♦ ميشال عقل *
نبذة عن المقال
حسنًا فعلت «ثقافية أنطلياس» عندما اختارت لهذا اللقاء عنوان: الاستقلال والعاميّة/ الانتفاضة. فهي بهذا الخيار رغبت في تقييم هذه الانتفاضة الشعبيّة المستمرة، المسماة "ثورة 17 تشرين الأول"، ومقاربتها في السياق التاريخي والمحطات الكبرى التي صنعت لبنان اليوم، بعد مرور مائة سنة على ولادة لبنان الكبير (1920)، وبعد مخاض هذه الولادة في المائة سنة من النهضة والعاميّات التي سبقتها.
فعاميّة أنطلياس (1840) التي نحن في كنفها اليوم وهي المحطة الأبرز في مسيرة ولادة لبنان الكبير، بالإضافة الى ما سبقها وتلاها من عاميّات وانتفاضات، وبخاصة عاميّة لحفد (1820) وثورة الفلاحين "طانيوس شاهين" (1858-1860).
وانتفاضة الاستقلال 1943 مرورًا بثورة الاستقلال الثاني في العام 2005، وتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في العام 2000 بانتفاضة أهل الجنوب والمقاومة الوطنية بوجه العدو المحتل…، تُشكل جميعًا منارات وتحولات أفضت إلى قيام لبنان الوطن الموحد التعددي السيّد الحرّ المستقل.
لكن من المؤكد أن الموروثات البنيوية القاتلة لاسيما منها الطائفية والمذهبيّة والقبلية، ونظام الشركة بين السياسي والديني، وبين السياسي والمال، ومع استمرار ارتباط بعض القوى اللبنانية الأساسية بالخارج القريب والبعيد والارتهان له، حالت وتحول دون تجاوز هذا التكوين الطائفي المعطوب والمُستَجلِبْ للحروب الأهلية والخارج، كما منعت وتمنع تطوير النظام والمجتمع والدولة بما يؤمن الحد الأدنى المطلوب من الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي… كل ذلك رغم الموارد البشرية والطبيعية الهائلة والتاريخ والموقع المميز والتراث التي يمتاز بها هذا الوطن الصغير عبر تاريخه الغني بإنسانه وبيئته وتراثه وثوراته وعاميّاته.