مهى محمود المصري *
نبذة عن البحث
تُعدّ الكتابة منذ فجر التاريخ إلى الآن، من السبل الرئيسة للتعبير عمّا يدور في نفس البشر في الوقت الذي كتبت به، أو عند الحصول عليها في أوقات لاحقة. ولم تخلُ منطقة أو حضارة من الحضارات من الكتابة والمخطوطات والمراسلات، كذلك النقوش التي كانت تزيّن الأبنية والمعابد والطرقات، وشتى الأماكن التي من الممكن استخدامها لترك آثار معينة لها قيمة معينة في نفس الذي خطّها أو نقشها لتبقى شاهدًا عمّا كان يدور في حقبة ماضية من الزمن. وتُعدّ النقوش والكتابات القديمة في البلاد الإسلامية من أهم الفنون التزينيّة المرافقة للعمارة، كما تضم أهم المكتبات العالمية والعربية وثائق، ومخطوطات، ورسائل شخصية من سندات عقارية، وأحوال الزواج والطلاق وغيرها.
يبدو أن أول من عرف الكتابة الأنبياء؛ فقد اتقنها سيدنا "آدم" حيث يقال إن الرب أعطاه ميزة التكلم والكتابة. وهناك قول: "إن الله لمّا خلق آدم بثّ فيه أسرار الحروف، ولم يبثّها في أحد من الملائكة، فخرجت الأحرف على لسان آدم بفنون اللغات، وجعلها الله صورًا، ومثلت له بأشكال منوعة. وكانت معجزته هي تكلمه جميع اللغات التي يتكلم بها أولاده إلى يوم القيامة". وفي حديث آخر: "إن الخطوط أنزلت على آدم في إحدى وعشرين صحيفة، وقد أجمع كثير من الكتب الدينية واللغوية والتاريخية على أن أول من وضع الكتابة والخط هو سيدنا آدم، كتبها في طين وحرقه. من بعده تلقاها "أخنوخ" أي النبي إدريس، ومن ثم النبي نوح الذي سميت الكتابات بأسماء أولاده كما العروق البشرية. ومن بعده النبي إسماعيل ابن النبي إبراهيم، ويقال إن الله أنطقه بالعربية المبينة وعمره 24 سنة، ثم سيدنا سليمان بن داوود.
قرون عدة قضاها الإنسان لا يعرف الكتابة، وسبب ذلك هو قلّة الاحتياج إلى تدوين الحوادث. لكن نشأة الكتابة لم تكن ربطًا في بلد معين أو مكان خاص، فالحاجة إلى طريقة تعبير تربط البشر بالمجتمع وتؤهله للتواصل مع محيطه، دفعته إلى ابتكار وسائل جديدة للاتصال. بدايتها كانت استعمال الإشارات وتحريك اليد للدلالة على العدد أو امساك أغراض تدل على الطلب المرجو من الآخرين. من ثم تطورت هذه الطرق لتلامس الرسم على الجدران أو الحجارة.
عبّر الإنسان بطريقة الرسم، بتصوير الأغراض المطلوبة وشرطات صغيرة بالقرب منها لمعرفة العدد. من ثم ارتقت لتصبح تصويرية رمزيّة باستخدام بعض الأدوات والأجسام والأشكال، إلى أن عرفت الأحرف الأبجدية المستخدمة في حياتنا اليومية.
إذًا ما الفرق بين الكتابة والأبجدية واللغة؟ هل تُعدّ حقًا الهيروغليفية أصل الكتابة بالعالم؟ متى نشأت الكتابة باللغة العربية؟ الكتابة العربية الشمالية هي الكتابة المستخدمة حتى يومنا هذا والتي تنقل لسانًا عربيًا شماليًّا صريحًا. لا يوجد أجوبة شافية مباشرة عن أصل هذه اللغة وعلاقتها مع غيرها من اللهجات والكتابات واللغات. فمتى ظهرت؟ وأين؟ وهل يوجد عدد من الكتابات التابعة لها؟
متى نشأ الخط العربي؟ وكيف كانت بداية انتشاره؟ يوجد في الخط العربي عدة أنواع من الخطوط مثل النبطي والكوفي والحجازي والفارسي، فما هي دلالة تلك التسميات؟ وما ميزة كل نوع منها؟ ما الفرق بين الخط العربي والخط الفارسي والخط البهلوي؟
- الكلمات المفتاحية: تاريخ الكتابة، الخط العربي، الأبجدية
***
* باحثة لبنانية. أستاذة دكتورة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية - الجامعة اللبنانية. حائزة شهادة دكتوراه في الفنون والآثار وتاريخ الفن من جامعة مارك بلوك (University of Marc Bloch) في ستراسبورغ في العام 2002
هوامش البحث
- رمزي بعلبكي: الكتابة العربية والسامية: دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميين، دار العلم للملايين، ط1، بيروت 1981، ص. 17
- W. F. Albright, Some important discoveries: Alphabetic origins and the idrimi statue. In BASOR. 118. 1950. P. 12- 13
- A.H. Gardiner, The Egyptian origin of the semetic alphabet. In JEA, 3. 1916 . P. 15.
- W.F. Albright, The Proto- Sinaitic Inscriptions and their Decipherment. Cambridge, 1969), p. 10
- Ibid. P. 12.
- “The Sinaitic Inscriptions”. In JEA. 15. 1929. P. 202.
- سفر التكوين 4: 32
- The Alphabet: Its rise and development from the Sinai inscriptions. Chicago, 1931, P. 50.
- Der Ursprung des altsemitischen alphabets aus der neuassyrischen keilschrift. In ZDMG. 31. 1877. P. 102.
- رمزي بعلبكي: المرجع نفسه، ص. 30.
- A.J. Evans. The palace of Minos. London. 1921. P. 36.
- بعلبكي: المرجع نفسه. ص. 34.
- Driver, Semetic Writing. P. 187.
- M. Ventris and J. Chadwick. “Evidence for Greek dialects in the Mycenaean archives.” In JHS. 73. 1953. P. 86.
- M. Lidzbarsk i, Ephemeris für semitische epigraphik. Giessen,. 1902- 1915. II. P 371.
And A. J. Evans; Sripta Mioa. I. P. 68- 77.
- Fr. Prätorius; Über den ursprung des kanaanäischen alphabets. Berlin. 1906.
And “Das Kanaanäische und das südsemitische alphabet”. In ZDMG. 63. 1909. PP. 189 - 198.
- “The origin of the Phoenician Alphabet”. In proceedings of the Society of biblical archeology, 32 (1910), pp. 215-22.
- بعلبكي: الكتابة العربية والسامية، ص 42.
- ربيع مكي: أصل اللغة العربية ومركزها في العائلة الحامية السامية. أوراق جامعية. منشورات الجامعة اللبنانية. ص. 170- 171.
- م. ن. ص.172.
- م. ن. ص. 173.
- القلقشندي: صبح الأعشى، مج3، ص. 51
- بعلبكي: الكتابة العربية والسامية، ص. 196
- عدنان البني: المدخل إلى قصة الكتابة في الشرق العربي القديم، دمشق 2001، ص. 9.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق