محاسن عبد اللطيف الشامي
- نبذة عن البحث
تشير كل الدلائل إلى الشوط الكبير الذي قطعته الرواية العربية حتى اليوم؛ فالرواية بدأت تحتل مكانها المرموق بين سائر الأنواع الأدبية في العالم العربي، وأضحت الرواية اليوم الوحيدة القادرة على التعبير عن تعقيدات الحياة في عصر لم يعد الشعر فيه ديوان العرب، وصار الركون إلى الشعر نوعًا من الروحانية والهروب من الواقع، وهكذا أصبحت الرواية بلا منازع أقدر الفنون الأدبية على نقل صورة الواقع بكل طموحاته وأحلامه وهواجسه ومخاوفه.
لا بد للرواية من عناصر حتى يقوم بناؤها، هذه العناصر هي الزمان والمكان والأشخاص. ونحاول من خلال هذا العمل الاطلال على رواية "عودة الطائر إلى البحر" لحليم بركات، ونحاول دراسة التقنية الزمنية التي اعتمدها حليم بركات في بناء روايته.
ولا بدّ لنا من أن نبدأ بحثنا بحديث مقتضب عن هذه الرواية، ننتقل بعدئذٍ لمعالجة الزمن فيها، متوقفين عند التقنيات الزمنية التالية:
1- الرجعات
2- الاستباقات
3- التواتر
4- المشاهد
5- الوصف والوقف.
محاولين أن نتبين كيف استخدم الكاتب هذه التقنيات في روايته "عودة الطائر إلى البحر".
2- رواية "عودة الطائر إلى البحر":([i])
تتناول هذه الرواية حياة مجموعة من الأشخاص في فترة زمنية محددة هي الأيام الخمس لحرب حزيران 1967 (النكسة) ولعل الشخصية الرئيسة في هذه الرواية هي شخصية "رمزي الصفدي" وهو أستاذ جامعي يعيش في بيروت ويُدرّس في إحدى جامعاتها، وكثيرًا ما يلجأ الراوي إلى هذه الشخصية ليعبر عن الأحداث من منظوره الخاص أو كما يراها، وذلك من خلال حوارات داخلية تقيمها هذه الشخصية باستمرار مع نفسها، وموضوع هذه الحوارات هو الأحداث التي تجري في الرواية.
وفي الرواية شخصيات أخرى كشخصيات "عزمي عبد القادر" و"طه كنعان" و"خالد عبد الحليم" وهي شخصيات تعيش في فلسطين وترى المأساة من الداخل. ويلجأ الراوي إلى هذه الشخصيات لسرد الأحداث الفعلية التي وقعت في الرواية، كما يلجأ إليها في كثير من الرجعات إلى مرحلة النكبة 1948، ليوضح ما حدث وتأثيره في أحداث الرواية.
هذا بالإضافة إلى شخصيات: تلامذة وزملاء رمزي الصفدي في الجامعة وعائلات الشخصيات الأخرى التي تسهم بدورها في تفعيل عملية الحوار وكشف الأحداث في الرواية.
وفي الرواية اعتماد كبير على الأسطورة – خصوصًا الإغريقية – التي يستخدمها الراوي ليعبر من خلالها عن القضية الفلسطينية.
ومن الشخصيات المهمة في الرواية والتي يساهم وجودها في تفعيل الحوار وتحليل الأحداث صديقة "رمزي الصفدي" الأمريكية "باميلا".
يصوّر الكاتب في هذه الرواية حالة الشارع العربي أثناء النكسة من خلال هذه الشخصيات، ويذكر الأحداث السياسية التي جرت بالفعل في العالم العربي أثناء تلك الفترة، ويحاول الكاتب رسم الوجع الذي تركته تلك الحرب في نفوس العرب والفلسطينيين، كيف لا والكاتب شاهد بأم عينيه تدفق جموع اللاجئين إلى لبنان كما قابل الكثير منهم وسألهم عن تجربتهم ومشاهدتهم.
(...)
***
* باحثة لبنانية. تُعدّ أطروحة دكتوراه في اللغة العربية وآدابها في المعهد العالي للدكتوراه - الجامعة اللبنانية
[i]- حليم بركات، عودة الطائر إلى البحر، دار النهار بيروت،1969
- المصادر
1- حليم بركات ، عودة الطائر إلى البحر، دار النهار بيروت 1969.
- المراجع
1- إبراهيم خليل، بنية النص الروائي، الدار العربية للعلوم، ناشرون، بيروت، ط 1، 2010.
2- بول ريكور، الزمان والسرد التصوير في السرد القصصي، ترجمة فلاح رحيم، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط1، 2006.
3- بول ريكور، الزمان والسرد الحبكة والسرد التاريخي، ترجمة سعيد الغانمي، وفلاح رحيم، دار الكتاب الجديد، بيروت، ط1، 2001.
4- سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 1988.
5- غاستون باشلار، جدلية الزمن، ترجمة خليل أحمد خليل، دار مجد، بيروت، ط1، 1982.
6- متري بولس، في الفن القصصي، بيروت 2001، ط1.
7- متري بولس، محاضرات ألقيت في جامعة الروح القدس- الكسليك، على صف الدراسات المعمقة 2005.
8- مجلة الآداب، العدد7/8 تموز آب، 1997.
9- محمد سالم، محمد الأمين الطلبة، مستويات اللغة في السرد العربي المعاصر، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط1، 2008.
مجلة الحداثة - عدد 203/204 - خريف 2019
