♦ زينه إبراهيم حبلي *
- نبذة عن البحث
شهدت المنطقة العربية منذ مطالع العام 2011 "حركة" لم تشهد مثيلها طيلة عقود طويلة من تاريخها، إذ بدأت تشهد بدايةً تفكك النظم السلطوية بفعل انتفاضات شعبية كانت بدايتها في تونس ومصر، وانتقلت بعد ذلك إلى العديد من الدول العربية. جاءت هذه "الانتفاضات" نتيجة تراكم سنوات من التسلط والظلم كان عمادها الشباب. لكن، وعلى الرغم من التفاؤل بهذا "الحراك" العربي، ونجاح بعض "الحركات" في إسقاط السلطة الحاكمة، إلا أنها ولّدت صراعات جديدة، وفشلت في معظمها، في معالجة المظالم الاقتصادية والاجتماعية التي انتفضت الجماهير من أجلها. وإذ يُسجل أن معظم هذه الحركات جاءت عفوية، إلا أنه بدا كأن أيديًا خفية كانت تخطط لها، وتهيء الأرضية لنجاحها، ومن ثم استغلال نتائجها.
- الكلمات المفتاحية: الثورة، الاحتجاجات، الأنظمة السلطوية، الديمقراطية، الربيع العربي، الولايات المتحدة، لعبة الدومينو، القوة الناعمة، الدبلوماسية الرقمية
***
- مقدمة
بعد عقود من الانحطاط، ومن دون سابق إنذار، اجتاحت العديد من بلدان المنطقة العربية احتجاجات وثورات، عرفت باسم ثورات "الربيع العربي" وكان ذلك في العام 2011. هذه الاحتجاجات السلمية كانت صرخة قوية تعبر عن مدى المعاناة التي تعيشها شعوب المنطقة ضد الظلم والتهميش والفساد السياسي والبطالة التي يعيشها الشباب العربي. وعلى الرغم من اختلاف السياسات المحلية لكل بلد، فإن هذه "الثورات" تقاطعت في عدد من المطالب التي رفعت مثل: العدالة والحرية والديمقراطية وإنهاء الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع.
كان من نتائج هذه "الانتفاضات الشعبية" أن أسقطت عروشًا وهزّت أنظمة أخرى، وفرضت واقعًا جديدًا على المستوى السياسي والاجتماعي لم تكن لتخطر على بال أكثر المراقبين حنكة في أواخر العام 2010.
التساؤلات التي تطرح هي حول وصف هذا "الحراك" وماهيته، وما هي أسبابه، ومن المستفيد منه؟ أو ما هي محركات التغيير والأسباب السياسية والاقتصادية التي دفعت به بعد عقود طويلة من السكون والركود؟ ولماذا ثارت هذه الشعوب الآن ومن وراءها؟ وهل هذا الحراك يعبر عن صوت الناس وألمهم أم هناك من استغل هذا الألم وجيره لمصالحه؟ هل نجح الحراك في تحقيق غاياته؟
- محركات التغيير التي أدت إلى "الثورة"
إن "الثورة" عملية تغيير سريع وجذري للنظام السياسي مما يؤدي إلى الإطاحة بالنظام القديم والنخبة التابعة له، وإحلال نظام جديد تتوافق عليه مختلف أطياف المجتمع. أما البحث عن مسببات "الانتفاضة" أو "الثورة" أو ما اصطلح على تسميته بـ"الربيع العربي"، إنما تعود جذوره إلى المرحلة السابقة عليها، لأن هذه المرحلة هي التي أدت إلى هذا الواقع الذي تعيشه الشعوب العربية، وهو نتاج متراكم لسنوات عديدة من الاستبداد والظلم والاحباط وصولًا حتى العام 2011. فهناك عدد من العوامل التي حددت الواقع العربي في الفترة الماضية، أدت إلى تكريس واقع التجزئة والتخلف والاستبداد حتى حرمت الشعوب العربية من بناء الدولة المدنية الديمقراطية([i]). ويمكن إيجازها بستة عوامل:
(...)
***
* باحثة من لبنان. أستاذة مساعدة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية (قسم التاريخ) - الجامعة اللبنانية
([i]) الحوار المتمدن، مقالة لعبد الغني سلامة: عصر الثورات العربي الأسباب والتداعيات، ع 3332- 10/4/2011. Https://www.ahewar.org
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق