♦ صونيا جرجس الأشقر *
نبذة عن البحث
حرَّم الإسلام تصوير التّماثيل، والأصنام، والأوثان، والأشكال المجسَّمة ذات الظِّلّ، والتي تدخل ضمن ذوات الأرواح. واستثنوا من ذلك ما يلهو به الطّفل كالعرائس وغيرها، كما أجازوا تصوير غير ذوات الأرواح، كالجبال، والأنهار، والشّمس، والقمر، والأشجار، كلّ ذلك بهدف إبعاد المسلمين عن الدّيانات الوثنيّة التي كانت شائعة في العصر الجاهليّ.([1])
ولم يكن التّصوير بالخطّ من المحرّمات، فاتَّجهَ الفنّانون المسلمون نحوه يتفنّنون في أشكاله ولوحاته، فأوجدوا الخطَّ الكوفيّ، والفارسيّ، والنَّسخيّ، والدّيوانيّ، وخطوط الإجازة، والرّقْعة، والتّعليق،([2]) وأبدعوا فيها لوحاتٍ رائعة الجمال.([3])
وجمال الخطّ خاصّةً، عندهم، تَجنُّب تكرار الحرف دون فاصل، وقد عبَّروا عن هذا التَّجنُّب بعبارة "تجنُّب توالي الأمثال"؛ ولم يوفَّقوا في هذه العبارة، لأنَّ الأمثال، في الخطّ، تعني الحروف ذوات الأشكال المتماثلة كالحروف: (ب - ت - ث)، والحروف: (ج - ح - خ)، والحرفين: (د - ذ)، والحرفين: (ر - ز)...
لقد رأى العرب في تكرار الحرف مرَّتين أو ثلاث مرّات دون فاصل بشاعةً،([iv]) فكرهوا([v]) هذا التّكرار؛ ولذلك حرصوا على تجنُّبه. وظهر هذا الحرص في عناوين فصول كتبهم الإملائيّة، وفي العديد من القواعد التي وضعوها للخطّ. ومن هذه العناوين ما نجده في كتاب نصر الهورينيّ([vi]) "المطالع النّصريّة للمطابع المصريّة في الأصول الخطّيّة"، فقد عَنْوَن الفصل الخامس من باب الحذف هكذا: "فيما يحذف من الواوات المتكرّرة لفظًا فِرارًا من اجتماع المثْلين صورةً، وإن كانت إحداهما همزة لفظًا، وما لا يحذف منها عند اللَّبس".([vii]) وجاء عنوان الفصل السّادس من الباب نفسه هكذا: "في حروف أُخرى تُحذف للإدغام، أو لاجتماع الأمثال، وهي: اللّام، والتّاء، والنّون، والميم، والياء".([viii]) أمّا أثر الحِرْص على تجنُّب تكرار الحرف، أو على تجنُّب اجتماع الأمثال، بحسب تعابير اللّغويّين القدامى في الرَّسم الإملائيّ، فقد تجلّى في سبع عشرة مسألة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق