Al-Hadatha Journal: 31 years of communication - Welcome to the site (under construction). Here we publish Abstracts of research

بحث - Search

مجلة الحداثة: 31 عامًا من التواصل - أهلا بكم في الموقع الترويجي (قيد الانشاء) ننشر هنا ملخصات عن الأبحاث

المشاهدات

ظاهرة الذكورة وتأثيرها في شعر نزار قباني (قراءة ثقافية في نماذج مختارة)

إبراهيم صالح سعد - مجلة الحداثة

إبراهيم صالح سعد *


نبذة عن البحث


نزار قباني

تقترن "الذكورة" بكل ما يميز الرجل عن المرأة ويمنحه الأفضلية في الاكتساب والقدرة على المنع والضغط والتحكم بالآخر، ولا سيما المختلف وهو "الأنثى". وبالتالي ليس دقيقًا فحسب، اقتران الذكورة بوصفها سلطةً بالفرض على الآخر المختلف جنسيًّا (الأنثى)، أو حصرها بعنوان القدرة الجنسية وفعلها أو فاعليتها عند الرجل وتوكيدًا لها، يقال رجلٌ ذكر كما يقال تعبيرًا عن قوتها عنده أنه فحلٌ، هذه الفحولة لا يتردد في إظهار عنفوانها، ولا في الابتهال لاكتسابها، ولا في الاحتفال بها(1)،
يعالج هذا البحث هذه الظاهرة (الذكورة) وتأثيرها في شعر الشاعر السوري نزار قباني (1923- 1998م) من خلال نماذج مختارة، فيسعى بدايًة إلى عرض بعض الآراء العربية في مفهوم الذكورة على المستوى العربي تحديدًا، ومن ثمّ يعالج البحث عبر قراءة ثقافية، الذكورة وتأثيرها في شعر قباني؛ فهل بدا مؤيدًا أم رافضًا لها، أم تضمن شعره الاتجاهين معًا؟

- في مفهوم الذكورة العربية


يرى الباحث الأكاديمي اللبناني د. وجيه فانوس (1948م)، أنَّ المجتمع العربي "مجتمع ذكوري بصورة عامة وشاملة، إلا أنَّ هذه الذكورية، كانت مؤسسةً ومنطلقةً إلى حدٍّ كبيرٍ في عيش وجودها، من خلال المرأة وبها ولها، لهذا فقد يمكن القول إنها إلى حدٍّ كبيرٍ ذكوريةٌ مؤسسةٌ على رداتِ فعلٍ موضوعها المرأة، فالمرأة، تمثل هاجسًا أساسًا في الحياة المجتمعية العربية، فهي موضوع جوهري في حياة الرجل، تمثل له الشرف، بقدرته على حمايتها وصونها ورعايتها، كما تمثل له الاستقرار، بركونه إليها والاستمرار بما تُنجِبُهُ من ذريِّة، وهي العار إذا ما ظهرت بخلاف ذلك، ولعل المساحة التي احتلتها المرأة في تشكيل نسيج حياة العرب المجتمعية أكثر اتساعًا من المساحة التي احتلها الرجل"(2)، لهذه الأسباب جميعًا، فقد سعى الرجل، عبر تاريخٍ طويلٍ، من التعايش مع المرأة إلى السيطرة عليها والتحكم بكيانها، ومصيرها في كل جوانب الحياة المختلفة، الجنسية، والاقتصادية، والفكرية، و"المبالغة المفرطة في المحافظة والتشدد في التعامل مع التشريعات، والمفاهيم والقيم سواءً أكانت هذه جميعها، دينية الطابع، أو دنيوية، فوجد قطاع كبير من النساء العربيات أنفسهن، أمام سلوكيات تَحجرُ ليس على كثيرٍ من سلوكياتهن المجتمعية وحسب، بل تسعى إلى حجرٍ حتى على مشاعرهن ومناهج تفكيرهن"(3).
ويمنح المفكر السوري جورج طرابيشي (1939– 2016م)، ظاهرةَ الشعور بالتفوق الذكوري المتغلغلة في وجدان الرجل الشرقي عمومًا وبشكلٍ أدقَ المثقف الشرقي المغترب في أوروبا، في منتصف القرن العشرين، أو قبل ذلك بقليل، بعدًا ثقافيًّا جنسيًّا في الوقت ذاته، وذلك في دراسة طرابيشي للأدب الروائي العربي، وكيفية تناوله العلاقة الحضارية بين الشرق والغرب، فهو يرى أن عملية المثاقفة بين الشرق والغرب مبنيةٌ أساسًا على وجود طرفين: موجب وسالب، فاعل ومنفعل، ملقِح وملقَح، ويرى أيضًا أن الثقافة الحديثة، كذلك القديمة، هي في الأساس والجوهر ثقافة ذكورية، ويزعم طرابيشي، أن المثقف الشرقي هناك، كان يشعر بالخصاء الفكري، والعُنة الثقافية، أمام الآخر بحسبانه فاعلًا في عملية المثاقفة هذه، إلا أنه لم يكن يشعر بالدونية المؤنثة، وهو نتيجة هذا الشعور، فإنه يلوذ بماضيه الحضاري الذي يفترض أنه ينُّمُ هو الآخرُ عن رجولةٍ، فحاولَ استعادة رجولته، في نظر الطرف الآخر بوصفها علاقةَ تحدٍ وسيطرة وعنف، أي إن هذا المثقف بدأ يقيم علاقة توازٍ وتماهٍ بين الثقافة والرجولة، فما دامت الثقافة رجولةً، فإن الرجولةَ ثقافةٌ أيضًا، أو بالأحرى ذكورة (4).
ويرى طرابيشي أنَّ إحساس المثقف الشرقي بخصائه في الغرب، "لن يزيده إلا تشبثًا بذكورته، ومعاناته من العنة الفكرية لن تزيده إلّا تأجج فحولة، فإن لم يكن رجلًا في مضمار الثقافة، فليكن رجلًا وأكثر من رجل في مضمار الرجولة الطبيعي، وهذا معناه بصريح العبارة، أنَّ ردّ فعلهِ على عملية المثاقفة، ستكونُ بقضيبهِ، معه سيحملَهُ مُنتعِظًا مُعربدًا أينما حلّ وارتحل، وعلى الأخص في الأماكن التي تثور فيها الشكوك حول رجولته، أي في أماكن الثقافة؛ في مدرجات الجامعة؛ في دور السينما؛ في صالات المعارض وقاعات الموسيقى، لن يرى وهو في محراب هيكل الثقافة إلا المرأة، ولن يُصخ سمعًا إلا لموسيقى ساقيها"(5).
على الرغم من أننا لا نميل إلى تبني وجهة نظر طرابيشي في ما يخصّ الخصاء الفكري والعنة الثقافية التي يفترض أن المثقف الشرقي العربي يعاني من تبعاتهما، إلا إنَّ هذا التحليل يمكن أن يقدم تصورًا دقيقًا عن تغلغل النسق الذكوري بمعناه الأيروسي الجنسي المضمر في كوامن لاوعي الرجل الشرقي الذي يحاول إثبات رجولته في الغرب، من خلال جسد المرأة، نتيجة الكبت الذي كان يعانيه في الشرق بحكم العادات والتقاليد الصارمة التي تحدد علاقة الرجل بالمرأة ضمن إطار الزواج فحسب، وهو تصور مغاير لما يقدمه وجيه فانوس الذي عالج وضع المرأة في المجتمع العربي ضمن الرقعة الجغرافية العربية على أنها تمثل شرف الرجل وعرضه، وصيانتها والدفاع عنها من أولوياته؛ وذلك بحكم العادات والتقاليد التي تحررت منها أكثر المجتمعات الغربية.

- نظرتان في شعر قباني


يطرح نزار قباني في شعره مظاهر الذكورة وهيمنتها وتسلطها على الآخر- المرأة بكيفياتٍ مختلفةٍ، وصورٍ متعددةٍ، ونماذج بعضها مأخوذٌ من الواقع، وبعضها الآخر مبتكر يستجيب لدواعي الرغبة، أو يكون مقترنًا بالعاطفة، أو موجهًا بالعقل لتدارك المخاطر التي ينطوي عليها الرضوخ المطلق لهذه السلطة من قبل المرأة، وطلبًا لإصلاح مناخ العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع من خلال معالجة حالات تتسم بالسلبية، وتصلح أن تكون عيناتٍ تغطي مساحاتٍ كبيرةً من واقع علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع العربي، وهنا يجب دراسة هذه المظاهر بصوتي الرجل والمرأة، تكريسًا وتأييدًا، أو رفضًا وإدانةً، لمظاهر هذه السلطة وتنوعاتها، وإضافة سلطة العادات والتقاليد والشرائع إليها بحسبانها نتاجًا ذكوريًّا في الغالب، أو محميةً من المجتمع الذكوري، كما أنَّ "الرجولة بحسبانها ماهية القوة والفضيلة، ومناط الشرف ومبدأ حفظ الشرف والدفع إليه، تبقى على الأقل ضمنيًّا غير منفصلة عن الرجولة الجسدية، ولا سيما عبر دلائل القوة الجنسية ووظائفها المنتظرة من الرجل"(6)، وعلى الرغم من أنها تنصرف إلى دلالاتٍ أخرى كالفضيلة والشجاعة والمروءة وما إلى ذلك مما أسبغته عليها المنظومة القيمية للمجتمعات في الغالب، إلا أنَّ أمثلةً كثيرةً تحددها في القدرة الجنسية والذكورة وممارساتها بحسبانها سلطة مهيمنة على الجنس الآخر (المرأة) وموجهة نحوها، بما تتضمنه من تفوق.
تلحظ في شعر قباني هذه السلطة وهيمنتها – بصوت الرجل- بصورٍ عديدةٍ ومتنوعةٍ ونماذجَ تشكلُ في مجملها التنوعَ الإنسانيَ في المواقف والرغبات المختلفة، وينظر الشاعر إلى هذه السلطة نظرتين مختلفتين؛ تتضمن الأولى تكريس الذكورة وإبراز عنفوانها، في حين تتناول الثانية إدانتها، والحط من قيمتها، والكشف عن ضعف إنسانيتها أو تحللها الأخلاقي، ولإيضاح هاتين النظرتين المتضادتين نعالجها من خلال نصوص الشاعر في هاتين النقطتين:

(...)

***


* باحث عراقي. يعدّ أطروحة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها – المعهد العالي للدكتوراه – الجامعة اللبنانية


1- الطاهر لبيب: سيوسيولوجيا الغزل العربي، الشعر العذري نموذجًا، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، ط1، 2009، ص234
2- وجيه فانوس: إشارات من التثاقف بالعربي مع التغريب في القرن العشرين، مطبعة فانوبرس، بيروت 2004، ص70
3- م. ن.، ص70-71
4- جورج طرابيشي: شرق غرب، رجولة أنوثة، دراسة في أزمة الجنس والحضارة في الرواية العربية، دار الطليعة، بيروت، ط4، 1997، ص11-13
5- م. ن.، ص14
6- بورديو، بيار: الهيمنة الذكورية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2009، ص30
7- نزار قباني: الأعمال الشعرية الكاملة، منشورات نزار قباني، بيروت مج1، ط 14، 1998، ص77
8- خريستو نجم: النرجسية في أدب نزار قباني، دار الرائد العربي، بيروت 1983، ص162

الحداثة (Al Hadatha) – س. 29 – ع. 223 - ربيع 2022 Spring

ISSN: 2790 -1785

هناك تعليق واحد:

اقرأ أيضًا

تعليقات القرّاء

راسلنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تصنيفات وأعداد

Al Hadatha (975) أبحاث في الأدب واللغة (349) أبحاث في الثقافة الشعبية (245) أبحاث في العلوم الاجتماعية (179) أبحاث في الفنون (167) أبحاث في التاريخ (123) أبحاث في التربية والتعليم (108) أبحاث في العلوم السياسية والاقتصادية (77) أبحاث في علم النفس (61) مراجعات (59) أبحاث في الفلسفة (55) صيف 2019 (42) شتاء 2020 (38) محتويات الأعداد (38) خريف 2020 (37) ربيع 2020 (37) افتتاحية الأعداد (36) خريف 2019 (35) صيف 2020 (35) خريف 2023 (34) ربيع 2024 (34) شتاء 2024 (33) أبحاث في الآثار (32) الحداثة : أعلام (32) أبحاث في الإعلام (31) شتاء 2021 (31) خريف 2016 (26) شتاء 2017 (25) الحداثة في الإعلام (23) ربيع 2021 (23) صيف 2018 (23) صيف 2023 (23) نوافذ (23) خريف 2018 (22) ربيع 2022 (22) صيف 2017 (22) شتاء 2022 (21) خريف 2021 (20) ربيع 2017 (20) ربيع 2023 (20) صيف 2021 (20) أبحاث في القانون (19) شتاء 2019 (19) خريف 1994 (18) أبحاث في كورونا (covid-19) (17) صيف 2022 (17) خريف 2001 (16) خريف 2022 (16) شتاء 2023 (16) أبحاث في العلوم والصحة (15) ملف الحداثة (15) ربيع 2019 (12) شتاء 2000 (12) شتاء 1996 (11) شتاء 2018 (11) خريف 1995 (10) ربيع 2015 (10) أبحاث في الجغرافيا (9) خريف 2004 (9) صيف 1997 (9) خريف 2017 (8) ربيع 1999 (8) ربيع 2016 (8) ربيع وصيف 2007 (8) شتاء 1998 (8) شتاء 2004 (8) صيف 1994 (8) صيف 1995 (8) صيف 1999 (8) أبحاث في الإدارة (7) شتاء 1999 (7) شتاء 2016 (7) خريف 1996 (6) خريف 1997 (6) خريف 2013 (6) ربيع 2001 (6) شتاء 1995 (6) شتاء 2013 (6) صيف 2000 (6) صيف 2001 (6) صيف 2002 (6) خريف 1998 (5) خريف 2000 (5) خريف وشتاء 2003 (5) ربيع 1996 (5) شتاء 1997 (5) صيف 2003 (5) صيف 2009 (5) ربيع 2002 (4) شتاء 2011 (4) صيف 1996 (4) صيف 2008 (4) خريف 2003 (3) خريف 2009 (3) خريف 2010 (3) خريف 2015 (3) خريف شتاء 2008 (3) ربيع 1995 (3) ربيع 1998 (3) ربيع 2000 (3) ربيع 2003 (3) ربيع 2012 (3) ربيع 2018 (3) شتاء 2001 (3) شتاء 2010 (3) صيف 1998 (3) صيف 2005 (3) صيف 2010 (3) صيف 2014 (3) صيف خريف 2012 (3) العدد الأول 1994 (2) خريف 1999 (2) خريف 2005 (2) خريف 2014 (2) ربيع 2006 (2) ربيع 2011 (2) ربيع 2013 (2) ربيع 2014، (2) شتاء 2005 (2) شتاء 2012 (2) شتاء 2014 (2) شتاء 2015 (2) صيف 2006 (2) صيف 2011 (2) صيف 2013 (2) صيف 2015 (2) الهيئة الاستشارية وقواعد النشر (1) خريف 2011 (1) ربيع 2004 (1) ربيع 2005 (1) ربيع 2009 (1) ربيع 2010 (1) ربيع 2014 (1) شتاء 2007 (1) صيف 2004 (1) صيف 2016 (1) فهرس (1994 - 2014) (1) مجلدات الحداثة (1)

الأكثر مشاهدة