Al-Hadatha Journal: 32 years of communication - Welcome to the site (under construction). Here we publish Abstracts of research

بحث - Search

مجلة الحداثة: 32 عامًا من التواصل - أهلا بكم في الموقع الترويجي (قيد الانشاء) ننشر هنا ملخصات عن الأبحاث

المشاهدات

مراجعات: عصر "النهضة" العربيّة في سؤال أحمد نسيم برقاوي


باسل ف. صالح *

Reviews: The Arab "Renaissance" Era in the Question of Ahmed Nassim Barqawi


يندرج كتاب الدكتور أحمد نسيم برقاوي: "محاولة في قراءة عصر النهضة: الإصلاح الديني، النزعة القومية"*، ضمن مجموعة محاولات إعادة التفكير بالحقبة الممتدة بين القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، أي عصر "النهضة" العربية بشقيه: الإصلاحي الديني؛ والقومي، ليس بمصطلحات ومفاهيم ومنهجيات فُرضت عليه من خارجه، ولا تعبّر عن روحيته، وإشكالياته، وصراعاته، ولا بنمط كرّس نظرة الاستعمار ومنهجياته، ولا بمقاربة قومية رومانسية إرادوية، ولا مقاربات إصلاحية دينية هوياتية، بل التزم المؤلف تفكير ذلك العصر بشروط وقوانين وعلاقات بنيته، وجدليته الاجتماعية والسياسية المكوّنة، وقواه الطبقية وصراعاتها، وفوق هذه وتلك وفق قوانين التاريخ وضروراتها. لقد واجه المؤلف إشكاليات "ا
لنهضة" بالإمعان في البنية الاجتماعية والتاريخية، فانساب الكتاب كبنيان مرصوص يحاول، بمجمله، الإجابة عن سؤالين: "لماذا تخلّف الشرق العربي عن السير في طريق التقدم الرأسمالي المستقل؟ وما سبل الاستقلال المنشود؟" (ص9).

أول ما يسترعي اهتمام القارئ هو مقاربة "النهضة" العربية من خارج منهج التماثل، والمقايسة، والمشابهة، والمقاربات الوضعية الليبرالية كافةً. أي من خارج محاولات متعددة كانت لتصل، في أحسن أحوالها، إلى القول بتشوّه واقعنا: "والحقيقة أن النظر إلى تاريخنا وفق تاريخ أوربا لن ينجب في أحسن الأحوال إلا أوربا مرة ثانية على نحو مشوّه" (ص29). بمعنى أن مقايسة "النهضة" العربية على تلك الأوروبية، ابتداءً من الاسم، وصولًا إلى الأيديولوجيات البرجوازية، وعالم أفكارها، وشبكية مصالحها، والصراعات السائدة في ظل الهيمنة الطبقيّة، والوعي الشعبي التاريخي، ما هي إلا محاولات تكشف عن منطق مأزوم يهيمن على تفكير يحاول الخروج من الأزمة، لذلك فهي "عملية محكوم عليها سلفًا بالفشل" (ص29).

أبرز هذه الأزمات هي اعتماد مصطلح "النهضة" العربية، وما يحكمه من منطق وضعي يرى إلى التاريخ كخطّ سير مستقيم، ويقايس مرحلة زمنية في تاريخ العرب بمرحلة سابقة في تاريخ أوروبا. علمًا أن تاريخ تشكّل تلك المرحلة عربيًّا، وسيرورتها التاريخية، والصراعات التي شهدتها، بالتزامن بدايةً مع تحوّل البرجوازيّات الأوروبيّة إلى الامبرياليّة، ومحاولات الإمبراطورية العثمانية التحديث الرأسمالي لمواجهة تلك التوسعيّة، وما خلقته من "مناخ ملائم لتغلغل أكبر وأوسع للرأسمالية الأوروبية في حياة الدولة السياسية والاقتصادية" (ص18)، ليست نهضويّة بالمعنى البرجوازي الموسوم، بقدر ما هي عصر تكريس علاقة التبعيّة للاستعمار الغربي، وعالم أفكاره التي هيمن بها على العقل العربي: "إن ما اصطُلح على تسميته بعصر النهضة، ليس إلا – في مستواه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي – شكلًا أوليًّا من التبعية" (ص28). فهي "مرحلة انتقالية من التنافس الرأسمالي الغربي على أسواق الشرق إلى استعماره كليّة" (ص27). والمؤلف التزم منهجًا خلدونيًّا يحلّل مرحلة "النهضة" العربية من داخل بنيتها، فيتكشّف أمامه "استبداد تاريخ الغرب على بنية تفكيرنا المعاصر" حين يتحوّل إلى أنموذج ومعيار نقيس "انحراف أو تطابق تاريخنا" عليه (ص29). وقد تمثّل ذلك في سؤال "النهضة" العربية الأساس، أي حينما حاول "الشرقي" ليس السؤال "عن الشروط الداخلية التي تنقله إلى عالم التقدم – وهو هنا الرأسمالي"، بل راح يسأل "عن الشروط التي جعلت الغرب متقدمًا، لينقلها في خطوة أخرى إلى شرقه المتخلف... فإن كان صحيحًا أن التفكير على هذا النحو ينطوي، وبشكل ضمني على الإقرار بوحدة البشر، لكنه اتسم بالوقت نفسه، بنزعة ميتافيزيقية مثالية للتاريخ" (ص42).

هذه إحدى أبرز النقاط التي يفكّك برقاوي منطقها، فيعيد قولبة المقاربة بأكملها، ولا سيما أن الاستعمار لم يكتف بمحاولة قولبة الحراك الاجتماعي الداخلي على منواله، وعلى قياس مصالحه، بل ساهم بتكريس فكر يرى حامله العربي إلى تلك القولبة، وكأنها حركة اجتماعيّة تاريخيّة أصيلة، على الرغم من أننا "أمام ظاهرتين مختلفتين، ومرحلتين تاريخيتين لتطور شعوب وأمم مختلفة" (ص30). ففي حين أتت أفكار النهضة والتنوير الأوروبي كتعبير مكثّف عن حركة البرجوازيّة الثوريّة، لم تعبّر الأفكار البرجوازيّة العربيّة عن فعل ثوري لطبقة برجوازيّة صاعدة، واعية لذاتها، وآخذة في الهيمنة، و"متحولة إلى ذات تاريخية" (ص41). لذلك لم تجد التربة الخصبة لتتوسع إلى وعي شعبي عارم خارج حدود "جمهور من المثقفين المخلصين لأوطانهم" (ص34). ما وضعها أمام استحالة نابعة من عدم وجود كتلة شعبية "تجعل من تقدمها تقدم المجتمع ككل"، وتحمل أفكارًا تعبّر عن مصالحها، وتعبّر عن وعي تاريخي أخذ بالتشكّل عندما بدأ العرب التساؤل حول تاريخهم، وسبب تأخرهم (ص7)، ما وضعها أمام إشكالية إمكان تحويل هذه الأفكار إلى واقع يتربّع على عرشه وعي الحاجة إلى مجتمع سياسي جديد يتمثّل بالدولة القومية.

أليست هذه الأزمة ناتجة عن أزمة تلقّف حركة التاريخ وقوانينه وضروراته؟ أليست نابعة من الخلط بين سؤال التاريخ وسؤال القدر والمصير، والانتهاء، بأحسن الأحوال، إلى نزعة خلاصية تعزّز كل مرادفات الركود، وتؤثّر سلبًا على مستوى تطور الجماهير الاجتماعي والثقافي والسياسي (ص7)؟ خصوصًا أن برقاوي يرى إلى التاريخ على المنوال الماركسي، أي إن "البشر هم من يصنعون تاريخهم، لكن لا يصنعونه على هواهم. ولكن ما هو هذا الخارج عن إرادتهم؟ إنه ببساطة هذا الذي يفرض عليهم أشكال اختيار أدوات فعلهم. وفي اللحظة التي يتحوّل فيها مطلب التقدم إلى هدف موعى به، يفرض الارتقاء بالواقع إلى معرفة نظرية، تتحول بدورها على يد فئات وطبقات صاعدة إلى أداة من أدوات تغيير العالم" (ص8).

إن رفض منهج التماثل يفرض، وبالضرورة، منطق الاختلاف، بمعنى تفكيك البنى وتفكير الاختلاف في أشكال وشروط التكوّن والنمو والصراع الانسداد. بمعنى أكثر تجذّرًا، الكشف عن السياق الحضاري في سيرورة المواجهة السياسية، وتطلعاتها. فعلى الرغم من ظهور الاستعمار كحليف موضوعي لطروحات عربيّة برجوازيّة إصلاحيّة بشقّها القومي السياسي (في المشرق العربي)، أو شقّها الإسلامي (في مصر). وعلى الرغم من أن الأخيرة لم تكن إلا "محاولة لعصرنة الإسلام، أي لبرجزته" (ص61) انطلاقًا من "اظهار عدم التناقض بين جوهر الإسلام وانجازات العلم وانجازات البشر السياسية في الغرب" (ص62) (يردف برقاوي تحليلًا مكثفًا لمحاولات الكواكبي بوصفها أنموذجًا مكثّفًا لهذه الإشكاليات). كانت الطروحات بشقّيها، تحاول انتزاع الاعتراف بها من خلال المطالبة بدولة لامركزية تحقق الاستقلال النسبي داخل السلطنة العثمانية، وصولًا إلى المطالبة بالاستقلال السياسي القومي العربي التام عنها، بالتزامن مع مسعى البرجوازيّة الأوروبيّة الاستعماريّة لكبح الارهاصات البرجوازيّة العربيّة وجرّها إليها، بعد أن حطمت الاقتصاد التقليدي، وخرّبت الأشكال الصناعيّة الدنيا، فحوّلتها برجوازيّة تجاريّة تابعة تخدم مصالح الاستعمار لا برجوازيّة صناعيّة وطنيّة تخدم مصالح أمتها. وهنا وقع المفكر العربي عمومًا، والعلماني خصوصًا، ضحية التأثّر بالثقافة الأوروبيّة التي نشرتها الإرساليات التي ساهمت بنشر التعليم، وطبع الكتب، وتأسيس الجمعيات العلمية، فتوهّم المثقف العربي كونيّة واطلاقيّة تلك الأفكار لدرجة أنه "لم يجد في أفكار الغرب مادة أيديولوجيّة، إلا لأنه نظر إليها خارج المستعمر ذاته، ورفعها إلى مستوى الأفكار الإنسانية التي تصحّ خارج بلدان الغرب ذاته" (ص82).

لكن هل من الممكن أن تبلور الأفكار واقعًا اجتماعيًّا يتعارض مع أبسط شروط ذلك التبلور، في ظل مثقف كان يدافع عن طموحه في مجتمع برجوازي، وليس عن طبقة برجوازيّة واقعيّة، فأتى خطابه مشوشًا لأنه يدافع عن أحلام وليس عن وقائع (ص39)؟ لعل الإجابة الشافية التي وضعها برقاوي، تتمثّل في تهفيت افتراض خاطئ هيمن، ولا يزال يهيمن، على المفكرين العرب، ويرى أن الأفكار يمكنها أن تصنع التاريخ (ص33). لذلك نجد أن ما يميز المثقف العربي النهضوي هو أنه "مثقف المشروع السياسي، وقبل كل شيء، مثقف مشروع نهضة لا تستند إلى قوى حيّة تاريخيّة، ولم يكن هو بالذات تعبيرًا عنها" (ص45).

هكذا يتكشّف المنطق الذي يحكم الكتاب، فالمؤلف حينما يرى إلى البنى، فهو يتخطّى الأفراد وإراداتهم، لأن البنى هي التي تحدّد وتضبط وتؤسس شروط طبيعة الأفعال وحدودها، وأثرها. ففي حقل الشروط الموضوعيّة القائمة، لا يؤسس الفعل لعلاقة سببية مباشر بين القصد والأثر الاجتماعي من ناحية، وبين حركة التاريخ من ناحية ثانية، خصوصًا أن الأفكار "لا تصنع التاريخ"، بل من يصنعه، وإن من دون وعي، هم "البشر الواعون لعالمهم"، ذلك الوعي الذي يتشكّل "في سيرورة مواجهتهم للواقع، في سيرورة تناقضاتهم، والتعبير عن هذه التناقضات ودرجة صراعهم ومستواه" (ص8).

من هذا المنطلق ينظر برقاوي إلى مختلف القضايا التي تصدّى مفكرو عصر "النهضة" العربية لها، فيختصرها بالتبعيّة التي لا يراها مجرد عنصر خارجي، بل "بنية ذات عناصر مترابطة ومتبادلة التأثير. إذ ليس بمقدورنا أن نفهم التبعيّة بمعزل عن التابع والمتبوع، وليس التابع ممكن الفهم بمعزل عن مصالحه في التبعيّة. ومصالحه لا تتحدد إلا في شروط تخلّفه وعجزه، وتخلّفه وعجزه ليسا شيئًا منفصلًا عن نشاط المتبوع وهيمنته العالميّة. والتحرر من التبعيّة يفترض نضالًا ضد التابع والمتبوع بآن واحدة من قبل قوى متحررة بحدّ ذاتها من هيمنة وسيادة المتبوع" (صص8 – 9). فالأمر سيّان أن تفكر بمنطق التابع أو المتبوع، ما دمت تفكر من داخل شروط بنية التبعيّة نفسها، ما يطرح السؤال الجوهري المتعلق بالشروط التي يجب أن تحقّقها الحركة القوميّة العربيّة الاستقلاليّة خارج منطق التبعيّة وردود الفعل هذا، وهنا، السؤال المتعلّق بكيفيّة خلق "الشروط التي تجعل من التبعيّة أمرًا لاغيًا" (ص11).

برقاوي في هذا القول يتموضع خارج التفكير الإرادوي، وخارج كل رومانسيّة وشعور قومي وجداني أو ديني، ينظر في السيرورة التاريخية وفقًا لقوانين عامة تضبط حركتها، وينظر أيضًا بخصوصيات المجتمعات والثقافات المختلفة من ضمن هذه العمومية، تلك الخصوصيات التي تغني تلك الحركة، وتؤكد سياقاتها كعلاقات موضوعية تخرج عن السياق المباشر للأفعال بقدر ما تدخل في مستوى موضوعي يستحيل القبض عليه، مع ما يستدعيه ذلك من رفض كل وجهة نظر تقف على المنطق التآمري، لأن "تبسيط التاريخ في صورة تاريخ تآمر طرف ضد طرف آخر، قد يشير إلى بعض الصور الخارجية التي اتخذها الحدث التاريخي. لكنه يقضي بالوقت نفسه على كل إمكانية لفهم التاريخ وتفسيره" (ص 79).

قد يسأل سائل، ما الضرورة من خلف إعادة التفكير فيما هو مفكر فيه ومكتوب عنه؟ يجيب برقاوي أن ضرورتها تتعدّى محاولة فهم إشكاليات "النهضة" لتصل إلى فهم معيقات معالجة مشكلاتنا العربية الراهنة. وعلى الرغم من التشابه بين العصرين، يرفض المؤلف اشتقاق الفكر العربي المعاصر من فكر "النهضة" بشكل ميكانيكي (ص120). وعلى الرغم من أن عصر "النهضة" يشكّل مادة معرفية للفكر العربي المعاصر، إلا أنه قاصر عن تفسير نشأة وتطور هذا الأخير (ص111)، لكن هذا لا يغيّر حقيقة أن عصر "النهضة" أدّى دورًا أساسيًّا في تجاوز الأفكار الدينيّة والاقطاعيّة الشرقيّة، وساهم بالتأسيس لملامح "مشروع مجتمع برجوازي علماني ديموقراطي" أصبح مسودة مشروع مجتمع عربي في بداية القرن العشرين "بعد حسم مسألة الدولة العثمانيّة الواحدة لصالح الانفصال القومي، وتكوين الدولة العربية" (ص112).

هكذا ظل طرح الدولة الأمة الواحدة، بوصفها مشكلة مشكلات "النهضة"، إلى ما بعد انهيار السلطنة العثمانيّة، لأن تحققها كان يواجه عقبات تأسيسيّة أدّت إلى ضياعها بوصفها يوتوبيا عصر "النهضة". تمثّلت أبرز هذه العقبات بتغوّل المشروع الاستعماري، فأصبح العرب بين الحربين العالميتين مستعمَرين ومتفرقين، كما تمثّل بغياب حامل اجتماعي لفكرة تلك الدولة، خصوصًا أن فكرة تلك الدولة تستدعي بالضرورة فكرة الديموقراطية التي هي بالأساس تعبير عن طبقة برجوازيّة تحاول التحرر من الاقطاع، وتريد الدفاع عن حريتها (ص121). وقد انعكست هذه التفرقة في مشاريع حركة التحرر العربيّة من الاستعمار، فظهرت كأيديولوجيّات تمتد بين القوميّة المصريّة العلمانيّة، والقوميّة العربيّة العلمانيّة (العراق والشام)، والسوريّة القوميّة الاجتماعيّة (الشام)، والحركة الوهابيّة (الجزيرة العربيّة)، بالإضافة إلى تحوّل الفكر الإسلامي إلى أيديولوجيّة سياسيّة (الاخوان المسلمون)، كما دخلت الماركسية كطرح جديد لمعالجة المشكلة الاجتماعية، لكن من البوابة الاشتراكية (ص113).

بذلك اكتملت صورة الفكر الليبرالي العلماني العربي، كمحاولة تطوير فكر "النهضة" في مواجهة الاستعمار، فبقيت للأفكار القومية أثرًا بالغًا. وقد عزّز هذا الأمر، بالإضافة إلى عوامل وحدة اللغة والتراث، ثلاثة عوامل أخرى (صص 116 – 117):

1– وجد العرب أنفسهم بعد الحرب العالمية الأولى، بلا دولة سياسيّة تضمهم.

2– أصبحت أوروبا التي تبحث عن مصالحها، معادية لطموح إقامة دولة لأمة واحدة.

3– الحركة الصهيونيّة بما تمثلّه من رأس حربة الاستعمار.

أما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد ساد نمط الإنتاج الرأسمالي، وتكرّس الابتعاد من عصر "النهضة"، فتكوّنت الدول العربيّة القطريّة الحديثة تحت قيادة برجوازيّة، وفي ظل سيادة الفكر القومي (ص122)، لكنها بقيت عاجزة عن التحول إلى طبقة اجتماعيّة متكاملة، خصوصًا بعد وراثتها سلطة الدولة الجاهزة والمفصلّة مسبقًا. إلا أن سيادة النمط الرأسمالي، ومهمة سدّ حاجياته، فرضت التوسّع نحو الريف، وجرّ فئات اجتماعية جديدة سرعان ما تحولّت إلى طبقة بروليتاريّة رثّة من ناحية، وطبقات وسطى يحتاجها جهاز الدولة من ناحية ثانية. نتيجة لذلك كان من الطبيعي أن يتعزّز وجود البرجوازيّة الصغيرة والطبقة الوسطى التي تحمل مشاريع معادية ليس للرأسمالية فحسب، بل للبرجوازيات العربية كذلك، وأن تعمل على تحويل الشعارات السابقة إلى شعارات "الوحدة والحريّة والاشتراكيّة"، وأن تغيّر الطبيعة الطبقيّة للدولة (ص124). استمر الوضع على هذا النحو حتى انتصار هذه البرجوازيات الصغيرة مرحلة الستينيّات في عدد من الأقطار، وانتصرت معها أيديولوجيّة حركة التحرر العربية، خصوصًا مع الرئيس جمال عبد الناصر وأحزاب البعث، واستمرت كذلك حتى شهدت انتكاستها مرحلة السبعينيّات، معلنةّ بداية مرحلة جديدة من مراحل التبعية الرأسمالية بشكل أكثر فجاجة (ص125).
***
* باحث وأكاديمي لبناني. أستاذ محاضر في قسم الفلسفة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الجامعة اللبنانية
*Dr. Bassel F. Saleh: Lebanese researcher and academic. Lecturer in the Philosophy Department, Faculty of Letters & Human Sciences - Lebanese University
- برقاوي، أحمد نسيم (1988). محاولة في قراءة عصر النهضة: الإصلاح الديني، النزعة القومية. بيروت: دار الرواد

الحداثة (Al Hadatha)
خريف - شتاء 2025- 2026 Autumn /Winter
العدد: 237 - 238 ISSUE
مجلد: 32 .Vol

ليست هناك تعليقات:

اقرأ أيضًا

تعليقات القرّاء

راسلنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تصنيفات وأعداد

Al Hadatha (1096) أبحاث في الأدب واللغة (385) أبحاث في الثقافة الشعبية (247) أبحاث في العلوم الاجتماعية (193) أبحاث في الفنون (174) أبحاث في التاريخ (137) أبحاث في التربية والتعليم (128) أبحاث في العلوم السياسية والاقتصادية (88) أبحاث في علم النفس (72) أبحاث في الفلسفة (64) مراجعات (64) صيف 2019 (42) أبحاث في الإعلام (41) محتويات الأعداد (41) افتتاحية الأعداد (40) شتاء 2020 (38) خريف 2020 (37) ربيع 2020 (37) خريف 2019 (35) صيف 2020 (35) خريف 2023 (34) خريف 2024 (34) شتاء 2025 (34) أبحاث في الآثار (33) ربيع 2025 (33) شتاء 2024 (33) صيف 2024 (33) الحداثة : أعلام (32) ربيع 2024 (32) شتاء 2021 (31) الحداثة في الإعلام (27) أبحاث في القانون (26) خريف 2016 (26) شتاء 2017 (25) نوافذ (24) ربيع 2021 (23) صيف 2018 (23) صيف 2023 (23) خريف 2018 (22) ربيع 2022 (22) صيف 2017 (22) صيف 2025 (22) شتاء 2022 (21) خريف 2021 (20) ربيع 2017 (20) ربيع 2023 (20) صيف 2021 (20) أبحاث في العلوم والصحة (19) شتاء 2019 (19) أبحاث في كورونا (covid-19) (18) خريف 1994 (18) صيف 2022 (17) خريف 2001 (16) خريف 2022 (16) شتاء 2023 (16) ملف الحداثة (15) أبحاث في الجغرافيا (14) أبحاث في الإدارة (12) ربيع 2019 (12) شتاء 2000 (12) شتاء 1996 (11) شتاء 2018 (11) خريف 1995 (10) ربيع 2015 (10) خريف 2004 (9) صيف 1997 (9) أبحاث في الحقوق (8) خريف 2017 (8) ربيع 1999 (8) ربيع 2016 (8) ربيع وصيف 2007 (8) شتاء 1998 (8) شتاء 2004 (8) صيف 1994 (8) صيف 1995 (8) صيف 1999 (8) شتاء 1999 (7) شتاء 2016 (7) خريف 1996 (6) خريف 1997 (6) خريف 2013 (6) ربيع 2001 (6) شتاء 1995 (6) شتاء 2013 (6) صيف 2000 (6) صيف 2001 (6) صيف 2002 (6) خريف 1998 (5) خريف 2000 (5) خريف وشتاء 2003 (5) ربيع 1996 (5) شتاء 1997 (5) صيف 2003 (5) صيف 2009 (5) ربيع 2002 (4) شتاء 2011 (4) صيف 1996 (4) صيف 2008 (4) خريف 2003 (3) خريف 2009 (3) خريف 2010 (3) خريف 2015 (3) خريف شتاء 2008 (3) ربيع 1995 (3) ربيع 1998 (3) ربيع 2000 (3) ربيع 2003 (3) ربيع 2012 (3) ربيع 2018 (3) شتاء 2001 (3) شتاء 2010 (3) صيف 1998 (3) صيف 2005 (3) صيف 2010 (3) صيف 2014 (3) صيف خريف 2012 (3) العدد الأول 1994 (2) خريف 1999 (2) خريف 2005 (2) خريف 2014 (2) ربيع 2006 (2) ربيع 2011 (2) ربيع 2013 (2) ربيع 2014، (2) شتاء 2005 (2) شتاء 2012 (2) شتاء 2014 (2) شتاء 2015 (2) صيف 2006 (2) صيف 2011 (2) صيف 2013 (2) صيف 2015 (2) الهيئة الاستشارية وقواعد النشر (1) خريف 2011 (1) خريف 2025 (1) ربيع 2004 (1) ربيع 2005 (1) ربيع 2009 (1) ربيع 2010 (1) ربيع 2014 (1) شتاء 2007 (1) شتاء 2026 (1) صيف 2004 (1) صيف 2016 (1) فهرس (1994 - 2014) (1) مجلدات الحداثة (1)

الأكثر مشاهدة