♦ سلوى خَضِر العُبيدي *
نبذة عن البحث
تعدّ الهجرة ظاهرة قديمة مستمرة، أثّرت في الاختلاط والانتشار البشريّ على الأرض، كما أدت دورًا محوريًّا على صعيد النواحي الفكريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. ولعل الهدف الأوحد للهجرة عبر الأزمان، هو البحث عن مكان أفضل.
يمكن القول إن الدول النامية مصدر الهجرة التي تنعكس عليها سلبًا من خلال خسارة العنصر البشري؛ وإيجابًا من خلال التحويلات الماليّة التي تنعكس دعمًا اقتصاديًّا لتلك البلاد، ومن ذلك الهجرة للعمل في البلدان النفطية العربية التي كانت تعدّ عاملًا بل مكونًا للتغيير الاقتصاديّ والسياسيّ والاجتماعيّ وخاصة الديموغرافيّ في الوطن العربيّ، ولا سيما في سبعينيات القرن العشرين، وكان للبنان حصّة كبيرة في هذه التغييرات، فأصبح اللبنانيّ نقطة تأثير في بلاد النفط، ونقطة تأثّر في وطنه الأم.
في هذا البحث أعالج ظاهرة الهجرة اللبنانية ومراحلها التاريخيّة، وأعالج بشكل خاص، مرحلة الهجرة مع بروز النفط العربيّ كجاذب بارز للهجرة... مبيّنة عوامل الطرد والجذب للهجرة، وموضحة أثر هجرة اللبنانيّ في بلد المهجر وفي موطنه. لنصل للجوابِ: هل كانت الهجرة إلى بلاد النفط سبيلًا لنجاة اللبنانيّ؟
- الكلمات المفتاحيّة: الهجرة – الدول النامية - البلاد النفطيّة – التحويلات الماليّة
***
أثّرت ظاهرة الهجرة عبر التاريخ، بالمجتمعات، إذ كانت تؤدي (ولا تزال) دورًا محوريًّا في النواحي الفكريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. وتعدّ الدول النامية مصدر الهجرة الرئيس، إلا أن عامل الهجرة كان ينعكس عليها عبر مسارين:
- الأول: سلبًا من خلال خسارة العنصر البشري.
- الثاني: إيجابًا من خلال التحويلات الماليّة ما ينعكس دعمًا اقتصاديًا لتلك البلاد.
فلبنان مثلًا، وبحسب أرقام تقرير صادر عن البنك الدوليّ في العام 2011 بعنوان: "حقائق حول الهجرة والتحويلات"، حلّت نسبة التحويلات المالية لأبنائه المهاجرين، في المرتبة الثالثة عشرة بين البلدان المتلقية للتحويلات، وذلك بمبلغ وصل إلى 8,2 مليار دولار في العام 2010، وفي المرتبة الثامنة والعشرين عالميًا من حيث نسبة المهاجرين الحاصلين على التعليم العالي (38,6%).[i]
فلبنان قد يُعدّ البلد الأول عالميًا في العالم من حيث تصدير الهجرة مقارنة بعدد سكّانه، إذ يبلغ العدد المقدر لمهاجريه والمتحدّرين منهم، بنحو 10 إلى 17 مليون شخص![ii]
ويلحظ رئيس حكومة لبنان الأسبق سليم الحص في هذا الخصوص، أنه " قدر لبنان أن تبقى الهجرة منه ناشطة"، وأن اللبنانيين "سسيبقون منفتحين على الهجرة أكثر فأكثر ما دام هذا البلد لا يستوعب طاقاتهم، وما دامت الأزمات المتتالية لا تترك لهم مجالًا آخر".[iii]
وتكشف أرقام العام 2004 أن 50% من الشباب اللبناني (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة) فكروا بالهجرة إلى خارج البلاد.
وبعد "حرب تموز" في العام 2006م، سيطرة فكرة الهجرة على نسبة 35% من الأسر والأفراد، وباشر معظمهم بإجراءات خاصة بالهجرة، وكان قد سبق "حرب تموز" أن نسبة من عبروا عن رغبتهم بالهجرة من ناحية الأفراد، 13%، ومن ناحية هجرة الأسرة بأكملها، بنسبة 7%.[iv]
إنّ الهجرة للعمل في البلدان النفطية العربية، عامل بل مكوّن للتغيير الاقتصاديّ والسياسيّ والاجتماعيّ وخاصة الديموغرافيّ في الوطن العربيّ، وبرز واضحًا في السبعينيات، وكان للبنان حصّة في هذه التغييرات؛ فأصبح اللبنانيّ نقطة تأثير في بلاد النفط، ونقطة تأثّر في وطنه الأم.
في هذا البحث، أعالج ظاهرة الهجرة اللبنانية وأبرز مراحلها التاريخيّة، معالجة بشكل خاص مرحلة الهجرة مع بروز النفط العربيّ كجاذب بارز للهجرة، ومبيّنة عوامل الطرد والجذب للهجرة، وموضحة أثر هجرة اللبنانيّ في بلد المهجر وفي موطنه.
لنصل لجوابِ: هل كانت الهجرة إلى بلاد النفط، سبيلًا لنجاة اللبنانيّ؟
(...)
***
* باحثة لبنانية – تعدّ أطروحة دكتوراه في التاريخ في المعهد العالي للدكتوراه – الجامعة اللبنانية
[i] الزايد، محمد، إشكالية العلاقة ما بين الهجرة والتنمية في ظل العولمة النيوليبرالية (الهجرتان االلبنانية والهندية نموذجاً)، أطروحة دكتوراة في العلوم السياسية (غير منشورة)، الجامعة اللبنانية، قسم الحقوق والعلوم السياسية والإدارية والاقتصاديّة، إشراف الدكتور غسّان العزّي، 2013، ص 6-7، بتصرف.
[ii] م. ن.، ص185
[iii] م. ن.
[iv] يعقوب، نجوى؛ ولارا بدر، خصائص السكان والمساكن في لبنان، إدارة الإحصاء المركزي، ع. 2، نيسان 2012، ص 8، بتصرّف.
(...)
المصادر والمراجع
- الكتب والمجلات:
1. أرزوني، د.خليل، الهجرة اللبنانية إلى الكويت 1915- 1990، مكتبة الفقيه، بيروت، ط1، 1994م.
2. بانصول، كريسطال، الهجرة، مجلة ثقافات، 2010م، ترجمةوتقديم:بن الهاني، سعيد.
3. بزي، د.مصطفى، الهجرة والنزوح من لبنان خلال القرن العشرين (1900- 2006) (نموذج جنوب لبنان) الأسباب، بلاد الانتشار، الواقع، النتائج والانعكاسات، دار المحجة البيضاء، بيروت، ط1، 2008م.
4. الجمهورية اللبنانية – وزارة الخارجيّة والمغتربين – المديرية العامة للمغتربين، ندوة عودة الكفاءات اللبنانية المهاجرة، الجامعة الأميركية في بيروت 1996، ط2، كانون الأول، 2000.
5. الزايد، محمد، إشكالية العلاقة ما بين الهجرة والتنمية في ظل العولمة النيوليبرالية (الهجرتان االلبنانية والهندية نموذجاً)، أطروحة دكتوراة في العلوم السياسية (غير منشورة)، الجامعة اللبنانية، قسم الحقوق والعلوم السياسية والإدارية والاقتصاديّة، إشراف الدكتور غسّان العزّي، 2013.
6. فرجاني، د. نادر، الهجرة إلى النفط أبعاد الهجرة للعمل في البلدان النفطية وأثرها على التمية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط3، 1984.
7. منظمة العمل الدولية، المكتب الإقليمي للدول العربية: الهجرة الخارجية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية على العالم العربي، الجزء الثاني: الحالات القطرية، ط 1، 1990.
8. المركز اللبناني للمعلومات لبنان، الواقع الديموغرافي في لبنان، 14 كانون الثاني 2013.
9. النجار، د. باقر سلمان، حلم الهجرة للثروة، الهجرة والعمالة المهاجرة في الخليج العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، 2001.
10. يعقوب، نجوى؛ ولارا بدر، خصائص السكان والمساكن في لبنان، إدارة الإحصاء المركزي، العدد 2، نيسان 2012
- المواقع الإلكترونية:
11. بزي، د. علي، الكفاءات العلمية اللبنانية الإعداد للهجرة، لبنان 2008 .http://www.uss5.org
12. تميم، ضاحي، الآثار السلبية للعمالة الوافدة في دول "التعاون"، موقع العربية، نت، يناير 2011، http://www.alarabiya.net
13. السكان والتغير السكاني- http://art.utq.edu.iq
14. العسومي محمد، العمالة الوافدة إلى دول الخليج فوائد وإشكالات، مجلة آفاق المستقبل، (أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر)،
العدد 20، www.ecssr.com
15. معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي http://www.almaany.com
16. موقع المغترب العربي - http://asyl.3arabiyate.net
الحداثة (Al Hadatha) – ع. 227 - س. 30 - ربيع Spring 2023
ISSN: 2790-1785
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق