التي بشّر بها الفيلسوف ابن رشد (1126 - 1198م)، وجعلها مرشدًا له في ما كتبه؟ وهكذا هي "المهالك" بتعدديتها، أليست هي نتاج شبكة العلاقات التي اخترق بها النظام الرأسمالي العالمين العربي "والإسلامي"، والمستمرة منذ القرن السادس عشر إلى اليوم؟
أليس عبر هذه التراكمات الثقافية السلبية المتنوعة، تم تجويف وتغريب العقول العربية وتدجينها؟
لقد برزت قوى تقارن بين ما أنتجه الغرب، وما قدمه للحضارة الإنسانية، وبين المعجزات التي بموجبها انتصر الإسلام وحقق أهدافه، هذه المقارنة العربية لم تكن كما رسمت في الغرب أي بين المصنع والكنيسة وبين النظام الاقطاعي والنظام الجمهوري، بين التشريعات المدنية والتشريعات الدينية، بل قارنت الأحزاب الدينية الإسلامية بين منجزات الغرب العلمية والاجتماعية الحضارية، وبين النظام الإسلامي الذي ساد عند نشؤ الإسلام.
لقد رسم المشهد في الغرب بانتصار المصنع والعقل البشري، وتجلّى كل ذلك، بفصل الدين عن الشأن العام. لكن في ثقافتنا بشقيها العربي والإسلامي، انتصرت العقلية السلفية الذكورية، وبقي النظام الإسلامي نموذجًا ودليلًا. وشكّل هذا النظام بالنسبة إلى المستعمر قاعدة لبناء المداميك الأساسية لسيطرته؛ فكانت أدواته هي الجماعات الإسلامية، وما تحمله من موروثات، إذ تبنى الإنجليز والفرنسيون النظام الملّي العثماني، وأعادوا نشر التشريعات الإسلامية، وبموجبــــــها تم تقسيم وتقاسم المنطــــقة (وديـــــن الدولة في الدول العربية هو الإسلام).
فهل يريد من وضعوا لمشروعهم حاضنة "حضارية إسلامية"، إعادة استحضار هذه التشريعات التي هي من موروثات الحضارة الإسلامية، وخلاصة الأنظمة الإقطاعية التي تجلببت بالدين ولم تسمح بالمساواة بين مكونات شعوبها، ناهيكَ عن التمييز بين المرأة والرجل؟ أليست هذه من المعوقات الأساسية، وعبر استمرارها تستمر (الثقافة الذكورية للعصور الوسطى)، وتستمر الهيمنة الاستعمارية؟ أليست هذه الموروثات هي العدة التي يعيد الاستعمار أخذها واستعمالها لبقاء سيطرته واستمرار نفوذه؟ ولعل الأخطر في المشروع الشرق أوسطي أن من صاغوه، يستبعدون مسبقًا، المكوّنات الاجتماعية غير المسلمة من مسيحيين ويهود وغيرهم من قوى غير متدينة، من المشاركة والتعبير عن رأيهم في مستقبل بلدانهم!
نتساءل هنا، وفي حال تجاوزنا وضع فلسطين المحتلة: أليس اليهود والمسيحيون من الرواد المؤسسين لهذه الحضارة المسمات "إسلامية"، أو أنهم دخلاء عليها؟ أليس هذا الانشداد الفكري للماضي، يؤسس لإعادة إحياء الأوهام حول الكثير مما هو متداول، وأصبح جزءًا من بناء ذهنية، منها يتم التعامل مع أمور الحاضر على أن مرجعيتها ماضوية؟ أليست رغبة كاتبي المشروع في إحياء "الحضارة الإسلامية"، رغبه تدعو إلى القلق؟ ولماذا هذه الدعوة اليوم، خاصة إن الولايات المتحدة التي يشير إليها البيان، ويعدّها حضارة تتراجع، هي من تؤسس لمشروع جديد للمنطقة يقوم على إنشاء دين جديد تمت تسميته "الدين الإبراهيمي"؟ فهل يمكن عدّ هذا المشروع بريئًا؛ كونه سيدفع بالآخرين من الديانة اليهودية، للمطالبة بإحياء الحضارة اليهودية، والتبرير لما يدعون إليه بإنشاء "دولة يهودية" في فلسطين؟
كذلك ومن ضمن ردود الأفعال المنتظرة: لماذا لا يطالب المسيحيون (أيضًا) بإحياء الحضارة المسيحية؟ فهل ناشرو البيان لا يتوقعون ردود أفعال بهذا الحجم؟ ومن قال إن هذا المشروع يمكن أن تتبناه الشعوب التي ذكرت، وهي ما زالت تميز بين شعوبها على أسس عرقية ودينية، كذلك بين المرأة والرجل، وما زالت تأخذ بموروثات ماضوية في بنائها للسلطة ونظام ولاية الفقيه خير تعبير عن ذلك؟
هل الصديق محمد محيو (وسواه ممن أعدّوا المشروع)، يمكنه، وعبر هذه الكوكتيلات من تنوع الأنظمة، تنفيذ هذا المشروع وإحياء الحضارة الإسلامية؟ وهل من يريدون إعادة العثمانية الأردوغانية، يمكن لهم أن يأخذوا بهذا المشروع، وهم من نراهم يتعاملون مع واقع شعوبهم استنادًا إلى ثقافة "تشخصن القضايا"، وبعقلية ثقافية تقليدية أبوية، "رغم أن بعض الدول تنصّ قوانينها على فصل الدين عن السياسة"، كما تركيا التي "ترفض الأردوغانية" والحقوق التاريخية للأكراد؟
أليست الشعوب التي تطلقون عليها اسم "الشعوب الإسلامية"، لكلّ منها هويته وتشريعاته وقوانينه؟ مثلًا إذا عدنا إلى الهوية التقليدية للشعوب العربية، فعلى الرغم من أن لغتها عربية، لكن هناك تنوع في اللهجات والعقائد والثقافة للمكوّنات البشرية لكل دولة؛ فلماذا وصف هذه الدول بأنها جزء من العالم الاسلامي؟ أليست هذه الدول جزء من العالم العربي؟ فالعرب مثلًا الذين جمعتهم اللغة والتاريخ والثقافة والجغرافية والتراث والتطلعات المستقبلية، وميزتهم عن غيرهم من الشعوب الأخرى، لماذا لا نعيد المعنى لهويتهم الحضارية؟ وللسبب نفسه، يمكن الحديث عن الشعوب الفارسية، والباكستانية، والهندية، والتركية... ونقف هنا عند الدعوة إلى ضم المسلمين الهنود لهذا المشروع. فهل بهذه الدعوة، يمكن الحوار مع الآخر الهندي؟ وهل هذه الدعوة لا تهدف إلى تفكيك الهند وغيرها من الدول على أسس دينية؟
إن الدعوة إلى التعاون والحوار والتنافس بين مكوّنات هذه الشعوب هي دعوة مقدسة. ويأتي تعبير "القداسة" بالمعنى الإنساني لا الديني. نعم، بالتعاون واحترام المصالح المشتركة بين الشعوب، تبني ثقة الشعوب ببعضها البعض وفي المجالات كافة، وبالتعاون والحوار، وليس بالمراهنة على ما هو روحاني "للحضارة الإسلامية". هذه الروحانية التي "تتميز ولا تزال بغلبة الثقافة القبلية العشائرية على ما عداها، بينما "الروحانية الإنسانية تقوم على المساواة بين البشر الذين يهتمون بمقام التربية والسلوك وبتربية النفس".[3] بهذا يتم تجذير بناء الروح الإنسانية بين الشعوب.
في المقابل، هل يمكن لأصحاب هذا المشروع، الموافقة على ما تقوم به تركيا وإيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وحتى في فلسطين وقبرص، عبر التعدي على حقوق الغير وباسم الدين؟
إن كلّ تلك الممارسات، يكمن في جوهرها، عدم احترام حقوق الآخر. فإيران مثلًا، يلحظ أنها رسمت مشروعًا لمسار اعتقادي، تعود مرجعيته إلى قوانين وتشريعات "ولاية الفقيه"، وتنطلق منه لطرح رؤية جديدة للتاريخ من وجهة نظر دينية صرف، يتغلب فيها المكوّن الشيعي على سواه. واللافت أيضًا، الانتباه لما يحصل في إيران من حركات اعتراضية، ليتبين هذا التمييز الصارخ بين المرأة والرجل، وبين الشعوب الإيرانية وغير الإيرانية.
لقد تم تقسيم شعوب المنطقة على أسس عرقية وطائفية... وهذا التقسيم من موروثات كان يُعمل بها في دولة الخلافة، وتم الأخذ بها في المرحلة الاستعمارية التي عرفتها وما زالت تعرفها، الشعوب العربية. فهل بهذا المشروع القائم على التمييز بين السنّة والشيعة وغيرهما، ستبني إيران علاقات جيدة مع محيطها؟ أيضًا، هل من مشروع أنجزته إيران في علاقاتها العربية، يمكن عدّه نموذجًا يحتذى؛ ألم تساهم بإحياء ثقافة "سنّة – شيعة"... وبهذا ذاته تقدم إيران – مباشرة أم غير مباشرة - مبررًا للولايات المتحدة لاستمرار وجودها في المنطقة، بحجة حماية دول الخليج التي تدّعي الولايات المتحدة الأمريكية أن قواعدها موجودة لحمايتهم من "العدو" الإيراني؟
إذا لم تكن هذه المهالك هي هذه التي أشرنا إليها، فماذا هي غير ذلك؟
- الديانة الإبراهيمية والمشروع الأمريكي!
إن هذا المشروع الشرق أوسطي الذي يلغي هويات الدول والشعوب (الهوية نتاج جهد ونضال طويل ومستمر)، يقدم هدية مجانية للولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول انشاء الديانة الإبراهيمية، اعتمادًا منها أن أديان المنطقة قد تم استهلاكها، ولم تعد قادرة على تلبية حاجات الولايات المتحدة في تجذير نفوذها وسيطرتها.
الدين الجديد الذي ستعارضه الأجيال القديمة، موجّه للأجيال الجديدة، وهناك اغراءات كثيرة في متنه، ستدفع هذه الأجيال لتبنيه.
لذا، وانطلاقًا مما سبق، يلحظ أن مشروع التكامل الإقليمي الشرق أوسطي الذي يهدف لإعادة إحياء الحضارة الإسلامية، يساعد على تفتيت المنطقة إلى هويات، ولن تستفيد منه سوى الولايات المتحدة الأمريكية عبر رسم صورة لهويات دينية، وليس هويات حضارية اجتماعية ثقافية سياسية إنسانية. وتفتيت كل دولة تسعى إلى التطور والتقدم. فالعالم الغربي بشقيه الروسي - الأوروبي الأمريكي، تقدم بفصل الدين عن الشأن العام، بينما الشعوب العربية والإسلامية لا تحمل هوية واحدة، بل هويات؛ فهل يمكن توحيد هوية هذه الشعوب تحت مسمّى الحضارة الإسلامية؟ وقد كان لافتًا للانتباه، اعتبار المشروع أن "حضارة الإقليم تمثّلها وحدة حضارية متكاملة؟". فما يجمع مسلمو الهند مع مسلمي مصر أو تركيا؟
يشير المشروع أيضًا إلى القيم التي تتمتع بها الحضارات الأسيوية تلك التي لم تتغربن، فهل النظام العالمي عبر عولمته، أصبح بعيدًا من هذه الدول التي هي خارج مدار جغرافية هذا الكون؟
إلى ذلك، من يقرأ بعض الداعين إلى "مشروع نحو شرق أوسط جديد"، يلحظ كأنها تأتي في سياق تكملة مشروع الديانة الإبراهيمية التي جاءت بها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إنه تكملة لصورة الشرق الأوسط الذي بموجب التسمية، يتم إلغاء الكيانات القومية التاريخية، وإحلال بديلًا منها، كيانات طائفية وعرقية وإثنية، فضلًا عن رسم صورة لشرق أوسط مشكّل من فسيفسائيات دينية متنوعة.
إن الصورة التي يرسمها المشروع الأمريكي للمنطقة، تقوم على عزل أصحاب الهويات غير الإسلامية عن حضورهم في التاريخ الإسلامي، وإذا وجدوا، فلهم حضور هامشيّ في تاريخ ومصير بلدانهم، وحينما يصبح هؤلاء تحت عباءة الحضارة الإسلامية، وحينما يصبح دين الدولة هو الإسلام، فمن هاتين التسميتين يتم التمييز والإلحاق، ويصبح معتنقو الأديان الأخرى "أهل ذمة"!
السؤال الذي يمكن توجيهه للمنظرين للمشرق المتوسطي الذي تحتضنه "الحضارة الإسلامية" دون سواها: هل تريدون "أسلمة" اليهود والمسيحيين الذين جمعهم تاريخ مشترك وشراكة حياة مع أقرانهم من المسلمين؟ وإذا لم يفعلوا ذلك، هل تعدّونهم "أهل ذمة" أو من المرتدين؟ إذا كان الجواب عن السؤال غير ذلك، فلماذا وضعتم جميع المكوّنات التاريخية للمشرق المتوسطي، في حضن ما أسميتموه "الحضارة الإسلامية"؟ أليس بهذه التسمية، تريدون إعادة أو التذكير بنظام أهل الذمة الذي عرفته الشعوب التي عانت من التبعية لنظام اقطاعي (ديني) مضى إلى غير رجعة، وليس كما تدعون من "عدم وجود واقع لثقافة حضارية إنسانية مكتملة في ذاتها".
إن على أي فئة تريد تقديم مشروع جديد، أن تقطع مع هذا الماضي، وأن تزيل الصفة الدينية اللاهوتية عن نفسها، وأن تنظر إلى ذلك التاريخ، تاريخًا لأجيال مضت، والمطلوب مراجعته والاستفادة من تجاربه وليس العودة إليه، ومن دون هذه المراجعة، ستعيش شعوبنا التي انفصلت عن هذا التاريخ، في مراوحه وموت بطيء.
- لماذا مشروع الديانة الإبراهيمية؟
تقدم الباحثة هبة جمال الدين في كتابها الجديد "الديانة الإبراهيمية وصفقة العصر"،[4] تعريفًا بهذا الدين العالمي الذي ينسب لنبي الله إبراهيم، وقد جاء بتعاليمه منذ ثلاثة آلاف سنة، منفصلًا ومبشرًا بدين تبناه وأخذ به الأنبياء: موسى، وعيسى (المسيح/يسوع)، ومحمد. لقد تجاوزت التعاليم الإبراهيمية موروثات العصور الوثنية التي سادت قبل ذلك، لتؤسس للدين التوحيدي (الله أكبر إله السماء والأرض). لذا، فإن الموروث "الإبراهيمي" خلاصة الموروثات التي أخذت بها الديانات السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام. وإن كان بعض المتابعين، يعتقدون أن الأسطورة الإبراهيمية الهندية، امتداد لأسطورة إبراهيم الخليل أو العكس.
إن من يتابع كيفية ولادة أفكار هذا المشروع، سيقف طويلًا للنظر في العقل الأمريكي الاستعماري وكيف يفكر ويخطط.
يمكن القول إن مفهوم "الدولة الإبراهيمية"، ولدت في عقل مواطن أمريكي من أصول عربية مصرية في العام 1990، هو "سيد نصير" الذي كان يطمح للخروج من السجن، لاتهامه بقتل مؤسس "حركة كاخ" والعضو السابق في برلمان "الكيان الإسرائيلي" الحاخام مائير كاهانا (1932 – 1990) داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وللخروج من السجن، سلّم نصير السيدة الأولى السابقة هيلاري كلنتون (Hillary Clinton) هذا المشروع (الوثيقة) الذي أسماه "الاتحاد (أو الدولة) الإبراهيمي".[5] وقد رفعته كلنتون، بحسبانه وثيقة تخدم الأمن الأمريكي، إلى الإدارة الأمريكية، وبعد دراسة وثيقة نصير، تم اعتماده، وتبنيه، وبدأت هذه الإدارة العمل على تنفيذ مضمونه، بدءًا من العام 2000.
لكن حين البحث والتدقيق في مضامين هذه الوثيقة، يلحظ أن الأهداف الأساسية لطرحها، سياسية وليس لها علاقة بالدين، بل إن الهدف من نشرها تطويع الأجيال الجديدة على طريقة جديدة للحياة المشتركة بين الأديان. فالمشروع الإبراهيمي هو ضمنيًّا، تكملة لما قدمه كيسنجر (Kissinger/ 1923م)، وبرنارد لويس (Bernard Lewis/ 1916 – 2018م) من مشاريع تخدم الولايات المتحدة الأمريكية. لكن ما قدمه سيد نصير تحول من فكر مجرد إلى مشروع واقع. لقد أعطى نصير وثيقة معينة لأصحاب القرار، وتم توظيفها على النطاق السياسي، لتخدم عمليًّا استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم. ظاهريًّا جعل الدين الإبراهيمي طريقًا وحلًا للنزاعات والصراعات السياسية بين اليهود والفلسطينيين، بينما في العمق، للتغطية على ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من جرائم في العالم. لقد وصف المشروع بأنه سيكون حلًا لمشاكل الشرق الأوسط الدينية، ومن ثم للمشاكل المتماثلة في العالم إذا وجدت. لكنه أيضًا، للهروب من الحلول للمأزق الذي يمرّ بها الصراع العربي الصهيوني. لذا جاء هذا المشروع لمساعدة ما يسمّى "إسرائيل"، ولإخراج النظام الرأسمالي من أزماته.
إن مشروع الإبراهيمية الجديدة الذي تطمح الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعميمه وتقديمه، سيرسم فعليًّا صورة لعالم جديد. وعلى الرغم من أن هناك من لم ولن يقبل هذا المشروع من الأجيال المسنّة، إلا إنه موجّه تحديدًا، لمحو ذاكرة الأجيال الجديدة، ويمكن لمن يريد الاطلاع والاستفادة، متابعة ما تحتويه هذه الوثيقة.
يطرح "الدين الجديد" مدينة أور العراقية التي انطلقت منها الدعوة الإبراهيمية، مكانًا للحج بديلًا من مكة وبيت لحم والقدس والفاتيكان...، ومنها تبثّ الروح الإبراهيمية الجديدة، عبر الصلاة الجماعية المشتركة التي تجمع الجميع، والجميع عليهم أن يجتمعوا لقراءة مشتركة للكتب السماوية، وصولًا لتكريس العبادة المشتركة. وبهذا يتم استبعاد كلّ ما هو مختلف وابقاء المتفق عليه. مثلًا سيتم استبعاد القول: إن اليهود "شعب الله المختار"، كذلك إن المسلمين "خير أمة أخرجت للناس"...، بهذا يتم استبعاد "أنا" الاختلاف، والتأسيس للسلام الديني العالمي وللأخوة الإنسانية التي تتوج بقانون يسمح باستئجار الأرحام، وبأعمال مشتركة بين المؤمنين وغير المؤمنين. كما يتم بناء أخلاقيات جديدة لوطن بلا حدود، ولقيم قائمة على العدل والمساواة والرحمة. فالأرض هي المساحة المشتركة التي تجمع الجميع. كما تم اختيار يوم 14 أيار/مايو يومًا للصلاة المشتركة والحوار الشعائري لكل العالم.
هذه هي خلاصة تعاليم المشروع الإبراهيمي الجديد الذي تطمح الولايات المتحدة الأمريكية أن تعممه، ليصبح "الإله الأمريكي" هو الجامع، وهو إله هذا الكون؛ إله يجمع الجميع، ويكون البديل من الصيغ الدينية التقليدية التاريخية (المسيحية واليهودية والإسلامية) المنتشرة في العالم منذ آلاف السنين. وكأن هذا المشروع يعيد التاريخ إلى الوراء من خلال إعادة إحياء تلك العقائد بعد ما يزيد على ألفي سنة.
إن طرح هذه "الديانة"، ليس سوى استخفاف بعقول المليارات من البشر في جميع أنحاء العالم. فهل تعتقد الولايات المتحدة أن الشعوب التي آمنت بهذه الأديان في ذلك التاريخ، يمكن استنساخها اليوم، أو أن الولايات المتحدة الأمريكية ستحاول إعادة زرع بذور لوعي بشري متشابه لما كان عليه وعي شعوب ذلك الزمن، وها هي قد وضعت الأسس لاسترجاع ذلك العالم الذي تقوم اليوم بتقسيم شعوبه إلى يهود ومسلمين في البدء فلسطين مثالًا، كذلك إلى مسيحيين ومسلمين، والمثال لبنان والسودان؟
أما المرحلة الجديدة التي يتم التحضير لها في "الفيلم الأمريكي الطويل"، فتهدف إلى تقسيم المنطقة ببن السنة والشيعة، مثال ما رسم للعراق وسوريا واليمن ولبنان، وما يرسم لدول أخرى. ففي هذه البلدان رسمت الولايات المتحدة الأمريكية صورة لمشروعها، ويأتي المشروع الإبراهيمي لزرعه في دول مفككة فاشلة معظم مكوّنات شعوبها من الأميين.
لقد عملت الولايات المتحدة على تغيير الديموغرافيات السكانية لهذه الدول، فتم مثلًا في الدول الغربية في القرن العشرين، اجتثاث القسم الأكبر من معتنقي الديانة اليهودية. وما فعله هتلر (Hitler) لم يكن سوى نموذج لـــــما كـــــان يمارس ضد اليهود من عنصرية. أما في العالم العربي ولتحقيق الحلم الاستعماري، فقد تكفلت "الوكالة اليهودية" التي هي بإدارة استعمارية، مع سلطات الانتداب، بدفع المواطنين اليهود العرب من ترك مواطنهم العربية التاريخية.
لذا، إن الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول تعميم المشروع الإبراهيمي، تركّز على تسويقه كما تشير الباحثة جمال الدين في كتابها، في "الجامعات، وفي دول عدة، وسيكون الهدف من نشره، كما تدعي، تعزيز فكرة الاستقرار في الشرق الأوسط، باعتبار الشرق الأوسط أساس الاستقرار في العالم". هذا وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تسويق مشروعها أيضًا عبر "محافل دولية منها منظمة الأمم المتحدة، كذلك عبر الدعوة إلى مؤتمرات وقمم دولية. وأيضًا فهي تركز على الشباب باعتبارهم أساس الحركة المجتمعية".
إن لهذا المشروع أخطارًا كثيرة سترافق نشر هذا الدين، وترى جمال الدين أن اتساع عدد المؤمنين به، سيكون له انعكاسات سلبية على الأديان الثلاثة الذين سيفقدون قدسية ما يؤمنون به، وما توارثوه، وأصبح منغرزًا في كياناتهم الوجودية، بل في شرايينهم وروحهم. نعطي مثالًا حول الأضرار التي ستنجم عنه، مصير مكة والفاتيكان والقدس وبيت لحم.
من دون نسيان، إن المشروع، سيكون له انعكاسات سلبية على القضية الفلسطينية، وحقوق الفلسطينيين في أرضهم، وتعميمه سيفتح الأبواب للحديث على أماكن وقضايا لاهوتية قديمة ومستحدثة.
- خاتمة
يبدو من المفيد القول في خلاصة هذه الدراسة (الحوار)، إنها ليست سوى لإشعار الأصدقاء في المنتدى الشرق أوسطي، بعمق ثقتي بهم، وتقديري العالي لما يقدمونه. لكن هذا التقدير لم يمنع من إبداء وجهة نظر تنسجم مع تفكير صاحبها. وتعبّر عن هواجسه وتطلعاته. لهذا وبهذا الحب والتقدير، كانت هذه الدراسة بهدف طرح سؤال: هل الشعوب العربية عاجزة عن رسم صورة لحياتها، كي تستعين بالسماء؟
إن الممارسات والمشاريع الاستعمارية التاريخية التي نفذتها بدايةً الدول الاستعمارية من فرنسية وإنجليزية، قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، ولاحقًا أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، سيلحظ أن هذه الدول ولتنفيذ مشاريعها، لم يكن مساعد لها سوى استغلال الدين لبثّ الخلافات، وبثّ الفتن، والهدف تحقيق هيمنتها وديمومة وجودها.
لقد التفت الانجليز لأهمية استخدام الدين في منتصف القرن الثامن عشر حينما ساهموا بتأسيس "الوهابية" التي عبرها رُسم الشكل الأول لدول الخليج العربي، وفي بداية القرن العشرين تم تأسيس "منظمة الإخوان المسلمين" التي رسمت صورة مشبوهة ومشوهة للشعوب العربية، ومن ثم "وعد بلفور"، ثم "مؤتمر سايكس بيكو"... هذه المشاريع لم تكن من بنات أفكار الإنجليز والفرنسيين، وإنما تمت العودة إلى التاريخ الإسلامي بهدف استغلاله، ومنه أعيد الحسبان لما كانت عليه التقسيمات الاجتماعية في أواخر حكم الدولة الإسلامية العباسية، فتم تأسيس وطرح هذه المشاريع لزرع بذور التمايز والتفرقة ببن المكوّنات الاجتماعية العربية والمتعددة الأيديولوجيات الدينية.
كان هدف هذه الدول الاستعمارية إعادة تجذير التمييز الذي كانت عليه شعوب القرون الوسطى، فأعادت نظام أهل الذمة الذي دُمج بالنظام الملّي العثماني، ومنه تم تقسيم وتشكيل الوطن العربي. وحديثًا يتم رسم صورة جديدة للعالم العربي، مبنية على تقسيمات جديدة؛ ففي سوريا والعراق وفلسطين تم اجتثاث المواطنين المسيحيين ومعهم الملايين من مواطني العراق وسوريا من السنّة، كما تم تقسيم السودان إلى دولتين، وفي لبنان يتم اجتثاث المسيحيين على نار باردة، وفي المرحلة الأخيرة، يتم تقسيم المنطقة إلى سنّة وشيعة.
بهذه السياسة تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد رسمت مشروعًا أعادت به إحياء ما كانت عليه شعوب القرون الوسطى من جهة، وإعادة رسم خرائط جديدة مبنية على متغيرات في الأوضاع الديموغرافية للشعوب العربية من جهة ثانية.
وعلى أنقاض ما تفعله، تسوّق لمشروع "الديانة الإبراهيمية" لتحققه على واقع تقسيمي جديد ترسمه للمنطقة، واقع يشبه بما كان عليه الوضع العربي في عالم الدول الفارسية والرومانية والبيزنطية قبل ألفي سنة. والآن وفي الألفية الثالثة، بوجود الدولة الصهيونية والخلافة العثمانية ودولة ولاية الفقيه، وفي ظل التحولات المفصلية في النظام الرأسمالي، تأتي الولايات المتحدة الأمريكية لتضع مشروعها التقسيمي الذي يعيد مكوّنات الشعوب العربية إلى واقع النظام القبلي الديني الذي تخطط له، وتضعه كما تعتقد، على أرض صلبة يمكن أن يعيش فيها هذا المشروع!
***
* رئيس التحرير - Editor-in-Chief
الهوامش
[1]- عقد المؤتمر في الحمراء (بيروت)، في شهر تموز/يوليو 2023، عن التأثيرات والمضاعفات المحتملة للذكاء الاصطناعي على منطقة الشرق الأوسط. وقد حاضر في المؤتمر عدد من الباحثين والمفكرين العرب، منهم: رئيس جامعة المقاصد الخيرية الإسلامية البروفسور حسان غزيري، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق في مصر د. محمد سالم، ومدير منتدى التكامل الإقليمي سعد محيو... وشرع القيمون على المؤتمر بمناقشة "نداء بيروت" تمهيدًا لإطلاق النداء، وتشكيل وفد إقليمي يجول على الدول الرئيسة في المنطقة، لطرحه على أصحاب القرار ونخب المجتمعات المدنية.
[2]- يعدّ المجمع المسكوني الأول. وقد عقد في 20 آذار/مارس أو أيار/مايو إلى 19 حزيران/يونيو 325 م، في مدينة نيقية الواقعة في الشمال الغربي لآسيا الصغرى، بحضور الإمبراطور قسطنطين الأول ونحو 318 أسقفًا معظمهم من الشرق. وهدف المجمع دراسة الخلافات في كنيسة الإسكندرية بين آريوس وأتباعه من جهة، وبابا الإسكندرية الكسندروس الأول وأتباعه من جهة أخرى، حول طبيعة يسوع: هل هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر؟
[3]- التعبير للباحثة اللبنانية عايدة الجوهري. ينظر كتابها: "رمزية الحجاب: مفاهيم ودلالات"، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2011، (311 صفحة)
[4]- صدر كتاب "الديانة الإبراهيمية وصفقة القرن"، عن الدار المصرية اللبنانية، 2022 (256 صفحة)
[5]- كشف سيد نصير عن رسائل متبادلة بينه وبين عدد آخر من المسؤولين الأمريكيين حول فكرته عن إحلال السلام في الشرق الأوسط، التي تعرف باسم "دولة إبراهيم الفيدرالية". وقال في رسالة مطولة تلقتها صحيفة "الشرق الأوسط" من سجن فلورنس الفيدرالي بولاية كولورادو الذي يحتجز فيه أيضًا الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ"الجماعة الإسلامية" المصرية المحظورة، وقياديين أصوليين آخرين أدينوا في قضية تفجيرات نيويورك في العام 1993: إن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني تلقى منه رسالتين، وأمر بإيداعهما في ملف نصير الخاص بمصلحة السجون. ينظر: صحيفة الشرق الأوسط، عدد 8103 في 3 شباط/فبراير 2001، وعدد 8958 في 8 حزيران/ يونيو 2003، وعدد 21 آذار/ مارس 2016م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق