♦ زينه إبراهيم حبلي *
نبذة عن البحث
قُدّر للإمارة العثمانية من بين إمارات الترك التي نشأت على أقصى الحدود الغربية للأناضول، أن تصبح سلطنة مترامية الأطراف، وأن تتوسع رقعتها الجغرافية لتحكم شعوبًا ومللًا غير متجانسة، وأن تكون أطول عمرًا لنحو أكثر من ستة قرون متتالية، وتتولى زعامة العالم الإسلامي. وأدت الدولة العثمانية دورًا فاعلًا على مدى هذه القرون في منطقة امتدت من بلاد فارس والخليج العربي شرقًا وحتى بلاد النمسا والمغرب غربًا، ومن جنوب موسكو والقفقاس وبولندا شمالًا وحتى بلاد الحبشة والمحيط الهندي جنوبًا، ولقد ورثت هذه الدولة حضارة السلاجقة والبيزنطيين، ومؤسساتـهم العلمية والحضارية، إلى جانب استفادتـها من نظم إدارة المماليك والإيلخانيين والصقالبة([1]).
وفي واقع الأمر إن المنازعات بين قبائل الأتراك وبين دولة الروم لم تتوقف حتى تم فتح القسطنطينية. وظل فتحها حلمًا يراود المسلمين، ولا شك بأن فتحًا عظيمًا كهذا سوف يهيء للسلطان مكانة هامة داخل دولته وفي كافة أنحاء العالم الإسلامي باعتباره الأمير الذي بشر به الحديث النبوي الشريف. فكيف صار هذا الأمير هو أمير الخير، كما بشّر به رسول الله(ص)، وكيف كان جيشه خير الجيوش؟ لقد حظي الفاتح بتربية علمية خاصة، منذ طفولته، واهتم والده بتنشئته تنشئة علمية ودينية وجسدية جادة.
(...)