♦ عماد بسام غنوم *
- نبذة عن البحث
لا بد من أن نشير في البداية إلى أن هذا البحث لا يسعى إلى الانتقاد الهدام، بل إلى البحث عن العيوب والثغرات بهدف معالجتها، للنهوض بالمعجم العربي، وتذكير بأهميته ودوره، حيث إنّ أهم عنصر من عناصر الحفاظ على لغة ما وتأمين استمراريتها وتطورها وتفاعلها مع العصر والحياة، هو المعجم الذي يمثّلها ويجمع ألفاظها ويضبط قوانينها.
وقد وضع العرب في القديم، الكثير من المعاجم منها الطويل الموسّع، ومنها الموجز المختصر، إلاّ أنّ هذه المعاجم لم تعد صالحةً اليوم للتعبير عن حاجات العرب، ولا تواكب لغتهم، فهي لم تتفاعل مع الألفاظ التي دخلت إلى العربية من اللغات الأخرى، فجمّدت بذلك اللغة العربية وجعلتها "لغة موت" لا لغة حياة وتجدد.
عندما بدأ عصر النهضة في القرن الثامن عشر، هبّ اللغويّون العرب، لوضع "معجم" حديث يواكب حياتهم ويعبّر عن حاجاتهم ويتفاعل مع سائر اللغات التي تفاعل معها العرب حضاريًّا. وقد ظهرت محاولات عدة لإخراج "معجم" يفي بهذه الشروط، نذكر منها: محيط المحيط لبطرس البستاني (1819- 1883)، وأقرب الموارد في الفصيح والشوارد لسعيد الشرتوني (1849- 1912)، والمنجد للأب لويس المعلوف (1867- 1946)، والمرجع لعبد الله العلايلي (1914 – 1996)، والرائد لجبران مسعود (1930)، والمعجم الوسيط لمجمع اللغة في القاهرة.
إلا أنّ هذه المعاجم على كثرتها وتنوعها ظلت غير وافية بحاجات اللغة العربية، وقاصرة عن تقديم "معجم" كامل للمثّقف العربي، كما أنّها عجزت عن مواكبة العصر في مختلف ميادينه. وذلك رغم جهود مؤلّفيها وحرصهم على إخراجها على أكمل وجه، وربما عاد سبب فشلهم في ذلك إلى تمثلهم المعاجم الغربية ولا سيما الفرنسية منها؛ فالعربية لا تتوافق مع غيرها من اللغات في الشكل والبناء والتركيب والاشتقاق، ولا بد من مراعاة قوانينها الخاصة في وضع أي" معجم" حتى يكون ناجحًا ومعبرًا عن العربية أصدق تعبير.
وعلى الرغم من هذا الواقع، فإن التأليف المعجمي العربي قد توقف منذ أكثر من ثلاثة عقود، ولم تقم بعد محاولة اللغويين اللبنانيين في النصف الثاني من القرن الماضي، أي محاولة جدية لوضع معجم تاريخي للغة العربية، أو حتى محاولة تطوير معجمي لإدخال الألفاظ الجديدة الطارئة في عصرنا، خصوصًا في مجال الاختراعات والتكنولوجيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق