♦ فريد إمام عثمان *
نبذة عن البحث
امتدّت أحداث رواية "عين الجوزة"[1] للكاتب والأكاديمي اللبناني الدكتور إبراهيم فضل الله، ما يقارب سبعة عقود من الزمن، في إحدى القرى اللبنانيّة الجنوبيّة، مع ما جاورها من قرى وأحراش ومزارع. وتركّزت تلك الأحداث في أجواء الحرب والاحتلال والمقاومة، منذ الاحتلال الفرنسيّ للبنان، حتّى الاحتلال الصهيونيّ، بعد اندلاع الحرب الأهليّة في لبنان، في الربع الأخير من القرن الماضي، وهي مرحلة حاسمة من تاريخ لبنان الحديث. وتحدّثت، أيضًا، عن هموم المواطن اللبنانيّ بشكل عامّ، والجنوبيّ على وجه الخصوص، كذلك عن تطلّعاته، وتضحياته المتكرّرة، وتصدّيه للممارسات الصهيونيّة الظالمة التي تعرّض لها، لهذا السبب، تستحقّ هذه الرواية أن تُفرد لها دراسة مستقلّة، تتناول بناء الشخصيّة، مع ما تحمل من دلالات نفسيّة واجتماعيّة.
رأينا أنّ من المناسب اعتماد المنهج النفسي الذي ينظر إلى النصّ السردي بوصفه وثيقة نفسية تكشف عن اللاوعي فيه، وهكذا يسعى المنهج النفسي إلى الكشف عن النص الأولي الذي أملى على الكاتب نصّه المكتوب[ii] من أجل الكشف عن الأسباب الكامنة خلف معالجة الشخصية لقضاياها، وكيفية إدارة صراعها مع الآخرين، ونحاول من خلال المنهج النفسي سبر أغوار الشخصيّة والكشف عن مكنوناتها وما يترسب في داخلها من قضايا واعية أو غير واعية، ونرتكز على المنهج الاجتماعي في معرفة الأبعاد التي تنطلق منها الشخصية في إدارة صراعها مع البيئة التي تعيش بين ظهرانيها، والبعد الثقافي التي تنطلق منها هذه الشخصية، ونسترشد في هذه الدراسة بمنهج السرديات متكئين على نظرية غريماس (Greimas) في العوامل، لأنها تتيح إمكانيّة استقراء الأحداث، والنفاذ إلى أبعادها المتنوعة.
ترتكز الرواية الأدبيّة على الشخصية ولأهميّة الشخصية في الرواية فقد سميت الروايات بشخصياتها ومن منطلق دراسة بناء الشخصيّة التي تشكّل الركن الرئيس في الرواية، وهذا ما "أهّل الشخصية أن تكون صورة دقيقة، أو قريبة من الدقّة، لحقيقة المجتمع وواقعه"[iii].
تشكّل الشخصيّة الروائيّة جزءًا من المتخيل ولهذا من المفيد أن ندرس بناء الشخصيّة في رواية "عين الجوزة"، من خلال ثلاثة محاور:
يتناول المحور الأول بناء الشخصيّات في الرواية، مع ما تحمل من دلالات نفسيّة واجتماعيّة، وعلاقتها بالأرض وبالآخرين، والمحور الثاني يتناول هويّة الشخصيات من رئيسة وأساسيّة وثانويّة، مع الحديث عن الدلالات، كما في المحور الأوّل، وخُصّص المحور الثالث لمعالجة آليّة الصراع وتحقّق الذات، ثم تنتهي الدراسة بكلمة أخيرة تُبيّن ما أمكن الخلوص إليه من نتائج.
(...)
***
* باحث من لبنان - دكتور في كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الجامعة اللبنانية
- رواية عين الجوزة، صادرة في بيروت عن دار الفارابي 2013
[1] زيتون، علي مهدي: أدبية الرواية في ضوء المنهج الثقافي السيمائي. بيروت، دار المواسم، ط1، 2016
[ii] را، فضل الله، إبراهيم: علم النفس الأدبي، ط1، 2011، دار الفارابي، ص: 95
[iii] مرتاض، عبد الملك: في نظرية الرواية. الكويت، عالم المعرفة، ع 240، 1998، ص 96
مجلة الحداثة عدد 201/202 - صيف 2019