♦ حسين قاسم دياب *
نبذة عن البحث:
فكك العديد من المفكرين والفلاسفة العرب والمسلمين واقع العقل العربي والإسلامي وبنيانه، وعلى رأسهم المفكر المغربي محمد عابد الجابري(*) من خلال رباعيته الشهيرة (نقد العقل العربي)، والجزائري محمد أركون(*) من خلال مشروعه (نقد العقل الإسلامي)، والسوري جورج طرابيشي من خلال مشروعه (نقد النقد)، وآخرون. فيقولون إن الانسان العربي لا يزال يعاني على مستوى الفكر والثقافة، استشراء اللاعقل والأسطورة على العقل، والأيديولوجية على المعرفة العلمية، وانحلال العلاقات الاجتماعية على قيم ومكارم الأخلاق، وطغيان الفساد والاستبداد على العدل والمساواة في الممارسة السياسية.
وإذا كانت الحداثة عبارة عن استراتيجية شمولية يتبعها العقل من أجل السيطرة على كل مجالات الوجود والمعرفة والممارسة، عن طريق اخضاعها لمعايير الصلاحية او عدمها بحسب تعبير "يورغن هابرماس(*)" (Jürgen Habermas)، فإن المجتمعات العربية والإسلامية تجد نفسها اليوم أمام إشكالية تطرح التساؤل عن نوعية الفكر الذي تحتاج إليه لننهض بالعقل الذي نبتغيه ونطمح إليه، وهل يمكن بناء نهضة بغير عقل ناهض؟
حاول الفكر العربي والإسلامي وما زال، أن يجعل من فكرة النهوض بالعقل العربي والعقل الإسلامي مهمته الأساسية، في إطار تحديث آليات التفكير ومناهجه، ومختلف استراتيجياته من أجل عقل حداثي تنويري يتجاوز كل الهفوات التي سقط فيها الفكر من قبل، وهو يحاول كما الفكر الإنساني عامة، البحث عمّا يحقق للإنسان العربي والإسلامي هويته الثقافية والفكرية والسياسية والأخلاقية والتاريخية وحتى حريته وكرامته الإنسانية، فوجد نفسه يتخبط في مشكلات عديدة، وامام أقفال موصدة قادته إلى الدخول في مدارك البحث عن حلول لها، سواء عن طريق مقارعة أسباب التقدم والنهضة في الغرب والاقتباس منها حينًا، أو عن طريق العودة إلى أصول الثقافة العربية والإسلامية عبر التأريخ حينًا آخر (إنها محولات دؤوبة للربط بين التقعيد والتعقيد)، وأيا كانت الطرق المعتمدة فإن مهمة الفكر العربي والإسلامي المعاصر تبقى محصورة في اتجاه احادي يستدعي سبيل اللحاق بالركب الحضاري وركب الحداثة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفلسفية والأدبية كما عرفها ويعرفها الغرب.
عادة ما تتوالف الاشكالية مع سؤال ينهل المتن إلى الإجابة عنه، لكن في تقديمنا هذا سنطرح السؤال بداية، وبناءً عليه تكون لنا بنائية الاشكالية ذات العلاقة بين اللاتقايس من المفاهيم. فالسؤال هو: هل أن تخلف الفكر العربي الإسلامي هو من تخلف الواقع أو من تخلف الذات؟ أما الاشكالية التي يمكن بناؤها: ما هي علاقة الذات العربية المفكرة بالمحيط التكويني؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق