♦ غنوة عباس نظام *
نبذة عن البحث
كانت اللغة وما تزال أصواتًا يعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم كما عرّفها ابن جني (أبو الفتح عثمان بن جني /941 – 1002م)، وهي الوعاء الأوسع، والكيان الاجتماعي الذي حظي باهتمام الدارسين، قديمًا وحديثًا وأداة تواصل، وتخاطب، وإبلاغ بين البشر. تُعدّ اللغة تلك المقاطع الصوتيّة، والحروف المركّبة الزاخرة بمعانٍ وطاقات دلاليّة مختلفة، هي المادة الأساس لتأسيس تراكيب لغوية، كما تحمل طاقات المبدع في التعبير عن مشاعره وأفكاره. واستطاعت اللغة العربيّة أن تحتوي رصيدًا ضخمًا من الألفاظ والتراكيب والطرائق للتعبير عن المشاعر والأحاسيس.
اهتم اللغويون القدماء والمحدثون بدراسة التراكيب اللغويّة، وتحدّثوا عن مكوناتها من خلال العمليّة الإسناديّة التي تشكّل نواة الجملة العربية، منطلقين من الأصوات التي تتركّب مع بعضها لتألف كلمة، وهي بدورها تأتلف مع صاحبتها لتكون الجملة، ومن ثمّ تتركّب الجملة مع جملة أخرى لتشكّل الكلام، وبه تتم الفائدة التي يحسن السكوت عندها.
يعرض البحث دراسة بنية تركيب الجمل الانشائيّة، تلك الجمل التي تتضمّن كلامًا لا يحتمل الصدق أو الكذب، ولتبيان دور العلاقات الداخليّة بين أجزائها، وقد نهجت الدراسة منهجًا وصفيًّا تحليليًّا للكشف عن كيفيّة صوغها، ولتبيان الوصف القواعدي لبنيتها.
بُداءةً لا بدّ من تبيان مكوّنات الجملة العربيّة، ولاسيما الجملة الانشائيّة، وذلك من خلال تفكيك عناصرها، ودراسة تراكيبها المختلفة.
درس النحاة مكوّنات الجملة، بما تحتويه من تراكيب أساسيّة، كالفعل والفاعل والمبتدأ والخبر، وعرّفوها بأنّها "العنصر الكلامي الذي يحوي ألفاظًا تتركّب مع بعضها بعضًا مشكلة الجملة التي تكون حكمًا اسناديًّا يحسن السكوت عليه، يؤدي الفائدة المرجوة. وهي تتكوّن من ركنين أساسيّين هما: المسند والمسند اليه؛ ولا بدّ للجملة سواء أكانت اسميّة أو فعليّة من احتوائهما"[i]، فالاسناد "هو الرابطة الحقيقية الجامعة بين أجزاء الجملة التي لا غنى لاحداهما عنه، وهو لا يستقر إلاّ في اسمين أو في فعل واسم"[ii].
أمّا ابن جني فقد حصر أركان الكلام – الجملة - في ركنين أساسيّين هما: "اللفظ المفيد، والاستقلاليّة، شمل بذلك أسماء الأفعال والأصوات وغيرهما، معرفًا الكلام بأنه في لغة العرب عبارة عن الألفاظ القائمة برؤوسها، المستغنية عن غيرها، وهي التي يسميها أهل هذه الصناعة الجمل على اختلاف تراكيبها"[iii].
(...)
***
* باحثة لبنانية - دكتورة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الجامعة اللبنانية
[i]- سيبويه، الكتاب، علم الكتاب، بيروت 1975، 1/23.
[ii]- ابن الحاجب، شرح الرضي على كافية، جامعة قار يونس، ليبيا 1975، 1/33-34.
[iii]- ابن جني، الخصائص، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1/32.
لائحة المصادر والمراجع
1- ابن جني، الخصائص، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط 4، 3 أجزاء.
2- ابن جني، المحتسب، تحقيق: علي النجدي ناصيف وآخرين، المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة، القاهرة 1994.
3- ابن الحاجب، شرح الرضي على الكافية، تحقيق: يوسف حسن عمر، الناشر: جامعة قار يونس، 4 أجزاء، ليبيا 1975.
4- ابن الأنباري، الإنصاف في مسائل الخلاف، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، ط 4، المكتبة التجارية، القاهرة 1961.
5- ابن يعيش، شرح المفصل، دار صادر، بيروت، 6 أجزاء، د. ت..
6- أبو حيان الأندلسي، ارتشاف الضرب من لسان العرب، تحقيق: رجب عثمان محمد ورمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، القاهرة، 5 مجلدات، ط1، 1998.
7- أبو عبد الله محمد بن قاسم ابن زاكور الفاسي: عنوان النفاسة في شرح الحماسة، الجزء الثاني، تحقيق د. عبد الصمد بالخياط، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.
8- الأزهري خالد، شرح التصريح على التوضيح، دار الكتب العلميّة، بيروت 2000، ط1، جزءان.
9- الأنصاري عبدالله، فغني اللبيب من كتب الأعاريب، تحقيق: مازن المبارك ومحمد علي حمدالله، ط6، دار الفكر، بيروت 1961.
10- بوابة الشعراء، تاريخ الزيارة 8 آب 2018:
http://www.poetsgate.com/Poet.aspx?id=2037
11- حسان تمام، اللغة العربية معناها ومبناها، دار الثقافة، المغرب 1994.
12- سيبويه، الكتاب، شرح عبدالسلام هارون، طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، عالم الكتب، بيروت 1975.
13- الكميت، ديوان الكميت، دار صادر، بيروت، د.ت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق