Al-Hadatha Journal: 31 years of communication - Welcome to the site (under construction). Here we publish Abstracts of research

بحث - Search

مجلة الحداثة: 31 عامًا من التواصل - أهلا بكم في الموقع الترويجي (قيد الانشاء) ننشر هنا ملخصات عن الأبحاث

المشاهدات

القصة الجنوبية المقاومة: وعي العلاقة بين الإنسان وأرضه

د. خديجة عبد الله شهاب - مجلة الحداثة

خديجة عبد الله شهاب *



وطني يأبى السلال
وطني أرض السنابل
جبران

- نبذة عن البحث


يرفض الأحرار أنْ تُغلّ أَيديهم بالسّلاسل، ذلك أنَّهم مجبولون بطبعهم على الحريّة، تلك الحرية التي تُحسب على أنّها منفعة خاصة بهم، تنسحب في ما بعد على منفعة جماعية على المستوى الوطني. ويُعدّ الوعي بمفهوم الحريّة والمقاومة ([1]) المدخل الرئيس لكلّ أدب يُعنى ويهتم بقضايا الإنسان الاجتماعية، خصوصًا ذلك الذي يسعى إلى الدّفاع عن الذّات "الجمعية" في مقابل "الآخر العدواني".
نطأ مع الأدب المقاوم أرضًا بكرًا إذ إن هذا الأدب- باستثناء التجربة الفلسطينية- لا يزال في بداياته، يتلمس طريقه، والأدباء الذي يسبرون غوره قلّة، على الرغم من أن التجربة اللبنانية، حافلة بقصصِ مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ومعاناة أهل الأرض جميعهم من دون تمييز بين طفل أم شاب، شيخ أو صبية، أعزل أم يحمل السلاح في مواجهة الاحتلال، ونحن إذ نعثر على بعض الروايات والقصص إلا أن الميدان لا يزال رحبًا للغوص فيه، ونقل التجربة كاملة، ما قد يساهم في تغيير الحال الراهن، وإعادة تشكيل مجتمع يعرف قيمة الأرض ويؤمن بضرورة "الدفاع عنها، والتصدّي لعمليّة المصادرة والتجريف من روح الهوية... واغتصاب الأرض"([ii]).
نسعى إلى تغيير جذري في البنى الاجتماعية، حيث تعمم المقاومة فتصبح "رؤيا شاملة للحياة"([iii])، تتجسد في مقاومة الغزو الخارجي لاحتلال الأرض، وقد أثبتت الأيام أنّها قانون أزلي، ونهج بديل في تصوّر التاريخ البشري لمقاومة الظلم بكل أشكاله وألوانه ([iv]).
في معرض مقاربة نتاج بعض الأدباء اللبنانيين الذين يكتبون أدبًا ملتزمًا مقاومًا لكل أشكال العنف، يُلحظ أنَّ انتاجهم الأدبي يركّز على البعد الإنساني، إذ يعالج حالة إنسانية من النّاحية القوميّة أو الاجتماعية، وينقلون للقارئ/المتلقي ما يشاهدونه من حركة الأبطال المناضلين الذين يخوضون الصّراع مع العدو حتى النهاية.
من هنا، يسعى هذا البحث إلى تناول جانب من "الأدب المقاوم"، وتحديدًا عبر نماذج مختارة من القصص القصيرة للدكتور علي حجازي ([v]) ابن جبل عامل، إذ يتسم انتاجه القصصي بشفافية وعفوية، وكتابة الحزن والأسى، والخوف والرّعب، فهو يحرّك مفاصل الحياة في مجموعته القصصية "العيون الغاربة"([vi])، لينقل إلى قارئه نزف أبطالها قبل أن يغيبوا عن الوجود.
يمكن القول إن حجازي من المساهمين في إعادة الحياة إلى فنّ القصّة القصيرة بعد أن أَفل نجمها في العالم العربي عمومًا، وفي لبنان خصوصًا، وكان قد ازدهر في القرن الواحد والعشرين الشعر العاملي على أنواعه: الموزون، والحرّ، وشعر التّفعيلة، ولا ننسى أن للعامليين مكانتهم العريقة في نظم الشعر المقاوم، ولا نغالي إذا قلنا إن الأرض الجنوبية هي مقلاع الشعراء الملتزمين بقضايا الأرض والأمّة، وأكثر ما برز ذلك في أواخر أربعينات القرن العشرين مع بداية اغتصاب الأرض الفلسطينية.
يتناول البحث إذًا، المعاناة التي يشعر بها أَهل الجنوب اللبناني، وقد تعرّضت أرضهم لاعتداءات متكررة من قبل العدو الإسرائيلي، لأنّها استضافت المقاومة الفلسطينية أولاً، وبحكم الموقع الجغرافي ثانيًا.
سارت المقاومة بالقلم والأدب، جنبًا إلى جنب مع المقاومة العسكرية، التي "كانت الوجه الذي يدفع الثمن الأغلى على أرض الواقع"([vii]). وسيكون للبحث وقفة مع أَرَق الأديب على وضع المرأة المقاومة، وهي التي دفعت بنفسها إلى فاعل مؤثر في غير اتجاه، سنعثر على تفاصيله في ثنايا قصصه، كما يعرض البحث حرص الكاتب على ضرورة التربية المقاومة "التي عُدّت واجبًا مشروعًا، ولا مناص منه من أجل الدّفاع عن الذّات والوطن والانتماء"([viii])، هذا الحرص النّابع من وعيه للموقف على حقيقته، وقد جعل المُغْتَصِبُ الأرضَ تئن تحت ضرباته، وقد عايش الناشئة جزءاً من هذا الاحتلال، وعاينوه عن كثب، وشاهدوا بأُمّ العين فعل ضربات المقاومة العنيفة، وقد أغنتهم فكريًّا وعقديًّا، وأعطتهم حافزًا للانضمام إليها، والدّفاع عن الأرض.
يرصد البحث في أدب حجازي أنسنته للأرض وهي تشكو وتتألم، وتحكي أسرارها وتفصح عنها لعشاقها، وقد دفعوا حياتهم ثمنًا لإحيائها، وهي التي تولّد الحياة من العزيمة والإصرار، وترسم المستقبل الزاهر.
إنّ البعد الإنساني الذي ينهض عليه الأدب المقاوم يدفعنا إلى اختيار المنهج البنيوي التكويني، وذلك استنادًا إلى رؤية المفكر والناقد الفرنسي لوسيان غولدمان (Lucien Goldman/1913 - (1970 حيث يقوم على الكلّية "والرؤية إلى العالم"([ix]). وركّزت المعرفة البنيوية على كون العالم حقيقة واقعة يستطيع الإنسان إدراكها، لذلك "توجهت توجهًا شموليًا إدماجيًا يعالج العالم بما فيه الإنسان"([x])، وتستند هذه الرؤية إلى المذهب الفنومولوجي (الظاهراتي) بمعنى أنّ الظّواهر الفردية لا يمكن فهمها إلاّ في إطار تجانس كلّي، وهو "يكشف الوعي الجماعي، والمصالح والقيم الاجتماعية... التي تعبّر باتساقها عن رؤية للعالم"([xi])، ولأنّ المنهج البنيوي التّكويني يُحدد بين الذات والموضوع، وبين الفكر والعالم، وبين الفئات الاجتماعية واندماجها، فقد فُهم على أنّه "جزء من علم اجتماع المعرفة"([xii])، وهو يتجاوز في كونه "مجرد منهجيّة في تحليل النّص، أو تقنيّة ذات مردود فكري إلى كونه نقداً للمجتمع"([xiii]) ولا سيما في حالته الرّاهنة.
في ضوء ما تقدّم، يدرس البحث وعي العلاقة بين الإنسان وأرضه، في بعدها الإنساني العام عبر عنوانين:

- يدرس العنوان الأول وعي المرأة بموقعها المقاوم، ودورها في المدافعة عن الأرض في المستوى الاجتماعي والسياسي.

- ويعالج الثاني وعي الناشئة بأرضهم وحبّهم لها، وتعلقهم بها.

(...)

***


* باحثة من لبنان - دكتورة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الجامعة اللبنانية


([1]) للمزيد، ينظر: السيد نجم: أدب المقاومة (مفاهيم وقضايا)، دار الهلال، القاهرة 2014 (سلسلة كتاب الهلال)
([ii]) جيهان فوزي: أدب المقاومة الفلسطيني ومكانة الأرض في الأدب، جريدة "المصري اليوم"، القاهرة، عدد 17/5/2014.
([iii]) غالي شكري: أدب المقاومة، دار المعارف، القاهرة 1998، ط1، ص 385.
([iv]) فايز رشيد: ثقافة المقاومة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2004، ط1، ص 98.
([v]) علي حجازي: أستاذ جامعي، وكاتب قصصي، وباحث في التراث الشعبي وفي القصة والرواية..
([vi]) علي حجازي: العيون الغاربة، دار الميزان للطباعة والنشر، بيروت، 1994، ط1
([vii]) علي مهدي زيتون: الشعر كتاب الثقافة، دار العودة، بيروت 2013، ط1، ص 87.
([viii]) حسين جمعة: ثقافة المقاومة إعادة بناء الذّات العربية، دار مؤسسة رسلان للطباعة والنشر، دمشق 2014، ط1، ص 199.
([ix]) بيير زيما: المنهج البنيوي التكويني، ترجمة عايدة لطفي، دار الفكر للدراسات والنشر، القاهرة 1991، ص41.
([x]) ميجان الرويلي، وسعد البازعي: دليل الناقد الادبي، المركز الثقافي العربي، بيروت 2002، ط 3، ص67-68.
([xi]) محمد الأمين شيخة: المنهج البنيوي التكويني، المدوّنة الأكاديمية للأدب والنقد، تاريخ النشر: 23 ك2 2012.
([xii]) لوسيان غولدمان: تأصيل النص المنهج البنيوي، مركز الإنماء الحضاري، حلب 1997، لا. ط.، ص 56-57.
([xiii]) بيير زيما: النّص والمجتمع آفاق علم اجتماع النقد، ترجمة انطوان أبو زيد، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2013، ط1 ص 20.

مجلة الحداثة - خريف 2016 - عدد 179/ 182

ISSN: 2790-1785

ليست هناك تعليقات:

اقرأ أيضًا

تعليقات القرّاء

راسلنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تصنيفات وأعداد

Al Hadatha (975) أبحاث في الأدب واللغة (349) أبحاث في الثقافة الشعبية (245) أبحاث في العلوم الاجتماعية (179) أبحاث في الفنون (167) أبحاث في التاريخ (123) أبحاث في التربية والتعليم (108) أبحاث في العلوم السياسية والاقتصادية (77) أبحاث في علم النفس (61) مراجعات (59) أبحاث في الفلسفة (55) صيف 2019 (42) شتاء 2020 (38) محتويات الأعداد (38) خريف 2020 (37) ربيع 2020 (37) افتتاحية الأعداد (36) خريف 2019 (35) صيف 2020 (35) خريف 2023 (34) ربيع 2024 (34) شتاء 2024 (33) أبحاث في الآثار (32) الحداثة : أعلام (32) أبحاث في الإعلام (31) شتاء 2021 (31) خريف 2016 (26) شتاء 2017 (25) الحداثة في الإعلام (23) ربيع 2021 (23) صيف 2018 (23) صيف 2023 (23) نوافذ (23) خريف 2018 (22) ربيع 2022 (22) صيف 2017 (22) شتاء 2022 (21) خريف 2021 (20) ربيع 2017 (20) ربيع 2023 (20) صيف 2021 (20) أبحاث في القانون (19) شتاء 2019 (19) خريف 1994 (18) أبحاث في كورونا (covid-19) (17) صيف 2022 (17) خريف 2001 (16) خريف 2022 (16) شتاء 2023 (16) أبحاث في العلوم والصحة (15) ملف الحداثة (15) ربيع 2019 (12) شتاء 2000 (12) شتاء 1996 (11) شتاء 2018 (11) خريف 1995 (10) ربيع 2015 (10) أبحاث في الجغرافيا (9) خريف 2004 (9) صيف 1997 (9) خريف 2017 (8) ربيع 1999 (8) ربيع 2016 (8) ربيع وصيف 2007 (8) شتاء 1998 (8) شتاء 2004 (8) صيف 1994 (8) صيف 1995 (8) صيف 1999 (8) أبحاث في الإدارة (7) شتاء 1999 (7) شتاء 2016 (7) خريف 1996 (6) خريف 1997 (6) خريف 2013 (6) ربيع 2001 (6) شتاء 1995 (6) شتاء 2013 (6) صيف 2000 (6) صيف 2001 (6) صيف 2002 (6) خريف 1998 (5) خريف 2000 (5) خريف وشتاء 2003 (5) ربيع 1996 (5) شتاء 1997 (5) صيف 2003 (5) صيف 2009 (5) ربيع 2002 (4) شتاء 2011 (4) صيف 1996 (4) صيف 2008 (4) خريف 2003 (3) خريف 2009 (3) خريف 2010 (3) خريف 2015 (3) خريف شتاء 2008 (3) ربيع 1995 (3) ربيع 1998 (3) ربيع 2000 (3) ربيع 2003 (3) ربيع 2012 (3) ربيع 2018 (3) شتاء 2001 (3) شتاء 2010 (3) صيف 1998 (3) صيف 2005 (3) صيف 2010 (3) صيف 2014 (3) صيف خريف 2012 (3) العدد الأول 1994 (2) خريف 1999 (2) خريف 2005 (2) خريف 2014 (2) ربيع 2006 (2) ربيع 2011 (2) ربيع 2013 (2) ربيع 2014، (2) شتاء 2005 (2) شتاء 2012 (2) شتاء 2014 (2) شتاء 2015 (2) صيف 2006 (2) صيف 2011 (2) صيف 2013 (2) صيف 2015 (2) الهيئة الاستشارية وقواعد النشر (1) خريف 2011 (1) ربيع 2004 (1) ربيع 2005 (1) ربيع 2009 (1) ربيع 2010 (1) ربيع 2014 (1) شتاء 2007 (1) صيف 2004 (1) صيف 2016 (1) فهرس (1994 - 2014) (1) مجلدات الحداثة (1)

الأكثر مشاهدة