♦ رحاب علي صبرا *
- نبذة عن البحث
يُسمّى العقل عقلاً لأنه "يعقل أي يحبس صاحبه عن التورط في المهالك"، وأما العقل في المعنى الإصطلاحي، فمهما اختلفت وتضاربت أو تداخلت التعريفات حوله، فإنها تلتقي جميعًا أمام نقطة مشتركة ألا وهي "اعتبار العقل هو العنصر الأساسي في الفعل المعرفي البشري، وهو القاعدة الأولى التي ينطلق منها الإنسان متأملاً وناظرًا ومستنبطًا ومدركًا لحقائق الأشياء(1).
يسعى هذا البحث إذًا، إلى مقاربة مفهوم العقل عند الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، الذي ولد في بلدة مرسية على الساحل الشـرقي للأندلس (يوم الاثنين في 17 رمضان من عام 560هــ الموافـق لــ28 تموز 1165)، وقد كني بأبي بكر، وأبي محمد، وأبي عبد االله، وقد لقبه المشرقيون بــ"ابن عربي"، وبـ"محي الدين"، وبـ"الشيخ الأكبر"، وبـ"الحاتمي الطائي". وتجمع كتب التراث على أن اسم الشيخ الأكبر هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي من ولد عبد الله بن حاتم أخو عدي بن حاتم الطائي، فهو من نسل حاتم الطائي. كان والد الشـيخ رجـلا صالحًا لازم القرآن فكشف الحق بصيرته، وأما والدته فهي نـور الأنصـارية التي ورثت عن قومها حبّ الرسول الأعظم، أما أخواله وأعمامه فقد كـانوا من أصحاب القلوب المتعطشة لعالم الأنفاس، هذا الجو العائلي الذي اتخـذ التصوف والتقوى طريقًا في الحياة كان له الأثر الكبير في تكوين شخصـية الصـبي وتخلقه بما أرادته الأسرة واتجاهه نحو الينابيع الإلهية الفياضة حدسًا وإلهامًا(*).
ولعل أهمية الوقوف على نظرة ابن عربي إلى العقل اليوم، تكمن في ضرورة ما تحتاجه المجتمعات الإنسانية عمومًا، والإسلامية منها خصوصًا، إلى إعادة تقديم هذا "العقل" وتفعيل عمله باستمرار أمام ما يشهده الواقع من غرائز، وإرهاب، ونشر العنف والشرّ في مكان من العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق