♦ عائشة يوسف سنتينا *
- نبذة عن البحث
تُركّز هذه الورقة البحثية على تقديم حلول مقترحة للمشكلات التي قد تواجه معلّم اللغة العربية في تدريسه لقواعد اللغة العربية وخاصة تعليم الإعراب في المدارس اللبنانية الرسمية، بعيدًا من التلقين والحفظ. وقد جرت المعالجة بعد تحليل استبانة جرى توزيعها على عيّنة مختارة من الطلاب في المرحلة الثانوية.
يبرز البحث أن استراتيجية المعرفة المسبقة مدمجة مع مبادئ التعلّم المستند إلى الدماغ، تُسهم بشكل واضح، وفاعل، في تنظيم المعلومات في ذهن الطالب، وجعل الحصّة التدريسية فاعلة ونشطة، مما يُسهّل على الطالب الفهم والتطبيق من دون خوف أو تردد.
- الكلمات المفاتيح: الإعراب – أبحاث الدماغ – استراتيجية المعرفة المسبقة – مبادئ التعلم – طرائق التدريس
***
- Abstract: This paper focuses on providing proposed solutions to the problems that may face the teacher of the Arabic language in his teaching of Arabic grammar, especially the teaching of syntax in the official Lebanese schools, away from memorization and indoctrination. The treatment was carried out after analyzing a questionnaire that was distributed to a selected sample of students at the secondary level. The research highlights that the prior knowledge strategy integrated with the principles of brain-based learning, contributes clearly and effectively to organizing information, and making the teaching session effective and active, which makes it easier for the student to understand and apply without fear or hesitation.
- Keywords: parsing - brain research - prior knowledge strategy - learning principles - teaching methods
***
تعدّ اللغة من "أهم عناصر الفكر، والكتابة أهم وسيلة انتُقِل بها من جيل لآخر. وما كان للحضارة المعاصرة أن تكون لولا هذا الاكتشاف الإنساني الرائع للكتابة والإدراك الواعي لدور اللغة وسبر أسرارها".[i] فاللغة عنصر مهم في الحفاظ على هذه الحضارة، وحفاظنا على اللغة يعني حفاظنا على حضارتنا. من هنا انطلقت أهمية الإعراب في اللغة العربية؛ فالإعراب كظاهرة لغوية نحوية له "دور أساسي في أداء المعنى الصحيح إلى السامع"،[ii] وحفاظنا على اللغة يستدعي حفاظنا على الإعراب. فما هو الإعراب؟
يُعرّف النحوّي السوري سعيد أفغاني الإعراب بأنه تعبير بألفاظ اصطلاحية عن علاقة كلمات الجملة بعضها ببعض، وإيضاح الجزء المعنوي الذي يقوم به في بناء المعنى العام في الجملة، ولذا كان خلل الفهم مؤديًا إلى خلل الإعراب لا محالة، ودقة الفهم وصحته يؤديان طبعًا إلى سلامة التعبير الإعرابي، فعلى المُعْرِب ألّا يشرع في إعرابه حتى يطمئنّ إلى استيعابه معاني النص بوضوح تام.[iii]
وإدراكًا مني لأهمية تعليم الإعراب وضرورة إتقانه لدوره الرئيس في الحفاظ على الحضارة العربية، أقدم في ورقتي البحثية هذه، اقتراحًا لمعالجة مشكلة يعاني منها أبناء هذا الجيل، ألا وهي صعوبة تعلّم الإعراب وإتقانه، مقدمة الحلول المناسبة للتعليم في القرن الحادي والعشرين.
- أهداف البحث
تهدف الورقة البحثية إلى تحقيق الأهداف الآتية:
- اكتشاف الثغرات في تعليم الإعراب لتذليلها.
- تعزيز مهارات التحليل والترابط والاستنتاج أثناء التعليم.
- اقتراح استراتيجية عملية لتعليم الإعراب.
- أهمية البحث
تتجلّى أهمية الورقة البحثية في النقاط الآتية:
- صناعة الوعي لدى معلّم اللغة العربية لتحديد مكامن الثغرات في شرحه للقواعد النحوية.
- تقديم طريقة سهلة لشرح الدروس المقررة للمادة غير مكلفة ماديًّا، تجذب المتعلمين لتطبيق الإعراب.
- الإشكالية
في ظل الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها الوطن لبنان والتي تؤثّر سلبًا على القطاعات كافة بما فيها القطاع التربوي، دفعت وزارة التربية والتعليم والعالي إلى إلغاء جزء لا بأس به من مناهج المراحل التعليمية كافة، الأمر الذي أثّر مباشرةً، على مستوى الطلاب التعليمي ولا سيما في المدارس الرسمية، إضافة إلى انعدام تدريب المعلمين وإهمال ذلك، وقد بدأت ظاهرة نفور الطلاب من مادة اللغة العربية عمومًا، ومن الإعراب خصوصًا، بالظهور والتفشي. وأوضّح في هذه الورقة البحثية، أسباب نفور الطلاب وضعفهم في الإعراب من خلال الإشكالية الآتية:
ما مدى فاعلية "أبحاث الدماغ" في تدريس الإعراب؟ وهل الطريقة المتبعة حاليًا في تدريس الإعراب في المدرسة الرسمية في لبنان، تُسهم في حفظ القواعد لا فهمها، وتاليًا نفور الطلاب من الإعراب؟
- الفرضيات
- يمكن القول: إنّ الطريقة المقترحة لتدريس الإعراب "استراتيجية المعرفة المسبقة KWL" مدمجة مع مبادئ أبحاث الدماغ، تُسهم في تسهيل المعلومات وترسيخها في ذهن المتعلم من خلال التحليل والترابط والاستنتاج.
- يلحظ أنّ تدريس الإعراب باستخدام الوظائف العليا للدماغ، تُسهم في جذب الطلاب للمادة بعد فهمهم العميق لها.
- المنهج
تعالج هذه الورقة البحثية ظاهرة نفور الطلاب من الإعراب، بناءً عليه استخدمت المنهج التجريبي والمنهج التحليلي لدراسة هذه الوقائع، ومعرفة أسبابها، ووضع الحلول المناسبة لها.
بدايةً اخترت ثلّة من طلاب المرحلة الثانوية في المدرسة الرسمية اللبنانية الذين يعانون من مشكلة في الإجابة عن أسئلة الإعراب، وطلبت منهم إعراب جمل سهلة وبسيطة لاكتشاف مكامن الضعف وتحديد أسبابه. ثم طبقت الاستراتيجية المقترحة لتدريس الإعراب، ووصلت إلى استنتاج مكامن الضعف وأسبابه، وطرق علاجه.
- الدراسات السابقة
اعتمدت جلّ الدراسات السابقة حول تعليم الإعراب، على التلقين والحفظ، وتطبيق المسلّمات، ولم أعثر - في حدود اطلاعي - على دراسة تُعلّم الإعراب وفقًا لأبحاث الدماغ من خلال التحليل والترابط والاستنتاج.
- مصطلحات البحث وتعريفاتها
- الإعراب لغة: ورد في "لسان العرب": "قال الأزهري: الإعراب والتعريب معناهما واحد، وهو الإبانة؛ يُقال: أعرب عنه لسانه وعرب أي أبان وأفصح. وأعرب عن الرجل: بين عنه. وعرب عنه: تكلم بحجته. وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة: الصواب يعرب عنها، بالتخفيف. وإنما سمي الإعراب إعرابًا، لتبيينه وإيضاحه".[iv]
- طرائق التدريس وفقًا لأبحاث الدماغ: هي طرائق تدريس مبنية على أبحاث الدماغ، حيث إن الاكتشافات الحديثة في علم الأعصاب، أظهرت أثرها على التعلم، مما دفع العاملين في المجال التربوي، إلى الاستفادة منها. وهذه الطرائق مبنية على اثني عشر مبدأ، تُسهم في جعل التعلم أكثر فاعلية من خلال توافقه مع الطريقة التي يعمل بها الدماغ.
- استراتيجية المعرفة المسبقة (KWL): هي إحدى الطرائق الفاعلة في ربط المعلومات السابقة للطالب بالمعلومات الحالية واللاحقة، حيث يقوم المعلم بمراجعة سريعة لما تعلمه الطالب سابقًا مع تدوين ذلك في خانة "K"، ثم تدوين توقعات الطالب من الدرس الحالي في خانة "W"، ثم تدوين ما تعلمه نهاية الحصة في خانة "L".
(...)
***
* باحثة وأكاديمية لبنانية حائزة شهادة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها. أستاذة مساعدة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة الجنان (لبنان).
[i] قدوح، محمد، الكتابة نشأتها وتطورها عبر التاريخ، دار الملتقى، ليماسول – قبرص، ط.2، 2002م، ص: 5
[ii] م. ن.، ص: 316
[iii] سعيد بن محمد بن أحمد الأفغاني (1909 – 1997م): نحوّي وبحّاثة سوري، ولد في في مدينة دمشق، كان عميدًا للمعهد العالي للمعلمين في كلية الآداب، وانتخب عضوًا في مجمع اللغة العربية في القاهرة ومجمع اللغة العربية في بغداد. أبرز مؤلفاته: الموجز في قواعد اللغة العربية وشواهدها، نظرات في اللغة عند ابن حزم، في أصول النحو، من تاريخ النحو، مذكرات في قواعد اللغة العربية... ينظر: التاريخ السوري المعاصر، تمّ الاسترجاع في: 28/1/2023
https://syrmh.com/2018/03/11 سعيد-الأفغاني
[iv] ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط.3، 1414 ه، ج 1، ص: 588.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق