♦ إكرام أسعد ريدان *
نبذة عن البحث
فارس الخوري سياسي ومفكر ووطني سوري ولد سنة 1877، في قرية الكفير التابعة حاليًا لقضاء حاصبيا لبنان، والده يعقوب بن جبّور الخوري مسيحي بروتستانتي، كان نجارًا وله بعض الأملاك الزراعية في قريته. والدته حميدة بنت عقيل الفاخوري ابنة رجل قضى في مذبحة 1860 بين الدروز والمسيحيين، وكانت مهتمة بابنها البكر فارس كل الاهتمام وتخطت كل المصاعب من أجل تعليمه.
تلقى فارس الخوري علومه الابتدائية في مدرسة القرية، ثم بالمدرسة الأميركية في صيدا، ولما كان متفوقًا على أقرانه فقد عينه المرسلون الأمريكان معلمًا في مدرستهم الابتدائية في زحلة.
دخل فارس "الكلية الإنجيلية السورية"، التي سميت بعد ذلك بـ"الجامعة الأميركية في بيروت". لكن المرسلين الأميركيين لم يمكنوه من الاستمرار، فقد عيّنوه من جديد في مدرستهم بقرية مجدل شمس العام 1982، ثم نقلوه إلى صيدا، ثم في العام 1894 عاد إلى الدراسة في الجامعة الأميركية وحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم العام 1897، وكانت هذه الشهادة في ذلك الحين شهادة ثقافية عامة ليس فيها اختصاص في أحد فروع العلوم والآداب، دعاه رئيس الجامعة إلى التدريس في القسم الاستعدادي كمعلم للرياضيات واللغة العربية.
لم يترك فارس الخوري الدرس والتحصيل، بل ظل منكبًا على الدراسة والمطالعة؛ فدرس اللغتين الفرنسية والتركية وحده من دون معلم وبرع فيهما، كما أنه أخذ يطالع الحقوق لنفسه، وامتهن المحاماة بدمشق، وتقدم بفحص معادلة الليسانس بالحقوق فنالها في العام 1908، انتسب إلى "جمعية الاتحاد والترقي" فكان هذا أول عهده في السياسة [1].
انتخب الخوري نائبًا عن دمشق في مجلس "المبعوثان" العثماني سنة 1914، ثم احترف المحاماة. وقبل انتهاء الحرب العالمية الأولى سُجن بتهمة التآمر على الدولة، ثمّ بُرّيء. بعد الحرب عيّن أستاذًا في معهد الحقوق، وانتخب عضوًا في "المجمّع العلمي العربي" سنة 1919، فعُدّ من مؤسّسيه. وعيّن وزيرًا للمالية السورية، إلى أن احتلّ الفرنسيون دمشق بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920، فعاد إلى المحاماة.
نفاه الفرنسيون إلى جزيرة أرواد سنة 1925، ثمّ أعادوه وولّوه وزارة المعارف العام 1926، لكن الوزارة حلّت بعد 47 يومًا من تولّيه، فأُبعد مع أعضائها منفييّن حتى العام 1928، ثمّ انتخب رئيسًا لمجلس النواب السوري العام 1936، وأعيد انتخابه لهذا المنصب أكثر من مرة في عهد الرئيس شكري القوتلي (1943- 1949)، فرئيسًا للوزارة (1944- 1945)، كما مثّل سوريا لدى منظمة الأمم المتحدة مرّاتٍ عدة، حيث شغل منصب رئاسة مجلس الأمن الدولي فيها.
توفي الخوري في دمشق العام 1962، بعد أن ترك مؤلّفات حقوقية تعدّ مرجعًا للمحامين ورجال القانون والسياسة، منها: "أصول المحاكمات الحقوقية"، و"وموجز في علم المالية" و"صك الجزاء".
إن هذه الحياة الحافلة بالأحداث التي عاشها فارس الخوري، تدفعنا إلى التساؤل عن هذه الشخصية التي "لم تكن كسائر الرجال، رجلًا واحدًا في ًأمّة، وإنما أُمّة في رجل"، كما كتب الدكتور حلمي اللحّام [2].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق