♦ محمد حسين حسين *
- نبذة عن البحث
كانت الفنون وما زالت أحد أهم أوجه الثقافة في العالم، بل هي إحدى معالم الحضارة الثابتة عبر تقلبات الزمن، فإذا تدنى مستوى الفنون هزُلت الحضارة ووهنت، (والفنون هنا بشموليتها من العمارة إلى النحت والتصوير وغيره).
في لبنان، وبالتحديد في الربع الأخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، بات الفن، في معظم الأحوال، سلعة للتداول مبنية على الكمية غير المتجانسة، وهي عبارة عن سلعة يجنى منها الربح ومادة للمضاربة في الإنتاج والاستهلاك، والبيع والشراء، بدلًا من النظر إليه على أنه قيمة في إنتاج الفن المعاصر. ومن خلال ظاهرة الندوات الجماعية الفنية (السيمبوزيوم)، دخلت عناصر جديدة في التقييم، أساءت للمفاهيم الفنية والثقافية، في ما عدا بعض التجمعات التي واكبت في البداية الحركة الفنية في لبنان كالتي بدأها الأخوة بصبوص من خلال إقامة متحف راشانا في الهواء الطلق، واستقطاب فنانين مميزين ومشهود لهم بالكفاءة الفنية من أنحاء العالم.
في هذا البحث يتم تسليط الضوء على النواحي الإيجابية والسلبية في هذه الظاهرة، من خلال دراسة تسعى إلى تصويب هذا الاتجاه ووضعه في مساره الصحيح، كي لا يتحول إلى شبه مهرجانات فنية فاشلة وغير مجدية.
- الكلمات المفاتيح: سيمبوزيوم – الفن اللبناني – التشكيل المعاصر
***
يعود أصل كلمة "سيمبوزيوم" (Symposium) إلى زمن الفيلسوف اليوناني أفلاطون (427 - 347 ق.م)، وتعني احتساء الشراب معًا بغرض تبادل أطراف الحديث، وتعاقبت المعاني المتممة لهذا التجمع فأخذ أشكالًا عديدة؛ منهم من وصفه بالتجمع من أجل النقاش الأدبي والثقافي، وذهب البعض الآخر إلى وصفه بـ"الوليمة" التي تحولت في ما بعد إلى وليمة ثقافية. وقد انتشرت في يومنا هذا لتميز التجمعات الفنية الميدانية، حيث يتجمع عدد من الفنانين للعمل سويًّا في الانتاج الفني في منطقة واحدة.
بقيت هذه الحالة عشوائية وغير منظمة وليس لها قوانينها الثابتة، فكل منظِّم يفعل ما يحلو له وما يراه مناسبًا وفق معطيات خاصة وذاتية أحيانًا، وقد تتخطى المفاهيم الجمالية للفن التشكيلي.
إن في هذه الظاهرة ما يوجب البحث والتدقيق، حيث يكمن السؤال هنا: ماذا يراد من "السيبوزيوم"؟ وما هي النتيجة الجمالية له؟ وهل هذه الظاهرة هي حالة صحيحة في لبنان؟
نعالج في هذا البحث هذه التساؤلات، ساعين إلى الإجابة عنها بتجرّد وبعيدًا من التحيز المناطقي والوظيفي. وقد يظهر لنا مدى العيوب والسلبيات التي تركها هذا النشاط في العديد من المناطق اللبنانية والعربية أحيانًا، بالرغم من بعض الايجابيات التي تنتج عنه.
لا شك أن النهج العلمي المتبع هنا يكاد يكون شاملًا، ينطلق من الوصف والتوثيق، إلى التحليل والاستنتاج والمقارنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق