♦ عماد جميل غملوش *
- ملخص عن البحث
تثبت الدراسات التاريخية وأعمال الآثار المتواصلة في مصر، أن فراعنة مصر غير عاديين، ولديهم أسرار لم تزل غر مكتشفة حتى يومنا هذا؛ فتراثهم الضخم مليء بالعجائب والكنوز والأسرار، ويصعب للمرء أن يتخيّل التاريخ من دونهم: من خوفو وهرمه، إلى عجائب امنحوتب وجمال كليوباترا وقوتها. وإذ لا يمكن القول إن أقدم حضارة في التاريخ هي حضارتهم، إلا أننا إذا بحثنا عن الكنعانيين والسومريين وجدنا المصريين بينهم، فقد ولدت تلك الحضارة من البحر المتوسط إلى افريقيا، ومن النيل إلى الصحراء، تاركةً آثارًا شامخة وكبرى مثل: الأهرام والمعابد والمقابر الملكية.
يعالج هذا البحث إذًا، جوانب من الاكتشافات الجديدة للحضارة الفرعونية، وبعض أسرارها التي لم تكن معروفة منذ فترة طويلة، منها تفاصيل عن المجتمع المصري آنذاك، ولاسيما واقع الأسرة والزواج والأولاد. وقد ركز البحث على زواج الفرعون ورعايته الأسرة، ولاحظ أن خليفة فرعون قد لا يكون من سلالة الدم نفسها، أو من أقربائه. كذلك أشار البحث إلى أن الفراعنة وإن عاشوا ملوكًا، فهم كانوا عاديين في الحياة الزوجية، وإن سجلوا تفوقًا من ناحية "الألوهية" والاعتقاد والتعامل مع البشر بفوقية، إلا أنه لا تُخفى قدرتهم على اكتساب خشوع الناس ومحبتهم لمئات السنين، ولعل أبرز برهان على ذلك إيمان الناس آنذاك بهم، وعملهم على بناء الأهرامات....
الكلمات – المفاتيح: التاريخ القديم، الفراعنة، مصر
*
"هبة النيل" هو الوصف الذي أطلقه أبو التاريخ "هيرودوت" (Herodotus) على حضارة مصر الفرعونية القديمة، وذلك بعد زيارة قام بها إلى مصر. وقد صدق الوصف بحيث لا يمكن تخيل وجود حضارة في مثل هذه الصحراء القاحلة لولا مرور نهر النيل فيها، المصدر الأساسي لحياة هذه الحضارة، بما يحمله من طمي وماء وخيرات. والنيل سبب وجودهم، ولكن هم أيضًا أحسنوا الاستفادة من النيل.
امتدت حضارة مصر الفرعونية من بلاد النوبة جنوبًا إلى المتوسط شمالًا، ومن سيناء والبحر الأحمر شرقًا وصولًا إلى الصحراء الليبية غربًا، هذا الامتداد لم يكن بالأمر السهل على الإطلاق، على الرغم من أن هذا الإطار الجغرافي المحدد ليس ثابتًا فقد توسعت الحدود المصرية لأكثر من ذلك بكثير. وكما اتسعت الحضارة المصرية مكانيًّا، كذلك امتدت زمانيًّا فمن حيث الاستمرارية والتواصل نحن أمام حضارة امتدت لآلاف السنين، إذ بحسب الآثار الكتابية هي برزت نحو 3200 ق.م. وصولًا إلى العهد الروماني الذي استمر بعد الميلاد. هذه الحضارة التي نحن بصدد دراسة بعض مسائلها، تعرضت لعدة غزوات كبرى وصغرى، وقيل فيها الكثير حتى أن اكتشاف أسرارها لم يكن منذ فترة طويلة على الرغم مما تركته من آثار شامخة وكبرى مثل: الأهرام والمعابد والمقابر الملكية.
إن الحضارة المصرية الفرعونية تعدّ من أغنى الحضارات على مستوى التاريخ، إن من حيث التطور (نسبيًّا) الذي وصلت إليه على مستوى العلوم (هندسة، طب، فلك، فيزياء، رياضيات، ملاحة و كيمياء) أو على مستوى الزراعة والصناعة والتجارة بشقيها الداخلي والخارجي. هذه الحضارة التي واجهت الكثير من الأعداء والمصاعب، استطاعت التغلب على أغلبها ابتداءً بالهكسوس وصولًا إلى الآشوريين والفرس والإسكندر المقدوني، وإنتهاءً بالرومانيين.
في هذه الحضارة يجد المرء أمة اعتقدت أن مؤسسها الأول مينا (متخذ لقب حورس= الصقر) هو الذي وحدها، بعد أن كانت مملكتين منفصلتين شمالية الدلتا (السفلى) وجنوبية الصعيد (العليا)، وكان لهذا التوحيد الدور الأبرز في إنطلاق هذه الحضارة نحو العالمية، إنها نقطة التحول التي غيّرت مصير مصر من مجرد أقاليم متفرقة لا تكاد تتفق على شيء، إلى أمة فرعونية جمعها النيل ووهبها الحياة.
وفيما بلغ اهتمام المصريين القدامى أقصى حده في كل المجالات، لم يغفلوا عن الدين والعقيدة بل أعطوها وافر اهتمامهم، إذ أدى الدين دورًا أساسيًّا في إضفاء القدسية على النظم السياسية الحاكمة في مصر.
ولكن يبقى السؤال مطروحًا: ما هو سرّ الفراعنة، فهل هم ملوك آلهة ورسل لها، أم هم أشخاص عاديون استطاعوا من خلال ذكائهم غير العادي ادعاء الألوهية والسير بها؟
ومن الناحية الاجتماعية: كيف قُسّم المجتمع المصري القديم إلى الطبقات؟ وما منشأ ذلك؟ وما النتائج التي أدى إليها هذا التقسيم؟ هل اهتم المصريون القدامى بالتربية والتعليم؟ وما هو دور المرأة في المجتمع المصري؟
(...)
***
* باحث لبناني في التاريخ القديم - رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية (الفرع الخامس)، ودكتور في كلية التربية - الجامعة اللبنانية
المصادر والمراجع
- إبراهيم، بكر محمد. (2007). غرائب وعجائب الفراعنة. القاهرة: مركز الراية للنشر والإعلام
- أمهز، محمود. (2011). في تاريخ الشرق الأدنى القديم، ط. 2. بيروت: دار النهضة العربية
- باقر، طه. (2011). مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة (حضارة وادي النيل). بغداد: شركة دار الوراق للنشر
- بدوي، أحمد والمختار، جمال. (1974). تاربخ التربية والتعليم في مصر العصر الفرعوني. القاهرة: الهيئة العامة المصرية للكتاب
- بهران، محمد بيومي. (1999). الثورة الاجتماعية الأولى في مصر الفراعنة. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية
- حواس، زاهي. (2017). الأسرة أيام الفراعنة. الجيزة: دار نهضة مصر للنشر
- ديماس، فرنسوا. (1998). آلهة مصر. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب
- ديورانت، ويل. (2008). قصة الحضارة. (محمد بدران، المترجم). بيروت: دار نوبيليس
- عبد الساتر، لبيب (1986). الحضارات. بيروت: دار المشرق
- علي، رمضان عبده. (1999). حضارة مصر القديمة. القاهرة: المجلس الأعلى للآثار
- العيسوي، محمود. (1991). الأسرة في المجتمع المصري القديم. الإسكندرية: دار القلم
- عيسى، هيام. (2018). تاريخ مصر الفرعونية وحضارتها. صيدا: مكتبة النبيل (كراس جامعي)
- النشار، مصطفى. (1998). الخطاب السياسي في مصر القديمة. القاهرة: دار أنباء للطباعة والنشر
- يونيم، ماري أنج. (2007). الفرعون وأسرار السلطة، ط.1. (فاطمة محمود، مترجمة). القاهرة: المركز القومي للترجمة
- الأجنبية:
- Dr. Binod Bihari Satpathy. (بلا تاريخ). Ancient civilization
- James Taylor. (1979) an introduction to ancient eygpt. London: British museum publication
- Quirke, s. (2015). Exploring religion in ancient egypt. oxford: Wiley Blackwell
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق