♦ رحاب علي صبرا *
- نبذة عن البحث
يمكن القول إن هناك مشكلة تواجه الباحث في ما يختص بالسيرة الذاتية ليحيى النحوي وفلسفته، ولعل سبب ذلك يعود إلى بعض المؤرخين ومصنفي الفهارس القدامى، إذ أساؤوا تقديمه إلى القارىء أكان من ناحية تحديد هويته، أم في العصر الذي عاش فيه، كذلك خُلط اسمه بأشخاص آخرين يحملون اسم يحيى مثل: يحيى بن عدي، ويحيى الديلمي، ويحيى بن البطريق.
استمرت هذه الأخطاء لدى بعض المعاصرين، ويمكن أن يُذكر على سبيل المثال من ناحية الاسم: رفيق العجم في هامش توضيحه في تحقيقه لكتاب: "البيهقي، تتمة صوان الحكمة"، إذ يوضح أن المقصود بيحيى النحوي هو يحيى النحوي البطريق المترجم المعروف[1].
ويكرر محمد عبد الرحمن مرحبا في كتابه: "من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة الإسلامية"، هذا الخطأ، واصفًا يحيى النحوي الديلمي الملقب بالبطريق[2].
أما من ناحية العصر الذي عاش فيه، فاستمر الخطأ بكونه عاش إلى أن لحق أوائل الإسلام، كما أورده ابن النديم ومن أخذ عنه، على سبيل المثال: ناجي التكريتي في كتابه: "الفلسفة الأخلاقية والأفلاطونية عند مفكري الإسلام"، فيعدّه مترجمًا من أشهر نقلة السريان[3].
من هو يحيى النحوي إذًا، ذلك العالم الذي يرد اسمه كثيرًا في كتب الفلسفة والطب والطبيعيات لدى العرب، فيرد كمؤلف، وكمنتقد لكتب اليونان السابقين، وكطبيب، ويرد كوسيط بين الحضارة اليونانية المسيحية وبين الحضارة العربية الإسلامية، فيدخل اسمه بين مؤلفات كثير من علماء المسلمين، ويستشهد بأقواله العلماء؟
لا نعرف الشيء الكثير عن سيرة يحيى النحوي، على الرغم من الجهود التي بذلها الباحثون في التعريف به وبفلسفته ومؤلفاته، وكل ما وصلنا عنه معلومات قليلة متضاربة.
يحيى النحوي أو ما يسمّى "فلوبونس" (John Philoponus) فيلسوف يوناني اسكندراني نسبة إلى مدرسة الإسكندرية التي افتتحها أمونيوس وأفلوطين، أفلوطيني. مُحدث، تميّز في الرد على أرسطوطاليس.
ما يمكن قوله إن المرجح أن يحيى النحوي ولد في مدينة قيسارية التي تقع على ساحل البحر بالقرب من يافا في بلاد الشام، وذلك في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الميلاديين تقريبًا، وقد اشتهر بلقب النحوي، ولم يكن وصفًا للدلالة على اشتغاله بعلم النحو، وهو اللقب الأشهر في العصرين القديم والوسيط [4].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق