نوافذ: جدار

باسكال صوما - مجلة الحداثة


باسكال صوما *


على جدار بلا صوت
ككل الجدران التي أعرفها
والتي لا يعرفها أحد
تجدون غابة من الأصابع
الناس في الأصل أصابع
خلف الجدار
ظلال لأصابع أخرى
الأصابع في الأصل ظلال
الأندلس تحول إلى دائرة
تدور الحضارة كلها
في دائرة واحدة
كلما خرج واحد بصحبة التي يحبها
يصبح مختلًا
وأعجميًّا
وتصير رقبته مقصلة
بتهمة عناق
وكلما جاع طفل إلى حصان
يعطونه دبابة ليلعب بها
يكبلون يديه
ويُعاد إلى الدائرة
هنا
لا أحد يشتري الأحصنة
إنهم يمتطونها فقط
يا للأعمار تتكفن بالورق
وبكل ما يُمنع من الكتابة
وما يطرح ضربًا في شريعة النشر
والساكنين في الكهوف
كنت أريد فقط حياةً واحدة
أقول فيها أحبك
وإني لست خائفة
لكن تختن الفتيات من الصوت
على طريق الأندلس
أو الجلجلة
كل الطرق جلجلة
بائع السكاكر في آخر الحيّ
خرج مسرعًا
اتهموه ببيع الحب مجانًا
الأولاد حين كبروا حاكموه
وبأيديهم قطعوا الأصابع
التي وزعت من أجلهم الحلوى
فتحوا تحقيقًا بيلاطسيًّا
أكدوا في نهايته
أن الحياة لا تستحق
وأن الرجال الطيبين ينساهم القطار
حين يتحول إلى طائرة.

* شاعرة من لبنان

***


الحداثة - خريف 2018