♦ فؤاد عبد حيدر إبراهيم *
نبذة عن البحث:
يُعَدُّ التَّعليم ركيزةً من أسس تقدُّم الأمم، بل وسيادتها، إذ ذهبت بعض الأمم إلى القول إنَّ التَّعليم سرُّ الأمان بالنِّسبة إلى الأمم الصَّغيرة، كما يقول المفكِّر الفنلنديُّ الأشهر يوهان فيلهلم سنلمان، ولعلَّ أدقَّ تقديم لأهمِّيَّةِ المتعلِّمينَ ودورهم في البناء المجتمعيِّ، ما ذهب إليه موقع "This Is Finland" باللغة العربيَّة من التوصيف: "في عالمنا الحديث، يُشكِّل المواطنون المتعلِّمون المهرة عنصر الأمان في نجاح أيِّ بلدٍ وتقدُّمها"، رابطًا تقدُّم المجتمع الفنلنديِّ ليكون ضمن أغنى دول العالم، بسعي المواطنين للحصول على التَّعليم العامِّ.
ولئن كان دور المعلِّم يقتصر على التَّلقين في ما مضى، فإنَّه الآن يقوم بدورَينِ اثنَينِ لا ينبغي فصلهما من بعضهما: التَّعليم والتَّربية، ويحمل مسؤوليَّة بناء العقل التَّكويني عند التَّلاميذ بعمله على تحقيق النُّموِّ المتكامل لهم، كما ينطلق هنرسون ولينر(Henderson et lainer) من النَّظر إلى مدخلات التَّعليم، من غرفة الدِّراسة وتجهيزاتها، ومادَّة الدِّراسة والوقت المخصَّص لها، من خلال الأسلوب التَّعليميِّ: "لِيُنتِج في النِّهاية التَّغيير السُّلوكيَّ المطلوب لدى التَّلاميذ"، إذ إنَّ التَّعليم يعتمد إيصال المعلومات لا بمجرَّد التَّلقين، بل "بالتَّفاعل بين المعلِّم والطَّالب، تفاعلًا حيًّا وواقعيًّا".
وبما أنَّ على المعلِّم هذا الدَّور في النَّهضةِ المجتمعيَّةِ، فإنَّ العمليَّة التَّعليميَّة التَّفاعليَّة لا يمكن لها أن تُحقَّق المراد منها تمامًا، ما لم يلجأ المعلِّم إلى أسلوب التَّقييم المستمرّ، منوِّعًا في ذلك بين أساليب التَّقييم المختلفة، في سبيل الوصول إلى أفضل النَّتائج العمليَّة والعلميَّة الممكنة، وربَّما يكون من أفضل المصادر في بلورة علم التَّقييم بأساليبه المختلفة، كتاب "تكييف الاختبارات التَّربويَّة والنَّفسيَّة للتَّقييم عبر الثَّقافات" الذي نشرته "دار العبيكان" في السَّعودية مترجمًا لأساتذة في الجامعات الأمريكيَّة: رونالد ك. هامبلتون، وبيتر ف. ميريندا، وتشارلز د. سبليرغر.
ولئن كان للمعلِّم أن يقيِّم تلاميذه طوال السَّنة الدِّراسيَّة، فإنَّ المعلِّم نفسه يحتاج إلى التقييم المستمرِّ لأدائه، خاصَّةً في ظلِّ التَّسارع في النموِّ العلميِّ والمعرفيِّ في كلِّ المجالات، لذا يحتاج المعلِّم إلى من يُرشدُهُ ويوجِّهُهُ، ويعمل على بناء قدراته وتطويرها باستمرار، وهنا يكمن دور المشرف التَّربويِّ، مديرًا كان أم منسِّقًا، الذي يرافق المعلِّم أثناء خدمته المهنيَّة، لتحسين أساليب التَّعليم عنده، بما يؤدِّي بدوره إلى تطوير العمليَّة التَّعليميَّة بشكلٍ عامٍّ، ويؤكِّد أهمِّيَّة التَّقويم التَّربويِّ المستمرِّ للمعلِّمينَ كَرَكِيزةٍ أساسيَّةٍ في العمليَّةِ التَّعليميَّةِ، ما يرفع من مستوى أداء المعلِّمين، ويفعِّل عمليَّة اكتساب المتعلِّمين الأهدافَ والكفاياتِ المطلوبةَ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق