♦ زياد يوسف مارون *
نبذة عن البحث:
يقدّم عالم الاجتماع الألماني نيكلاس لوهمن (1927 – 1998/Niklas Luhmann) نظريّته في الفنّ من خلال عناوين وتوصيفات برّاقة مغرية، تتماهى مع طبيعة مجتمعنا الرقميّ وثقافتنا التواصليّة، فهو يتكلّم على البعد التواصليّ للأعمال الفنّيّة، يقدّم طرح الحدث التواصليّ ويدافع عن فكرة العلاقة التي تتشكّل بين الاتّصالات... كما أنّه حين يستبعد صفة الهيكل المتحقّق والقائم في تناوله لطبيعة النظم وعندما يعرّفها على أنّها شيء يأتي إلى حيّز الوجود في كلّ مرّة يتواصل فيها المشاركون، نخاله يوصّف الشبكة العنقوديّة بفضائها الافتراضيّ القائم على التواصل. من هنا نجد أنّ نظريّة لوهمن وطروحاته قد تستطيع بفعل تموقعها في التواصليّة أن تسلّط الضوء على تحوّلات أصابت حضور العمل الفنّيّ النخبويّ والفنّان وآليّات مقاربتنا للتجربة الفنّيّة المعاصرة في زمن الثقافة الرقميّة التواصليّة؛ فالمظاهر والمواقف المستجدّة الآن على الساحة الثقافيّة والفنّيّة قد لا تسلّم نفسها طواعيّة لنظريّات الفنّ التقليديّة، وقد لا يكون معطى لنا أن نتبيّن حضورها على الأغلب، إن لم نعتمد الإطار النظريّ المناسب الذي يتماهى مع تواصليّة الثقافة الرقميّة.
نعالج من خلال هذا البحث، المفاهيم العامّة في نظريّة لوهمن، والوقوف عند آليّات الفهم التي يقدّمها، وبالتالي جمع الإضاءات والمسائل والأسئلة التي قد تثيرها وتطرحها هذه النظريّة في حال اعتُمدت في معاينة حضور الفنّ النخبويّ المعاصر بأبعاده المعهودة، من فردانيّة الفنّان المتميّزة، واحتكاره للفعل الابداعيّ كمصدر أوحد للنخبويّة.
ويكتسب هذا البحث أهمّيّة إضافيّة في تقديمه هذا الفيلسوف المميّز الذي ظلّ بعيدًا من الأضواء، ولم يأخذ الاهتمام الكافي في عالمنا العربيّ وفي الغرب، وانحصر تأثيره الفكريّ داخل الدول التي تدور في فلك الثقافة الألمانيّة. إلى أن عاد إلى الواجهة مؤخّرًا ليأخذ الموقع الذي يستحقّه بعد أن بدأت تظهر بعض الترجمات لأعماله في اللغة الإنكليزيّة والإيطاليّة والإسبانيّة.
***
* يعدّ أطروحة دكتوراه في الفنّ وعلوم الفنّ – المعهد العالي للدكتوراه – الجامعة اللبنانيّة
مجلة الحداثة - al hadatha journal - خريف 2020، ع 211/ 212
ISSN: 2790-1785
ISSN: 2790-1785
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق