♦ محمد بن سليمان بن علي حريز الشحي *
نبذة عن البحث
تقع محافظة مسندم في أقصى شمال سلطنة عُمان وتطلّ على مضيق هرمز الذي يعدّ بوابة تربط بين الخليج والبحار المفتوحة في بحر عُمان والمحيط الهندي. تضم محافظة مسندم أربع ولايات هي: خصب ودبا وبخا ومدحاء، ومركز المحافظة ولاية خصب. واستقر الإنسان قديمًا في المناطق السهلية والجبلية بالمحافظة مطوعًا ومستفيدًا من مقومات الحياة التي حبا الله تعالى بها هذه المحافظة من صيد بحري وفير، وتربة خصبة في السهول، ومدرجات في الجبال ساعدت الإنسان على التكيف مع الظروف البيئية الصعبة من خلال انتاج زراعي متنوع.
اعتمد أهالي محافظة مسندم على المياه الجوفية والبرك المائية التي بناها الانسان في الجبال لري المزروعات والشرب، ناهيك عن وجود عيون في الجبال والسهول ساهمت في تركز السكان.
مع تقدم الحياة، ابتكر الإنسان العماني في محافظة مسندم، العديد من الصناعات التي فرضتها عليه مقومات الحياة وبنيتها في المحافظة والتي كانت شاهدًا على براعته وإبداعه في ظل ظروف الحياة الصعبة.
هنا نقف مع نماذج من هذه الصناعات برزت في نيابة ليما التابعة لولاية خصب، برع فيها أهالي الجبال، وساهمت في تسهيل أمورهم وبناء الإنسان، عرفت في وقتنا الحالي بالصناعات الحرفية وذلك لحرفة صاحبها واعتماده في عمله على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية التي اكتسبها من أجداده، وذلك باستخدام الخامات الأولية المتوفرة في البيئة الطبيعية المحلية، أو الخامات الأولية المستوردة بحيث يتم التعامل معها في الإنتاج بصورة يدوية، أو باستخدام بعض الأدوات البسيطة.(1)
صُنّف هذه الصناعات من قبل الباحث، إلى الآتي:
الأواني الفخارية ومثال عليها أواني الطبخ وملحقاتها، والأدوات المصنوعة من الجلود مثل قرب نقل الماء من البرك وغيرها من الأدوات التي اعتمد الإنسان فيها على دبغ جلود الحيوانات، والأدوات المصنوعة من شعر الحيوانات كالمنسوجات والحبال، والأدوات المصنوعة من السعفيات التي أخذت حيزًا كبيرًا من الصناعات الحرفية بسبب وفرتها بالبيئة الطبيعية للمحافظة المرتبطة بزراعة أشجار النخيل المصدر الأساسي لهذه الحرفة، وكما اشتهرت أيضًا بصناعة الأدوات الخشبية التي جسدها باب بيت القفل الذي تشتهر فيه المحافظة، وأيضًا المناديس والشبرية وغيرها من الأدوات. وأخيرًا نختم هذا التصنيف بأعمال الحدادة التي مثلت عصا الجرز محورها بما تحمله من دلالات تاريخية وموروث أصيل لمحافظة مسندم.(2)
"جبل حارم" سلسلة جبلية في ولاية خصب بمحافظة مسندم تقع في أقصى الشمال من سلطنة عمان، وهي من البقاع الأولى (الأولى رأس الحد على سواحل محافظة الشرقية - عمان) التي تشرق منها الشمس في الوطن العربي.
يقع «جبل حارم» أو (جبل حريم) كما تسمّى محليًّا، على ارتفاع يصل إلى 1,600 متر عن سطح البحر بولاية خصب محافظة مسندم، وتعد الرحلة إليه مغامرة شيقة بسيارات الدفع الرباعي من خلال الطريق الممهد بين المسارات الجبلية الضيقة، مرورًا بقرى جبلية ومزارع القمح وأودية خضراء بين المرتفعات يمكن للزائر الوقوف بها. يصل الزائر إلى القمة المنبسطة لجبل حريم، وعلى ذلك الارتفاع، يشاهد الزائر أحافير أسماك وأصداف، بالإضافة إلى أحياء بحرية أخرى متحجرة، ويقدر العمر الجيولوجي لهذه الأحافير بأكثر من 250 مليون سنة حين كانت البحار تغمر هذه القمم الجبلية.(3)
وتغطي الجبال أغلب البنية المساحية لمحافظة مسندم مع بروز منحدرات وأودية عميقة ومنحدرة. أدى هذا الانحدار إلى تجمع مياه الأمطار حيث تكوّن بذلك أودية وأحواضًا جوفية، كذلك تغذي مزارع النخيل بسفوح الجبال والمتاخمة للأودية. كما ان هذه الجبال تعدّ حصنًا طبيعيًّا ضد الأعداء.(4)
تأوي هذه القمم الشاهقة قرى صغيرة بين سفوحها، وكانت الوسيلة الوحيدة للتنقل بين هذه القرى، الطرق والممرات القديمة، أما الآن فتربط بينها طرق ممهدة يغطيها الحصى.(5)
تقابل السائح والمتنقل الذي يسلك الطرق المؤدية إلى الجبال، مشاهد للساحل، وهنالك عدد من الجبال شديدة الانحدار وجروف بحرية شديدة الانحدار تغري متسلقي الجبال، وهنا تعد الرحلات مصدرًا للمتعة.(6)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق