♦ جاكلين إلياس أيوب
نبذة عن البحث
إن ظاهرة انعدام الجنسية في لبنان بقيت وحتى بدايات القرن الواحد والعشرين، قضية يتيمة على كل الأصعدة المحلية والدولية، كما لم تحظ باهتمام الكثير من الباحثين الأكاديميين الاجتماعيين والنفسانيين، فالدراسات اقتصرت على بعض الأبحاث القانونية اليتيمة، على الرغم من أنَّنا نجد في لبنان شريحة من هؤلاء، ليس لهم سجلات قيود، فهم بذلك من فئة عديمي الجنسية أو مكتومي القيد، فيولد هؤلاء ويعيشون ويموتون، من دون أن يكون لديهم أو لدى السلطات الرسمية أي شيء يثبت وجودهم على الأراضي اللبنانية، ما خلا إفادات مختار المحلة.
وتوجد في لبنان فئتان أساسيتان من عديمي الجنسية: الفئة الأولى، وتعرّف بـ"مكتومي القيد"، وهي تشمل العدد الأكبر من عديمي الجنسية، وأفرادها لا وجود قانوني لهم بتاتًا أمام القانون والسلطات. أما الفئة الثانية من عديمي الجنسية في لبنان، المعروفون بـ"قيد الدرس"، فهي فئة لها وجود قانوني، وتتمتع ببعض الحقوق الأساسية، وأهمها الوجود القانوني وبعض الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، لكن ملامحها وتاريخها والحلول لمشاكلها، ما زالت عرضة للتأويلات والتفسيرات المتعددة، كما لا تزال فئة "قيد الدرس"، ومنذ عشرات السنوات تتكاثر وتتوالد من جيل إلى آخر.(حبيب وطراد، 2016)
مما لا شك فيه، أن الدراسة الحالية تسلّط الضوء على هذه الفئة من مكتومي القيد لا سيما في مرحلة الشباب، وذلك بهدف معرفة مشاعر الاغتراب الاجتماعي، وقلق المستقبل لديهم، لا سيما أن الفئة الشبابية تتميز بالطموح وتحديد الأهداف، والسعي لتحقيق الذات عبر تحمل المسؤوليات والتخطيط للمستقبل والسعي للاستقلالية عبر بناء عائلة. لذلك، نرى صعوبة هذه المرحلة عند الشباب اللبناني المكتوم القيد المحروم من أدنى حقوقه، وأقله الاعتراف قانونيًّا بوجوده، وتحقيق طموحاته أسوة بغيره من الشباب، في الوظيفة والزواج، والاقتراع...
الأهمية النظرية: تبرز أهمية الدراسة الحالية من خلال تسليط الضوء على مشاعر الاغتراب الاجتماعي، وقلق المستقبل لدى فئة مهمة وكبيرة من المجتمع اللبناني، ألا وهي فئة مكتومي القيد لا سيما في منطقة وادي خالد في شمال عكار، الذين يعانون العديد من الصعوبات الاجتماعية والنفسية والعلائقية، نتيجة بعض القوانين التي تعيق استحصالهم على الهوية اللبنانية، وبالتالي الحصول على الحقوق الأساسية والضرورية لكلّ فرد، الأمر الذي يعطي الدراسة أهمية خاصة تحمل في طياتها قيمة نفسية واجتماعية، بالإضافة إلى أنها الدراسة النفسية الأولى، حسب حدود علم الباحثة، التي أجريت مع مكتومي القيد في لبنان بشكل عام وفي وادي خالد بشكل خاص.
الأهمية التطبيقية: وتتجلى في النقاط التالية:
· معرفة مشاعر الاغتراب الاجتماعي عند الفئة الشبابية من مكتومي القيد في منطقة وادي خالد، بالإضافة إلى التعرف على قلق المستقبل لديهم.
· تسليط الضوء على الحالة النفسية عند هذه الفئة الشبابية التي تعدّ نبض المجتمع، والعمل على تحسين أوضاعهم.
· يمكن أن تسهم هذه الدراسة في حثّ المعنيين على إعطاء أبسط الحقوق لهذه الفئة اللبنانية المهمشة في وادي خالد بصورة خاصة، وفي لبنان بصورة عامة.