بلغت مجلة الحداثة من العمر، مع عددها (197/198) 25 عامًا، إذ انطلقت في العام 1993 (ترخيص وزارة الاعلام 230 ت 21/9/1993) بمجهود شخصي من قبل صاحبها ورئيس تحريرها فرحان صالح، وقد شاركه في الحلم، مجموعة من الأصدقاء المثقفين والأكاديميين الحالمين مثله بمجلة تمدّ جسرًا من التواصل البنّاء بين التراث العربي العلمي والثقافي والفكري والاجتماعي والشعبي، وحداثتهم عبر مستوياتها المختلفة.
هناك من يواكب المجلة منذ العدد الأول حتى اليوم، وهناك من غادرها إلا أن عينه الساهرة لا تزال ترعاها من السماء، وهناك من رأى أن أحلامه قد تغيرت وتبدلت، فتركها إلى غير مكان ...
مهما يكن، وعلى الرغم من العواقب التي واجهتها المجلة، ولاسيما المادية منها، إذ توقفت غير مؤسسة عن دعمها ولم تجدد اشتراكها السنوي...، استمرت الحداثة بتحقيق حلمها، وترسيخ وجودها في المشهد الثقافي اللبناني والعربي والعالمي، عبر جهود المخلصين والحالمين مثلها، ولاسيما عبر دعم فردي من قبل شريحة من المثقفين والأكاديميين، الراغبين والمؤمنين بالمجلة، وبخطّها الثقافي، وبضرورة استمرارها. وإذ تتقدم المجلة، بالشكر لكل فرد وقف إلى جانبها، معنويًّا وماديّا، تعدهم بأنها ستبقى الحداثة المجلة الفصلية الثقافية المحكّمة التي تُعنى بالتراث الشعبي والحداثة.
Lebanese press coverage of the Palestinian Day of Return - professional and political factors influencing the news industry (Al-Akhbar and Al-Jumhuriya newspapers as a model, dated May 15, 2018)
وتكُرُّ الأيّامُ سراعًا، وتمُرّ السنونُ عِجالًا... ومجلّة الحداثة ماضيةٌ في جادّتها الثقافيّة، غيرَ قافيَةٍ البُنَيّاتِ والتُّرَّهاتِ، ولا سالكةٍ الشّعابَ والثنايا، ثابتة الخُطَى، مرفوعة الرأس... فكم سِنِينٍ سلختْ وهي تشعّ بنور المعرفة من الشرق نحو الغرب؛ من بيروتَ، حسناءِ المدن العربيّة، في كلّ الْمَناكِب والأرجاء!...
لقد رفعت مجلّة الحداثة شعار «حوار المشرق والمغرب» الذي نحن ما أشدَّ حاجتَنا إليه، بعد شيوع القطيعة في هذا العهد الْمَشين الذي نعيشه فلا يكاد عربيّ يتحاور مع عربيّ آخرَ إلاّ بالسّلاح الذي أمسى، بنعمة الله، وعلى حين بغتةٍ من الدهر الناعس، اللغةَ المفضَّلة في التعامل بين العرب، فإذا دماوُهم تتفجّر أنهارًا، وإذا الأطفالُ العرب، في بعض الأقطار، يقْضون جوعًا وظمأ ولا من رحيم، ولا مِن مُغيث... فبأيّ ذنْب يموت هؤلاء الصبيةُ مرَضًا وغَرَثًا؟ وماذا يجري بين هؤلاء العرب، عربِ المشرق خِصِّيصَى؟ وما هذا الانقلاب الذي أمسَى يسِم حياتَهم بالحقد، ويملؤها بالْقِلَى، ويطبعها بالشَّنآن؛ فإذا لا شيءَ أحبُّ إلى العربيّ مِن أن يحمل سلاحًا ويقتل به عربيًّا آخرَ تحت ذرائع تافهة، وأسباب واهيَة؟ وهل لهذا