Al-Hadatha Journal: 31 years of communication - Welcome to the site (under construction). Here we publish Abstracts of research

بحث - Search

مجلة الحداثة: 31 عامًا من التواصل - أهلا بكم في الموقع الترويجي (قيد الانشاء) ننشر هنا ملخصات عن الأبحاث

المشاهدات

لمحات من الموسيقى في العصر الأندلسي

حديقة زرياب، صورة مصغرة من القرن السادس عشر الميلادي

غنوا عبد الكريم صباغ *


- نبذة عن البحث


لا تزال الأندلس تحتاج إلى مزيد من البحوث، والدراسات العميقة التي تعالج مختلف ملامح حضارتها، ومظاهر الحياة فيها، وذلك على الرغم من كلّ الجهود التي بذلها علماء التاريخ، ومؤرخو الأدب والفلسفة والفن، وغيرهم من المهتميّن بالدراسات الأندلسيّة.
قد يعترض البعض من المسلمين أو الأغلب، على الموسيقى والغناء، اعتمادًا على ما فسرّت به بعض الآيات القرآنيّة كقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾([i]). حيث فسّرت "لهو الحديث"، بالغناء. لكن وعلى الرغم من هذا التفسير، ظلّت الموسيقى تمخر في عباب الحواجز، مطوّرة نفسها، إلى أنّ وصلت إلى ذروة التقدّم.
والموسيقى فنّ يهتّم بعناصر التأليف والإيقاع والغناء والطرب، ويستطع الفنان أنّ يموسق كلّ شعر بنغم ولحن وإيقاع.
وتعدّ الموسيقى من "الفنون القديمة التي عرفها الإنسان، ولا توجد أي معلومات حول أصلها بشكلّ دقيق، لكن من المؤكد أنّ بداياتها كانت معتمدة على الأصوات الخاصة بالطبيعة، أي التي تصدر من العناصر والكائنات الحيّة التي تعيش في الطبيعة، مثل: أصوات الأشجار والطيور، والأنهار، والحيوانات، وغيرها من الأصوات الأخرى، ومن ثم لاحظ الإنسان وجود هذه الأصوات، واستخدم النفخ بالأنابيب المصنوعة من القصب، لإصدار الصوت، ومع مرور الوقت صارت الموسيقى جزءًا من حياة الإنسان، وأصبحت تستخدم في العديد من المجالات، مثل تعزيز الشجاعة عند الجيوش في الحروب، واستخدامها نوع من أنواع التعلّم في المعاهد الموسيقيّة ([ii]).
يهدف هذا البحث إذًا، إلى دراسة جانب ثقافيّ وحضاريّ، لعلّه من أهمّ الجوانب التي أبدع فيها العرب والمسلمون، بما أتيح لهم من تفوّق على جميع المستويات العلميّة منها خاصة، وهذا الجانب هو الموسيقى في الأندلس.
ونظرًا لقلة الوثائق المدونة التي يرجع أقدمها إلى القرنين التاسع، والعاشر الميلاديين، وهي في جملتها متصّلة بالموسيقى الكنسيّة من جهة، وبالموسيقى الشعبيّة من جهة ثانيّة، وحتى حين توجد الوثائق، فإنّها في حدّ ذاتها، والمرتبطة منها بالنمط الشعبي خاصة، تثير بعض الغموض، ولا سيما في ما يتعلق بالتلوينات الإيقاعيّة، وأشكال التوزيع والأداء الآلي والصوتي، بالإضافة إلى ما كانت تقوم عليه من حريّة في الإبداع، الذي غالبًا ما كان يميّزه الارتجال والعفويّة، متأثرًا بما تقتضيه المناسبة والظروف، وبما تسمح به طاقة الفنان.
ويثبت البحث التاريخي والفني في الموسيقى الأوروبيّة، أنّها كانت قبل اتصالها بالموسيقى العربيّة الإسلاميّة، تتمثل في ألوان محليّة شعبيّة رومانيّة في طابعها، متأثّرة بالكنيسة الشرقيّة. وقد كان الغناء الديني، يشكّل إحدى السمات البارزة للغناء الذي كان معروفًا في أوروبا، طوال هذه المرحلة المبكرة، وهو المنسوب إلى البابا كريكوار أسقف روما من 590 إلى 604م ([iii]).
ولا شكّ "أنّنا حين نقول الموسيقى الأوروبيّة، فإننّا نقصد موسيقى الأقاليم التي كانت تشكّل الجزء الحي من هذه القارة، وخاصة إيطاليا واليونان وأسبانيا والبرتغال وفرنسا، أي الجزء الجنوبي الذي كان على صلة بحوض البحر المتوسط الذي كان بدوره، مجال حركة حضاريّة ثقافيّة منذ الفينيقيين والقرطاجيين"([iv]).


- إشكالية البحث


ترتكز إشكالية البحث على: ما مدى تأثير الموسيقى في العصر الأندلسي، ومدى تفاعلها مع الأندلسين؟ وهل أدت الموسيقى برائدها "زرياب" (789–857م) وغيره، دورها في تحديد هويّة هذا الفن، والثقافة الموسيقيّة؟ وبالتالي، ما مدى ارتباط الثقافة الموسيقيّة بالواقع الثقافي والاجتماعي في الأندلس، ولا سيما بالجانب الشعري مع بروز فن الموشحات؟

- أهمية البحث وعوائقه


الموسيقى في حدّ ذاتها، كلمة تدغدغ المشاعر وتبعث فيها تجدّد الحياة، وبما أنّي من عشّاق الموسيقى، ولأهميّة الموضوع، واهتمامي بالفن، لا سيّما بالفنّان زرياب، ولما كان له من دور إبداعي في هذا الحقل، ولحبّ اطلاعي على تطوير الموسيقى في العصر الأندلسي، وتطوّر الشعر فيه، وتشعبه كالموشّح والزجل، قمت بهذا البحث، هادفة إلى دراسة إطار زمني ومكاني محدّدين، حيث تمّ الاختيار لعصر محدد كحقبة تاريخيّة من تاريخ العصور الاسلاميّة، لتبرز جوانب من حركة النشاط الموسيقي في ذلك العصر.
ومنذ البدايّة اعتقدت أنّ ما من عمل ينجز، إلاّ وتعترضه طائفة من العوائق التي كان من أهمها:
- عدم اهتمام الباحثين والنقّاد والدارسين بموضوع الموسيقى في العصر الأندلسي، كمادة مستقلة، تبقي هذا الأثر مزروعًا في نفوس الأجيال القادمة.
- افتقار المكتبة اللبنانيّة لمثل هذا العمل، ما دفعني لأكون واحدة ممّن يغنون المكتبة، علّني أسهم في الاضاءة، ولو بشكل جزئّي، على هذا الموضوع.

- المنهج المتبع


المنهج هو وليد شرعي، وطبيعي لظروف تاريخيّة وحضاريّة معيّنة، ومن ثمّ فهو لا يمتلك كفايّة إجرائيّة مطلقة، بحيث يمكن تطبيقه في كلّ العصور والأمكنة، بغض النظر عن حجم الفروق والأخلاقيات التي تفصلها عن ظروف النشأة والميلاد التي كان المنهج ثمرة لخصوصيتها ([v]).
وكي لا ندخل في متاهات المناهج الحديثة، فإنّ طبيعة بحثي أو مقالي، تفرض علّي الالتزام بالمنهج التاريخي، إذ "يعدّ هذا المنهج من المناهج النقديّة الأكثر ظهورًا في العصر الحديث، فقد ارتبط بالفكر الإنسانيّ، وبالتطوّر الأساسّي له، وانتقاله من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، وانبثق المنهج التاريخي داخل المدرسة الرومانسيّة" ([vi]).
وما يهمنا في هذا المنهج هو الجانب المتعلق بدراسة العوامل المؤثرة في الأدب، بعبارة أخرى، أنّ الطابع التاريخيّ والسياسيّ والاجتماعيّ، ملازم لفهم الأدب وتفسيره. لذا لا يكون الأديب عبقريًا لو تقدّم عصره، أو تأخّر عنه، ما دامت عوامل البيئة قد وجّهته، وأفرزته إلى هذه الوجهة ([vii]).
كذلك، رصد مسار حركيّة صورة الموسيقى في الأندلس وتطورها، "مما قد يراه الشخص جميلًا في مرحلة الصبا، أو الشباب، قد لا يراه جميلًا في مرحلة الشيخوخة، فالإحساس بالجمال في نظرهم إحساس نسبي، تؤثر فيه عوامل شتّى"([viii]).

(...)

***


* حائزة شهادة دكتوراه في التاريخ - الجامعة اللبنانية


[i] القرآن الكريم، سورة لقمان، آيّة 6.
[ii] سيما أبو رموز: حكم الموسيقى في الإسلام، القدس، فلسطين 2005 م.
[iii] Charles Nef, Histoire de la musique (Rayot-paris) 1948.p.31
[iv] عباس جرادي (أستاذ الأدب المغربي في جامعة الرباط): أثر الأندلس على أوروبا في مجال النغم والايقاع، عالم الفكر، ص 13، 1981
[v] د. محمد علي مقلد: محاضرة لطلاب الدبلوم في الجامعة اللبنانيّة، صيدا 20/4/1996
[vi] بسام قطوس: المدخل إلى مناهج النقد المعاصر، دار الوفاء للطباعة، الإسكندريّة، ط1، ص 42، 2006
[vii] ماهر فهمي: المذاهب النقديّة، مكتبة نهضة مصر، القاهرة، ط1، ص 181
[viii] شوقي ضيف: في النقد الأدبي، دار المعارف، القاهرة، ط5، ص 88 ،1977 م


الحداثة - 201/202 - صيف 2019 AL- HADATHA - SUMMER

ISSN: 2790-1785

اقرأ أيضًا

تعليقات القرّاء

راسلنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

تصنيفات وأعداد

Al Hadatha (975) أبحاث في الأدب واللغة (349) أبحاث في الثقافة الشعبية (245) أبحاث في العلوم الاجتماعية (179) أبحاث في الفنون (167) أبحاث في التاريخ (123) أبحاث في التربية والتعليم (108) أبحاث في العلوم السياسية والاقتصادية (77) أبحاث في علم النفس (61) مراجعات (59) أبحاث في الفلسفة (55) صيف 2019 (42) شتاء 2020 (38) محتويات الأعداد (38) خريف 2020 (37) ربيع 2020 (37) افتتاحية الأعداد (36) خريف 2019 (35) صيف 2020 (35) خريف 2023 (34) ربيع 2024 (34) شتاء 2024 (33) أبحاث في الآثار (32) الحداثة : أعلام (32) أبحاث في الإعلام (31) شتاء 2021 (31) خريف 2016 (26) شتاء 2017 (25) الحداثة في الإعلام (23) ربيع 2021 (23) صيف 2018 (23) صيف 2023 (23) نوافذ (23) خريف 2018 (22) ربيع 2022 (22) صيف 2017 (22) شتاء 2022 (21) خريف 2021 (20) ربيع 2017 (20) ربيع 2023 (20) صيف 2021 (20) أبحاث في القانون (19) شتاء 2019 (19) خريف 1994 (18) أبحاث في كورونا (covid-19) (17) صيف 2022 (17) خريف 2001 (16) خريف 2022 (16) شتاء 2023 (16) أبحاث في العلوم والصحة (15) ملف الحداثة (15) ربيع 2019 (12) شتاء 2000 (12) شتاء 1996 (11) شتاء 2018 (11) خريف 1995 (10) ربيع 2015 (10) أبحاث في الجغرافيا (9) خريف 2004 (9) صيف 1997 (9) خريف 2017 (8) ربيع 1999 (8) ربيع 2016 (8) ربيع وصيف 2007 (8) شتاء 1998 (8) شتاء 2004 (8) صيف 1994 (8) صيف 1995 (8) صيف 1999 (8) أبحاث في الإدارة (7) شتاء 1999 (7) شتاء 2016 (7) خريف 1996 (6) خريف 1997 (6) خريف 2013 (6) ربيع 2001 (6) شتاء 1995 (6) شتاء 2013 (6) صيف 2000 (6) صيف 2001 (6) صيف 2002 (6) خريف 1998 (5) خريف 2000 (5) خريف وشتاء 2003 (5) ربيع 1996 (5) شتاء 1997 (5) صيف 2003 (5) صيف 2009 (5) ربيع 2002 (4) شتاء 2011 (4) صيف 1996 (4) صيف 2008 (4) خريف 2003 (3) خريف 2009 (3) خريف 2010 (3) خريف 2015 (3) خريف شتاء 2008 (3) ربيع 1995 (3) ربيع 1998 (3) ربيع 2000 (3) ربيع 2003 (3) ربيع 2012 (3) ربيع 2018 (3) شتاء 2001 (3) شتاء 2010 (3) صيف 1998 (3) صيف 2005 (3) صيف 2010 (3) صيف 2014 (3) صيف خريف 2012 (3) العدد الأول 1994 (2) خريف 1999 (2) خريف 2005 (2) خريف 2014 (2) ربيع 2006 (2) ربيع 2011 (2) ربيع 2013 (2) ربيع 2014، (2) شتاء 2005 (2) شتاء 2012 (2) شتاء 2014 (2) شتاء 2015 (2) صيف 2006 (2) صيف 2011 (2) صيف 2013 (2) صيف 2015 (2) الهيئة الاستشارية وقواعد النشر (1) خريف 2011 (1) ربيع 2004 (1) ربيع 2005 (1) ربيع 2009 (1) ربيع 2010 (1) ربيع 2014 (1) شتاء 2007 (1) صيف 2004 (1) صيف 2016 (1) فهرس (1994 - 2014) (1) مجلدات الحداثة (1)

الأكثر مشاهدة