رسم المفكر المصري حسن حنفي (1935 – 2021) عبر ترجماته لعشرات الفلاسفة، ومؤلفاته الفلسفية، صورة مغايرة للإسلام التقليدي. مثّل جيلًا له موقعه ورؤيته للتاريخ الفلسفي. كان مجتهدًا، واجه السلفية الإسلامية النمطية التي شوّهت صورة الإسلام وساهمت في تغليب ثقافة الموت على ثقافة الحياة.
حنفي نودّعه ونحن التلامذة الذين سنكمل ما بدأه المصلح الكبير، فقد ساهم إلى جانب مفكرين عرب: محمد أركون ومحمد عابد الجابري وعبدالله العروي وناصيف نصار والياس مرقص وياسين الحافظ وعبدالله العلايلي وفاطمه المرنيسي ونوال السعداوي وغيرهم، في إثراء الفكر الفلسفي العربي.
أذكر في أحد اللقاءات بين د. علي مبروك ود. حنفي تلك التى كان لكل منهما رأيه في النظرة إلى التيارات الإسلامية وممارستها، لم يبتعد مبروك من خصوصيات التطور التاريخي للمجتمع المصري، مستشهدًا بأطروحات سمير أمين وأحمد صادق سعد ونيللي حنا. وأذكر كذلك، أنني دعيت لحضور مناقشة أطروحة دكتوراه للطالبة ماجدة يوسف عن فكر هيغل بإشرافه ومشاركة د. زينب الخضيري، وقد دار نقاش حول المنهجية الأكاديمية في الإشراف على العمل الأكاديمي المقدم من طلاب الدكتوراه، ورأت الخضيري أن في كتابات حنفي خروجًا على علم السياسة إلى العلم اللاهوتي، وبهذا لم يعد هناك من سياسة، بل أصبحنا فى معركة عقائدية.
ومن محاضراته أيضًا، محاضرة ألقاها في المكتبة الوطنية الجزائرية في العام 2007، وقد أثارت زوبعة من النقاش، إذ دعا فيها إلى تأسيس تيارات فكرية يسارية إسلامية تحت حجج من واقعية أيديولوجية.
وأذكر أيضًا، أنني دعيت منذ سنوات لتكريم حنفي في بيت السفارة العراقية في مصر، وكان الداعي د. قيس العزاوي السفير والممثل للجمهورية العراقية في جامعة الدول العربية. في هذا اللقاء، أعاد د. جابر عصفور إلى الذاكرة يوم ذهب حنفي لخطبة حبيبته التي أصبحت في ما بعد زوجته، وذكر أن حنفي كان يخبئ تحت جاكيته دجاجة، وعندما تمت الخطبة، أظهر الدجاجة، وكان عشاء يتذكره جميع من حضروا الخطبة.
رحم الله العلامة حسن حنفي الذي ترك بصمة في الفكر الفلسفي لن تنسى. سيفتقدك تلامذتك، وستبقى في الذاكرة مدماكًا شامخًا من مداميك الفكر الفلسفي.
لروحك السلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق