♦ إيفانا يعقوب مرشليان
في عصر العولمة: الإعلام والثقافة، تكامل أم استتباع؟ |
مجلة الحداثة عدد 201/202 - صيف 2019
يبدو أن التمهيد الأفضل للخوض في هذا المبحث الشائك، هو محاولة الإجابة عن سؤال شائك هو الآخر: هل ألغت العولمة الثقافة لصالح الإعلام؟
بتعبيرٍ أوضح: هل أنّ عولمة المسألة الثقافيّة في مُكوِّناتها التواصليّة كتعبير عن سلوكيّات الإجتماع البشريّ قد ألغت الثقافة كبنيانٍ فكريّ مُستقل، لصالح ما بات يُعرف اليوم بـ"ثقافة الميديا"؟ وخصوصًا بعد هيمنة ما سُمّيَ اصطلاحًا بفكر ما بعد الحداثة، وهو الفكر المُعَوْلم الذي ألغى المكان بما هو هويّة ثقافيّة، أي الجغرافيا بكل تنويعاتها بدءًا من البيئة الصغرى إلى البيئة الكبرى، وبدءًا من الجماعة المتجانِسة بكلّ تمايزاتها وخصوصيّاتها المعرفيّة والسلوكيّة، وسعى إلى إقامة شبكةٍ من المفاهيم العابرة للخصوصيّات الثقافيّة للشعوب واللاغية للهويّات الوطنيّة. وهل بالضرورة أن يؤدّي ذلك، إلى إلغاء حتميّات الجغرافيا التي تُفرض كعنصرٍ أساسيٍّ في تكوين الجماعة المتجانسة، سواء أكانت طائفة أم طبقة أو أمة؟ وبالتالي، هل يقوم فكر ما بعد الحداثة أساسًا على إلغاء الجغرافيا كمؤثّر طبيعيّ وبديهيّ في الخصوصيّات الثقافيّة للجماعات، وهو الأمر السائد على مدى قرون من الزمن الغابر؟