♦ طالب عمر سعد *
نبذة عن البحث
عند اشتداد الأزمات ينقسم أهل الرأي إلى فريقين، أغلبية أحدهما تتجه نحو وصف الأزمة ومشكلتها والغوص بدائرتها وشرحها وانتقادها من حيث نتائجها وما وصلت إليه، فيما يذهب الأقلية من أهل الرأي الثاني إلى البحث بعمقها ومشكلتها ودراستها بشكل علمي بحثًا عن مسبباتها وجذورها والأبعاد غير المعلنة التي كانت سبب حصولها.
أزمة لبنان المالية والاقتصادية إلى جانب السياسية، التي يشهدها اليوم، ليست الأزمة الفريدة في العالم، وهي ليست أزمة لم يشهد مثلها التاريخ، فالمتتبع للأزمات عبر التاريخ يجد في أغلبها أدوات الاستغلال والاستبداد والظلم، فقد تأخذ شكل استعمار أجنبي، أو سوء إدارة سياسية، أو أزمات ركود اقتصادي ومالي وغيرها. وفي كل مرة كان للخروج من أزمة كبيرة، مسار أو نظام جديد ينتج عنه فكر أو فلسفة يتوجها عقد اجتماعي جديد.
لست هنا للدخول في تفاصيل الأزمة اللبنانية، لكنني أريد توجيه الأنظار إلى الحلول الممكنة مبتعدًا من ساحات الصراخ والأصوات المرتفعة التي تعدّ نفسها من حملة الحلول، وتعتقد أن الحل لن يأتي إلا بتغيير الأشخاص في السلطة الحاكمة، أو من خلال تطبيق القوانين والدساتير، أو من خلال علمنة الدولة، أو من خلال الاتفاق على كتاب تاريخ موحد وبجانبه كتاب تربية وطنية لإعادة تدريس مفهوم المواطنة.
إلا أنه لا بدّ من توجيه بوصلة الأبحاث والدراسات والأفكار في العلوم السياسة والاقتصادية والاجتماعية إلى المادة الأهم في المجتمع والمشتركة بين هذه العلوم والتي تعني كل فرد فيه، ألا وهي المال. فكلما نما المال وتحسنت قيمته، انعكس ذلك على تحسن حياة الأفراد ومستوى رفاهيتهم، وبالتالي تتحسن القوة الشرائية التي تؤدي إلى زيادة الطلب على الاستهلاك فيتشجع الاستثمار ويزيد الإنتاج ويتحقق النمو الاقتصادي.
لذلك فمن الضروي لأي مجتمع أن يفهم تكوين هذه المادة، فمن المسؤول عن تأمينها، وكيف تتحسن قيمتها، ولمن يجب أن تكون منفعتها، وماذا يجب أن يفعل صاحب القرار الإداري في الدولة كي يضمن نموها ويحميها من الانهيار والتدهور؟
***
* أطروحة دكتوراه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية - المعهد العالي للدكتوراه – الجامعة اللبنانية
مجلة الحداثة - al hadatha journal - خريف 2020، ع 211/ 212
ISSN: 2790-1785
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق