♦ ريم محمد عصمت اليوسف *
نبذة عن البحث:
تُعدّ مجموعة القصص القصيرة "أرخص ليالي" من أكثر أعمال الكاتب المصري يوسف إدريس (1927–1991) شهرة. وتعدّ المجموعة أول أعماله القصصية، فقد صدرت في العام 1954، وقدّمها حينذاك الأديب طه حسين (1889–1973) الذي أشاد بإدريس معتبرًا إياه "من هؤلاء الشباب الذين تعقد بهم الآمال وتناط بهم الأماني ليضيفوا إلى رقي مصر رقيًا وإلى ازدهار الحياة العقلية فيها ازدهارًا" (يوسف، 2017، ص. 44).
تبرز المجموعة خصائص القصة القصيرة، حيث إنّ أحداثها تدور في قرية ريفية صغيرة، وشخصياتها من الفلاحين الفقراء المصريين، كما أنها تزخر بوصف حالة الفقر والجهل، وأسلوبها يمزج اللغة العربية الفصحى مع لهجة عامية مصرية.
يوسف إدريس من الرواد الذين بلوروا نمطًا تعبيريًّا جديدًا نسبيًا في الأدب العربي عبر استخدامه اللهجة العامية العربية بشكل كامل. وهو يميّز عمدًا بين اللغة المحكية لشخصياته وتلك التي يعتمدها في السرد. هذا التبديل الدقيق بين العربية الفصحى والعربية العامية هو ما يعزّز واقعية أعماله وخصوصيته ككاتب. وعلى الرغم من الاحتجاج الذي ساد بين النقاد العرب أمام هذا التهجين بحسبان أنه يشكّل ابتعادًا من مفاهيم الأدب العربي ومبادئه، فقد بدا واضحًا أنّ القارئ العربي كان يستمتع بهذا النتاج الأصلي الذي يعبّر تمامًا عنه (عبد المعطي، 1994). هذا الاحتفاء بالعامية من السمات اللغوية الأساسية التي لا يمكن ألا يتنبّه لها القارئ في قصص إدريس، حيث نجد هذا الأخير "يعمد إلى تعبيراتٍ موغِلَةٍ في المصرية ويفصِّحها أحيانًا أو يستعملها كما هي في متن سرده، كما في قوله: "منديلَه النّص نص الأبيض". لقد كان حريصًا على أن يُبرِز الوحدات اللغوية حال نحتها من طين القرية في دلتا النّيل أو تُراب الحارة القاهريّة" (عبادة، 2020).
نظرًا إلى أهمية مجموعة "أرخص ليالي"، ولاعتبارها أحدثت ثورة أدبية، تمّت ترجمتها إلى لغات كثيرة. من هنا وبالاستناد إلى ما سبق، نصل إلى الإشكالية التي نعالجها وهي كيفية ترجمة هذا الانتقال بين الفصحى والعامية في كتابات يوسف إدريس إلى اللغة الإنكليزية في ظل غياب هذه الازدواجية اللغوية في الإنكليزية، علمًا أن هذا التفصيل لا يجب أن يفوت القارئ غير العربي لأنه من أهم خصائص أسلوب الكتاب باللغة المصدر، ولأنّ نقله إلى اللغة الهدف من أهم مبادئ التكافؤ في علم الترجمة.
***
* تعدّ أطروحة دكتوراه في الترجمة وعلوم اللغة والتواصل - المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق