♦ محمد أحمد ملحم *
نبذة عن البحث:
تواجه عملية التنمية الريفية في منطقة إقليم التفاح مجموعة من الصعوبات يتشارك فيها عدد كبير من المناطق اللبنانية. ومن أبرز هذه الصعوبات: النزوح من الريف إلى المدينة - تدنّي مستوى الدخل والبنية التحتية والخدمات الأساسيّة - انخفاض المستوى التعليمي للمرأة - زيادة معدلات النمو السكاني - تحوّل كثير من السمات الريفية إلى السمات الحضرية وخاصةً الاجتماعية منها - تدني مستوى الإنتاجية الزراعية. وهو الأمر الذي دفع بنا للبحث عن حلّ لمشاكل التنمية في منطقة إقليم التفاح وعن نشاط يعمل على حلّ أو تخفيف حدّة هذه الصعوبات، وفي الوقت نفسه يُحافظ على خصائص واستدامة هذه المنطقة الريفية، وكثيرًا ما ظهرت السياحة كمرشح قوي لهذا الدور.
فعلى مستوى هذه المنطقة ظهرت السياحة الريفية، وذلك نظرًا لما تملكه من مقوّمات طبيعيّة وثقافيّة مميّزة يمكن تسويقها من ناحية، وظهور مجموعة من الأشخاص يفضّلون الاصطياف في بلدات إقليم التفاح (جرجوع – جباع) بعيدًا من أسلوب حياة المدينة من ناحية أخرى، حيث ترغب هذه المجموعة بالتمتع بجمال الطبيعة والحياة الريفية التقليدية والهروب من منفرات المدينة إلى أحضان الريف والطبيعة والقيام بعدد من الأنشطة التي ترتبط بالبيئة الريفية التقليدية من مراقبة الطيور وتأمّل الطبيعة وإقامة المخيّمات ومراقبة طرق الزراعة التقليدية، وغير ذلك.
ثمّ إنّ عوائد توظيف الأراضي في منطقة إقليم التفاح بغرض السياحة الريفية قد يُحقق عوائد تفوق العوائد المتحققة من زراعة هذه الأراضي بشكل حصري، كما أنّ للسياحة الريفية دورًا كبيرًا في تمكين المرأة وتنشيط عمل أصحاب الصناعات الحرفيّة واليدويّة والزراعية المحليّة وغيرها من الأعمال التي يشتهر بها المجتمع الريفي في منطقة إقليم التفاح، فضلًا عن زيادة الإنتاجية الزراعية وتأمين سوق محلي لتسويق المنتجات الزراعية الطبيعية وتوفير فرص العمل وتخفيض معدلات الفقر ورفع المستوى التعليمي لأهالي هذه المنطقة، وما إلى ذلك. وبالتالي، فإنّ أمام منطقة إقليم التفاح نشاطًا حيويًّا يُمكنه أن يُساعد إلى حدٍّ كبيرٍ على وقف النزوح باتجاه المدينة وحلّ المشاكل التي تواجهها، وهو السياحة الريفية.
يشار إلى أنّ الاهتمام الكبير بالسياحة الريفية من قبل الباحثين بدأ منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وخاصةً مع تعاظم المنافع التي تقدّمها هذه السياحة للمجتمع الريفي، وحاول الباحثون دراستها عن كثب ووضع تعاريف لها، وإن كانت جميعها تصب في إطار واحد وتعريف بسيط واحد وهو "أنّها السياحة بكافة أشكالها، لكن مكان حدوثها الريف".