♦ كامل صالح *
الحداثة - خريف 2017 عدد 187 / 188
لا شك ان الموقف الذي يتخذه المثقف العربي عبر رفضه تسلم جائزة ثقافية تمنح من دولة غير ديموقراطية حتى لو كانت دولته، يشكل خطوة جريئة بوجه السلطة (ويجب أن نفرق هنا بين مفهومي السلطة والدولة). غير ان - البعض- لا يجد حماسًا لافتًا لتأييد مثل هذه المواقف. والسبب في رأيهم، هو أن السلطة عند منحها جائزة ما لمثقف هو اعتراف ضمني من قبلها بقيمة هذا المثقف إبداعيًّا وفكريًّا وعطاء، أي بمعنى آخر هي لا تمنح جائزة لمادحها ومبجلها إنما للمختلف معها. وهي خطوة تحسب لها لا عليها.
لست بوارد الدفاع عن هذا الرأي أو الوقوف ضده، أو الدفاع عن السلطات العربية، وفيها ما فيها من سيئات وانهزامية وتسلط وبطش وقمع للحريات، إنما السؤال الجوهري الذي يجب أن يطرح بعد عقود من نشوء السلطات العربية: من المسؤول عن هذا التردي والتخلف والانكسار؟ لنكن صريحين ونجاوب: السلطة أم المجتمع الذي أنجب هكذا سلطات؟
أعتقد أن نقد الذات يبدأ من هنا - قبل أن نطلق الشعارات يمينًا وشمالا، ورمي تخلفنا على الآخر أيًّا يكن هذا الآخر: السلطة/ الغرب/ إسرائيل/ الدين / المناهج/ ... .
إن المثقف العربي الذي شهد الواقع سقوط أفكاره وخطاباته بالتتابع، وبشكل مدوٍّ أحيانًا، لم يعد هو المخول بالتغيير أو التطوير، وبالتالي نسج حضارة هذه الأمة. فدوره سقط بعد أن أضحت "الحضارة" العربية – إذا صح التعبير – مشهدية فسيفسائية، اللاعب فيها هو