♦ خديجة حسين قاووق *
نبذة عن البحث:
تولد المقاومة مع الإنسان وتظلّ ملازمة له، لأنّه مخلوق مقاوم بطبعه وفطرته لكلّ ما يحسبه عنصرًا يعمل ضدّه، وللظروف الّتي تحيط به دور فاعل في تعزيز قدرته على المقاومة بشتّى الوسائل الّتي يراها ملائمة. ومن هذه الوسائل "المقاومة الثّقافية" الّتي تأخذ حيزًا مهمًا في إرساء المفاهيم القيميّة الاجتماعية المرتبطة بالمواجهة والتّصدي عند الشّعوب، وفي ترسيخ الفكر المقاوم عندها، والدّفاع عن حقوقها وأرضها وممتلكاتها، وهي تشكّل حافزًا وداعمًا للمقاومة بالسّلاح. وهذا ما أشار إليه الأديب الفلسطيني غسّان كنفاني عندما تحدّث عن القاعدة الثّقافيّة الّتي تؤسّس للمقاومة، كاشفًا العلاقة بين السّياسة والثّقافة، كما بين البندقيّة والفكر، حيث يقول في مقدمة مؤلفه "الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948- 1968": "ليست المقاومة المسلّحة قشرة، هي ثمرة لزرعة ضاربة جذورها عميقًا في الأرض".
من هنا يمكن القول إن الشّعر ليس منسلخًا عن الثّقافة؛ فهو من مركباتها الّتي تجمع بين الّلغة والتّجربة والعاطفة، "وهو خلاصة التّجارب الإنسانيّة، وهو مصدر المعارف الإنسانيّة، ووعاء ثقافي لا غنى عنه، لهذا قال إبن قتيبة "الشعر معدن علم العرب وسفر حكمتها ومستودع ايامها"، أي أنّهم جعلوا الشّعر وعاء لتجاربهم، وحكمهم، وعلومهم، ومعارفهم، وثقافتهم.
وبما أن دراسة البنية الفكريّة والثقافيّة والاجتماعية للشّعوب مرتبطة مباشرة بعلم الانثروبولوجيا (Anthropology)، فإنّ هذه الورقة البحثيّة تعالج موضوع الفكر المقاوم في قضايا الشّعر العاملي الاجتماعية، معتمدةً المنهج الوصفي الّذي يبحث في تحليل الواقع وتفسيره وتصويره بأسلوب رمزي. وقد عمدنا إلى طرح مفهوم الفكر المقاوم وتحليله في ضوء نّماذج شّعرية مختارة لشعراء من جبل عامل خلال الفترة الزمنية الممتدة بين العامين 1975-2000.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق