♦ د. شيخ إبراهيم سامب *
- نبذة عن البحث:
تعدّ اللغة العربية من أسرة اللغات السامية القديمة، وقد مرّت بمراحل وأطوار مختلفة قبل أن تستقرّ على حالها الأخيرة، وازداد من خلال تاريخها الطويل، عدد حروفها، وأصواتها، وثراؤها اللغوي تبعًا لتعدد لهجاتها، كما أن بعض أصواتها قد تغيرت واختلفت طريقة نطقها؛ فمثلاً:
حرف الضاد في الفصحى القديمة يختلف اختلافا جوهريًّا عن الضاد الشديدة الشائعة الآن حتّى على ألسنة قُـرّاءِ القرآن الكريم. وهذا الحرف لا يوجد في اللغة "الو لوفية" وربما العديد من اللغات الأخرى، لذا توصف العربية بلغة الضاد، لانفرادها به. ولما جاء الإسلام حفظ العربية وكساها بجمال الأسلوب، وقوّة العبارات، وجزالة الألفاظ، لأن القرآن والحديث منزلان بها؛ وهما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي، وبسببه تعلقت الشعوب الإسلامية، غير العربية، بتعلم اللغة العربية لفهم الدين الإسلامي.
وعملية التعليمية ــ التعلمية للناطقين بغير العربية؛ تعتمد في سهولتها أو صعوبتها على ما يتوفر من سمات وخصائص نفسية ولغوية واجتماعية وثقافية وغيرها مما يقرب الشقة ويسهل الأمر.
مشكلة البحث: تكمن مشكلة الدراسة في أن بناء المناهج الدراسية للناطقين بغير العربية يحتاج إلى أسس تتلاءم مع نوعية الدارسين ووضعيتهم وهي: الأسس اللغوية والنفسية والثقافية، لينطلق منها مؤلفو نصوص المناهج اللغوية والكتب المدرسية خاصة. وبما أن دارسي اللغة العربية في إفريقيا جنوب الصحراء عامة والسنغال خاصة، ليست اللغة العربية لغتهم الأصلية فإنهم يواجهون صعوبات جمّة في هذا الاتجاه، عند الشروع في بناء مناهج دراسية مناسبة لهم، مع العلم بأن كتب تعليم اللغة المقررة في المدارس العربية، تأتي من العالم العربي، وهي عادة تؤلف لأبناء العرب الذين لهم ثروة لغوية مناسبة لتلك الكتب، بخلاف أبنائنا في إفريقيا.
ولتخفيف هذه المشكلة يرى الباحث ضرورة اللجوء إلى استقصاء الكلمات العربية المقترضة في اللغات الإفريقية لتكون منطلقًا لغويًّا وثقافيًّا ونفسيًّا لتأليف الكتب المدرسية. وهذا ما تبحثه هذه الدراسة التي تعدّ واحدة من الجهود الرامية إلى تحقيق رغبات دارسي اللغة العربية من غير العرب في هذا المجال.
فالمقصود بالأسس هنا، أسس بناء منهج اللغة العربية لغير الناطقين بها؛ فقد تم تحديد هذه الأسس على أساس أن عملية التعليمية- التعلمية، تتطلب معلمًا، ومتعلمًا، ومادة تعليمية، ثم وسطًا يتم فيه التعلم. ولما كان المعلم هو القائم بهذه العملية، ودوره توجيه المتعلم، ومساعدته على اكتساب الخبرات الجديدة، وبالتالي فليس هو المستهدف من تلك العملية، ومن ثم فإن العناصر الثلاثة وهي: المتعلم، والمادة التعليمية، ثم الموقف التعليمي، وهي المنابع الأساسية لتلك الأسس، والقاعدة التي لا غنى عنها، لأي خبرة تعليمية- تعلمية أو هي "المصادر الأساسية للمعلومات اللازمة لتخطيط المنهاج". فإذا أهملنا تلك المصادر، فإن النتيجة ستكون وجود مناهج لا تتفق وطبيعة التلاميذ واحتياجاتهم ومتطلباتهم الأساسية، وخاصة في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق